حرائق غابات هاواي تُشعل أمريكا.. الأسوأ في تاريخها
تسببت حرائق جزيرة ماوي، إحدى جزر "هاواي الأمريكية"، في خسائر فادحة وضخمة في الأرواح والمُمتلكات، في حادث آخر يُشير إلى خطورة التغير المناخي وتداعياته على البيئة، ولا يزال المئات في عداد المفقودين، بينما يملأ مئات آخرون ملاجئ المنطقة بعد فرارهم من ألسنة النيران، كما تُواصل فرق البحث والإنقاذ عملياتها للبحث عن الجُثث، إذ يتوقع أن يزداد عدد الضحايا والمُصابين في واحدة تعد من أسوأ الكوارث الطبيعية التي حدثت في البلاد.
ومع وفيات "كبيرة" بلغ عددها 53 حالة، أصبح حريق غابات مدينة لاهاينا التاريخية ثاني أكثر حرائق دموية في الولايات المتحدة مُنذ قرن، بعد حريق "كامب فاير" في كاليفورنيا "الولاية الذهبية"، الذي قتل 85 شخصًا في عام 2018، وقالت السلطات، إنها سيطرت على حرائق الغابات التي اجتاحت لاهاينا الآن بنسبة 80 في المئة، بينما يُحرز رجال الإطفاء أيضًا تقدمًا في مكافحة حريقين رئيسيين آخرين في الجزيرة.
ولا يزال آلاف الأشخاص نازحين، بينما يظل نحو 11 ألف شخص من سكان ماوى دون كهرباء، بعدما وصلت الحرائق إلى الطرق السريعة، وتوغلت في الأحياء، ودمرت المنازل والشركات.
حرائق الغابات الشديدة
وقالت جينيفر مارلون، باحثة ومحاضرة في كلية ييل للبيئة، لشبكة CNN: «من الغريب جداً أن نسمع عن حرائق الغابات الشديدة في هاواي -جزيرة استوائية رطبة- لكن الأحداث الغريبة أصبحت أكثر شيوعاً مع تغير المناخ».
وتسارعت وتيرة اشتعال الحرائق في مدينة لاهينا الواقعة بجزيرة ماوي بسبب الرياح العاتية من إعصار دورا، مع ظروف الجفاف الشديدة وضعف هطول الأمطار، ما ساعد على انتشار الحرائق.
وأفادت بيانات وكالة مراقبة الجفاف الأميركية الصادرة يوم الخميس أن ظروف الجفاف الشديدة في جزيرة ماوي ارتفعت إلى 16 في المئة من خمسة في المئة الأسبوع الماضي.
كما أسهم تغير طبيعة الأراضي بجزيرة هاواي في انتشار الحرائق، خاصة أن الأعشاب والشجيرات الغازية تصبح قابلة للاشتعال بشدة في موسم الجفاف، كما قال كلاي تراورنيشت، أخصائي الحرائق الاستوائية في جامعة هاواي في مانوا.
وأضاف تراورنيشت أن جزيرة هاواي فقدت أيضاً مساحات كبيرة من المزارع، إذ تجاوزت الأعشاب المعرضة للحرائق، مساحات الأراضي البور، موضحاً أن التخطيط طويل الأمد وجهود الوقاية أمران ضروريان لمكافحة نمو الأعشاب والشجيرات الغازية.
وقال، «هذا شيء قلناه منذ عقود.. يمكننا إنشاء مناظر طبيعية تكون أقل عرضة للاحتراق، وأقل حساسية بكثير لهذه التقلبات في المناخ التي تخلق مثل هذه الظروف الخطرة».
وتم نشر الحرس الوطني. وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن حرائق هاواي كارثة طبيعية، مُفرجًا عن مساعدات فدرالية لجزيرة ماوي بهدف تمويل أعمال الإغاثة والإيواء الفوري وجهود إعادة الإعمار.
وتُطال الحرائق خصوصًا جزيرة ماوي وبدرجة أقل جزيرة هاوي. وتفاقمت حدة النيران بسبب رياح عاتية غذّتها قوة الإعصار دورًا الذي يضرب راهنًا منطقة المحيط الهادئ.
وتحوّل منتجع لاهاينا على الساحل الغربي لماوي إلى رماد.
وأكدت نائبة حاكم الولاية سيلفيا لوك، أن هذه المدينة التاريخية التي كانت عاصمة مملكة هاواي في القرن التاسع عشر "أُبيدت". وقالت "إنه أمر مروع جداً".
وأفاد مسؤولون محليون أن حصيلة الضحايا ارتفعت إلى 53 قتيلا الخميس. وأعلنت جزيرة ماوي أنه "مع استمرار جهود مكافحة الحرائق، تم تأكيد 17 حالة وفاة إضافية اليوم وسط حريق لاهاينا النشط"، مضيفة "وبهذا يرتفع عدد القتلى الى 53".
وكان قد عُثر على 36 جثة سابقا تحت الأنقاض، وفقا لحصيلة رسمية. وتضرر أو دمر أكثر من 270 مبنى في المدينة، وفقا لآخر إحصاء أصدرته السلطات.
وأجبرت الحرائق المستعرة السكان على إلقاء أنفسهم في المحيط هربا من ألسنة اللهب. وأكد خفر السواحل إنقاذ عشرات الأشخاص من المياه.
وقالت الكابتن أجا كيركسي لشبكة "سي إن إن" الخميس "تدهور الوضع بسرعة كبيرة وشكل مأساة للضحايا الذين اضطروا إلى القفز في الماء".
وأوضحت أن المروحيات لم تتمكن من الاقتراب "بسبب سوء الرؤية"، فعملت سفن خفر السواحل على انتشالهم.
ووصف سكان مشاهد مروعة. وتحدثت كلير كينت التي دُمر منزلها في لشبكة "سي إن إن" عن مشاهد "تحاكي أفلام الرعب" في لاهاينا، وعن فوضى عمت المنطقة، مع "أشخاص عالقين في زحمة سير فيما السيارات تحترق على جانبي الطريق".
وقال أحد عناصر الأمن طالبا عدم الكشف عن هويته إنه يتوقع ارتفاع عدد القتلى مع استمرار عمليات رفع الأنقاض.
وكتب الرئيس السابق باراك أوباما، المولود في هاواي، على موقع "إكس" (تويتر سابقًا) "من الصعب رؤية بعض الصور الآتية من هاواي، المكان العزيز جدًا للكثير منا"، داعيًا إلى تقديم تبرعات.