أدهم إبراهيم يكتب: طوفان الأقصى والأوهام الإسرائيلية
شنت الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة عملية عسكرية ضد إسرائيل سميت بطوفان الأقصى، وجاءت ردًا على الاعتداءات المستمرة لقوى الاحتلال على الفلسطينيين.
وكانت مفاجأة كبيرة لاسرائيل لكونها اضخم عمل عسكري يواجهها منذ حرب تشرين عام 1973، وقد تسببت في تصعيد خطير بين الطرفين ، واعادت الى الاذهان المخاوف بشأن الوضع الهش في المنطقة، خصوصا وان إسرائيل قد ردت على هذه العملية بقصفت قطاع غزة بوابل من الصواريخ ما أدى لمقتل المئات وإصابة الالاف وتدمير واسع في البنية التحتية، فأصبح الفلسطينيون المتضرر الاكبر ، وسيتعرض سكان غزة للقتل الجماعي.
ليس من المرجح ان يقوم حزب الله او الفصائل الولائية الاخرى بأي عمل عسكري ضد اسرائيل لنصرة الفصائل الفلسطينية او لتخفيف الضغط الهجومي عن غزة ، الا اذا تعرض النظام الايراني للخطر!.
يشكل التعرض الحالي تحديا كبيرا لإسرائيل ولن تكتفي بالضربات الجوية كما كانت تفعل بعد كل عملية فدائية تجاهها ،بل ستقوم بعمليات برية واسعة في غزة في محاولة لاجتياحها ستكبدها خسائر كبيرة ، اضافة الى المجازفة بقتل اسراها، ان هذه العملية النوعية من حيث التوقيت وحجم الخسائر تعد ضربة قاسية لنتنياهو ايضا الذي قال عنها "إن اليوم هو يوم أسود"، وهو الذي وعد الاسرائليين بتوفير الأمن وقمع حركات المقاومة الفلسطينية.
وبهذا الصدد صرح نمرود نوفيك كبير مستشاري البيت الأبيض السابق: "بأن الحدث المروع الذي شهدناه يدل على فشل نتانياهو الذي تبنى تعزيز سيطرة حماس على غزة، لاضعاف السلطة الفلسطينية، خشية أن تظهر كشريك قابل للحياة في المفاوضات، وهو أمر كان نتنياهو مصمما على تجنبه".
لقد سعى نتنياهو على الدوام لتقويض اتفاقيات أوسلو ، وأي مشروع يدعو لقيام دولة فلسطينية رغم تظاهره بالموافقة على الاتفاقية في البداية .
وفي جهوده الرامية لضمان عدم حصول الفلسطينيين على دولة ، حرص نتنياهو على إضعاف السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية الذي كان مستعدا للتفاوض، في حين عمل على تقوية حماس، التي تعهدت بتدمير إسرائيل !.
ولكن ما الذي سيجري بعد هذه العملية التي سميت بطوفان الاقصى ؟
وماهي مشاريع اسرائيل تجاه الفلسطينيين في غزة او الضفة الغربية ؟
إذا ما استعرضنا مسيرة السلام الفلسطينية الإسرائيلية نجد، أن عملية اغتيال اسحق رابين تعني انتصار كل من يعارض عملية أوسلو لاي سبب كان . بعد فترة حكم شمعون بيريز ، خلف ثلاثة رؤساء وزراء بعضهم بعضًا، وجميعهم عارضوا عملية أوسلو منذ اليوم الأول . بنيامين نتنياهو جمد العملية بذرائع مختلفة ، وإيهود باراك أكملها .
وكانت على آرييل شارون مهمة تنفيذ ما كان سيصبح البديل لعملية أوسلو .
ويتلخص مشروع اريل شارون، في ترحيل الفلسطينيين الى الأردن ليكون الدولة الفلسطينية البديلة، ولتنفيذ هذا المشروع ينبغي تضييق العيش على الفلسطينيين حتى يقرروا من تلقاء أنفسهم الهجرة إلى خارج ارضهم.
وعند تعذر ذلك، فلا بد من إيجاد اي وسيلة أخرى لإبعاد الفلسطينيين عن ارض فلسطين.
اليوم يجرى استخدام نفس المشاريع الفاشلة لترحيل الفلسطينين.
والآن يقول نتنياهو إن الانتقام الإسرائيلي من غزة سيغير الشرق الأوسط. لكن هذه النية كانت موجودة من قبل ولم تجلب سوى المزيد من الدمار والالام.
ونسمع اخبارًا عن مشروع ترحيل او طرد الفلسطينين من غزة، وإقامة وطن بديل لهم في شبه جزيرة سيناء المصرية. هذا المشروع ليس جديدا بل طرح سابقا ورفضه الاجماع الفلسطيني والمصري على حد سواء.
كثير من مشاريع الترانسفير المشابهة جربتها إسرائيل وباءت بالفشل، ومازالت الحكومات الإسرائيلية تضيق الخناق على الفلسطينيين بالحصار او بالعنف والقتل او بالاعتقال لتحقيق هذا الهدف دون جدوى، وبقي الفلسطينيون يتمسكون بارضهم على الدوام، وقضيتهم تتجدد على مر الايام.
إن على الإسرائيليين أن يتخلوا عن اوهامهم ويسلكوا السبيل الوحيد لتحقيق السلام مع الفلسطينيين في حل الدولتين ،القابلتين للعيش، وبعكسه سنشهد المزيد من العنف والعنف المضاد، مع مزيد من الالام.