د.عبدالحفيظ محبوب يكتب: تثبت السعودية لإسرائيل ليس هناك حل إلا بإقامة دولة فلسطينية
تثبت السعودية لإسرائيل ليس هناك حل إلا بإقامة دولة فلسطينية كما دعمت إيران إقامة الدويلات داخل الدول، كذلك إسرائيل دعمت ذلك في فلسطين، وأول من عانى من تلك الازدواجية هما إيران وإسرائيل، فحاليا تطالب إيران بغداد تسليم كردستان السلاح للدولة، ولو استمرت إيران بدعم المليشيات في المنطقة يمكن دعم أقليات موجودة داخل إيران بالسلاح وتحويلهم إلى دويلات منهم الأذربيجان الطامحين للانضمام إلى دولتهم الأم أذربيجان والبلوش والأكراد لكن الدول ترى أن ذلك مقدمة لتفكيك إيران واختلال التوازن الإقليمي، وكذلك تعاني إسرائيل التي دعمت قيام كيانين فلسطينيين فقط من أجل التهرب من إعطاء الفلسطينيين دولة مستقلة.
خيرت السعودية إسرائيل بين ورقة التجارة بطريق ممر الهند الإسرائيلي الأوروبي وإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بإعطاء دولة للفلسطينيين، لكن حتى الآن تفضل إسرائيل الاحتلال، وتراوغ حول تحقيق هذا المطلب، وتعتقد أن السعودية ستتنازل عن تحقيق هذا المطلب، ومحاولة تحقيق الممر الهندي الأخضر وإقامة علاقة مع السعودية وفق الاتفاقية الإبراهيمية دون إقامة دولة فلسطينية، لكن السعودية أفهمت إسرائيل أنها ليست على غرار بقية الدول، بل هي قائد إسلامي مسؤولة عن حماية المقدسات الإسلامية، كما أنها ترى أن النزاع داخل فلسطين لن يتوقف، كذلك الإقليمي، لأن مشاريع المتاجرة بالقضية لفلسطينية لن تتوقف إذا أرادت هي الأمن والاستقرار، ولن تقبل السعودية بإنكار بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وممارسة عنصرية مستمرة لا تجد من يردعها في المحافل الدولية لغياب الوازع الأخلاقي، لكن السعودية باعتبارها مركز لآخر الأديان لا يمكن أن تتنازل عن الوازع الأخلاقي مهما كان الثمن المقابل.
تدرك السعودية أن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي متعد الحدود وكذلك امريكا التي تهدف إلى الإسراع في تحقيق العلاقة السعودية الإسرائيلية لتحقيق منعطف تاريخي يخدمها في الانتخابات المقبلة، رغم أنها مقتنعة تماما أنه لا يمكن تحقيق سلام إذا لم تتنازل إسرائيل وتعطي الفلسطينيين دولة كاملة العضوية عاصمتها القدس الشرقية، لكن على أرض الواقع هناك تلكؤ إسرائيلي ومراوغة وغير مدركة في أن الاحتلال والاستيطان هما أساس المشكلة، ولا سلام في ظل استمرار سياسات الاحتلال والاستيطان.
منذ حرب 1967 تتوسع إسرائيل في بناء المستوطنات، وهي المسؤولة عن التوترات، بل يتصف سكان المستوطنات بالقسوة مع الفلسطينيين، خصوصا من قبل سكان المستوطنات المحيطة بغزة، بجانب إقامة حصار اقتصادي على قطاع غزة، نتج عنه أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة إلى جانب القيام بالانتهاكات الإنسانية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بشكل يومي تجاه أهالي فلسطين تؤكدها تقارير حقوق الإنسان التي أكدت أن الانتهاكات الإسرائيلية تحتقر الكرامة الإنسانية وتزيد من تبادل الكراهية الإنسانية التي تقود إلى مواصلة تبادل الاعتداءات المتبادلة.
راهن قادة إسرائيل على أن القضية الفلسطينية ستنسى مع الزمن، لكن السعودية وغيرها ذكروا إسرائيل من أن هذا الاعتقاد مجرد خرافة، لأن القضية الفلسطينية ستبقى محرضا في استمرار النزاع الإقليمي وخلق فوضى إقليمية.
كما تفاخرت إيران من أنها احتلت أربعة عواصم عربية لم تدرك أن السعودية قوة عظمى إسلامية قادرة على مواجهة المشاريع المتعدية للحدود، وبالفعل بعدما كان الاقتصاد الإيراني 460 مليار دولار عام 2017 أصبح بعد العقوبات الأمريكية بعدما انسحب ترمب بشكل أحادي من الاتفاق النووي عام 2018 من أجل التقرب إلى السعودية حتى لا تتحالف مع الشرق على حساب المصالح الأمريكية في المنطقة، تراجع الاقتصاد الإيراني إلى 190 مليار دولار، ما جعل إيران تحبو نحو اصلاح علاقتها مع السعودية، أيضا على إسرائيل التي فرحت بالاقتتال الفلسطيني عام 2007 وأصبحت هناك دولتان فلسطينيتان متقاتلتان بعد أن دمرت إسرائيل قدرة السلطة الفلسطينية التي تسيطر فقط على ألف كيلو متر مربع من أكثر من 5 آلاف كيلو متر مربع وفق اتفاق أسلو لا تزال خارج صلاحيتها إضافة إلى قطاع غزة، دعم العالم حكومة رام الله فيما إيران دعمت حماس والجهاد في غزة فهي تعيش في حالة من عدم الأمن رغم قوتها العسكرية لكنه لن يحقق لها الأمن.
كما حسم الصراع بالحرب مستحيل وقد حققت إسرائيل انتصارا عسكريا كبيرا في 1967 واحتلت مزيد من الأراضي كان الرد قاسيا في حرب 1973 أصيبت إسرائيل بالذهول أيضا أصيبت بالذهول في حرب 7 أكتوبر الحالية 2023 فلن يتحقق الأمن لإسرائيل دون إعطاء الفلسطينيين حقوقهم ممثلة في دولة مستقلة عاصمتها القدس.
أضاعت إسرائيل فرصا كثيرة من أوسلو 1993 والمبادرة العربية 2002 في بيروت فيما راهنت على إضعاف معسكر الاعتدال الذي يراهن على تسوية القضية عبر التفاوض، حتى انزلق المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين الذي يراوغ السعودية التي تصر على إقامة دولة فلسطينية، وهذه الحرب 7 أكتوبر تثبت التسليم بحق الفلسطينيين في دولة فلسطينية مستقلة الذي ترفض السعودية التنازل عن هذا الحق لأنها تؤمن إيمانا يقينيا أن النزاع في المنطقة لن يتوقف إلا بتحقيق دولة للفلسطينيين وهو مفتاح السلام، وأي خيار آخر يعني الاستعداد لحروب أخرى أشد فتكا وتعيش المنطقة حالة صراع وعدم استقرار.