ياسمين الرمال تكتب: 23 أكتوبر 1983.. يوم لا تنساه واشنطن
هل هي صدفة ان يكون تاريخ 23 من اكتوبر تاريخاً دموياً في المنطقة! مع سلسلة الاعتداءات والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق المدنيين في قطاع غزة، بالتزامن مع اشتعال جبهات عدة، واحتمالية التوجه نحو تصعيد شامل قد يجر المنطقة الى اتون حرب!؟
في الثالث والعشرين من اكتوبر 1983، استهدفت شاحنة محمّلة بالمتفجرات مبنى للقوات الأميركية في مطار بيروت، المعروف بمقر المارينز، اسفر عن مقتل 241 امريكيا و 58 عسكريا فرنسيا وستة مدنيين ومهاجمين. في حين أعلنت جماعة تسمى "الجهاد الإسلامي" مسؤوليتها عن التفجيرات وقالت إن الهدف كان إخراج القوة المتعددة الجنسيات من لبنان.
تحت ظلال قاتمة لحرب مدمرة في غزة، تمر الذكرى الـ 40 لتفجير مقري القوات الأمريكية والفرنسية في بيروت بعمليتين انتحاريتين.
قوات أمريكية وفرنسية كانت ضمن قوات متعددة الجنسيات شاركت فيها إيطاليا وبريطانيا، أرسلت إلى لبنان في أعقاب الغزو الإسرائيلي عام 1982، وكان الهدف عمليا، تسوية الأوضاع الجديدة في هذا البلد بعد إجلاء القيادة الفلسطينية ومقاتليها منه.
800 من مشاة البحرية الأمريكية كانوا وصلوا على بيروت في 25 أغسطس عام 1982، تبعتهم قوات فرنسية بنفس العدد، وقوات إيطالية ضمت 400 عسكري، وانضمت لاحقا وحدة عسكرية بريطانية.
اللافت أن الولايات المتحدة كانت قد تعرضت لضربة موجعة في لبنان في 18 أبريل 1983، حين فجر انتحاري كان يقود سيارة مفخخة مبنى السفارة الامريكية في بيروت، ما تسبب في مقتل 63 شخصا من بينهم 17 أمريكيا، تقول تقارير إن نحو نصفهم يعمل في وكالة الاستخبارات المركزية.
مع ذلك، في الصباح الباكر يوم 23 أكتوبر 1983، نجح انتحاري كان يقود شاحنة مليئة بالمتفجرات قدرت بما يعادل 9500 كيلو غرام من مادة "تي إن تي"، في اقتحام ثكنة لمشاة البحرية الأمريكية في مطار بيروت، ولم يفتح الحراس النار إلا متأخرا.
الانفجار دمر المبنى وقتل من بين 400 من مشاة البحرية الأمريكية المتمركزين هناك، وكانوا حينها نياما، أكثر من النصف، وهم بالتفصيل، 220 من مشاة البحرية الأمريكية، و18 بحارا، و3 جنود، علاوة على إصابة أكثر من مئة آخرين. هذا العدد من القتلى يعد الأكبر بالنسبة للولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
بعد 20 دقيقة من الانفجار الأول، ضرب بنفس الطريقة مبنى تقيم فيه وحدة المظليين الفرنسية في منطقة الرملة البيضاء في بيروت، ما أودى بحياة 58 عسكريا فرنسيا، وهو ما يعد الخسارة البشرية الأكبر منذ انتهاء حرب التحرير الشعبية في الجزائر.
على الرغم من إعلان واشنطن وباريس عقب التفجيرين الانتحاريين الكبيرين تصميمهما على البقاء، إلا ان القوات الأمريكية خرجت من لبنان في فبراير 1984، والأمر ذاته فعلته القوات الفرنسية والإيطالية والبريطانية.
اليوم، يشهد تاريخ الثالث والعشرين من اكتوبر 2023، اي بعد اربعين عاماً، صراعاً دموياً في منطقة الشرق الاوسط، يعيد الى الاذهان حادثة استهداف قوات المارينز في بيروت، لا سيما مع تصاعد حدة الاشتباكات العنيفة سواء في الجبهة الشمالية لإسرائيل او حتى في الجبهة الداخلية لها، في ظل توجه قوات امريكية الى منطقة الشرق الاوسط استعدادا لأي حرب قد تحصل بين الاطراف المتنازعة.
ومع اتساع رقعة الاشتباك والمواجهة، يُصعد حزب الله اللبناني من عملياته ضد مواقع وثكنات عسكرية اسرائيلية محاذية للشريط الحدودي مع لبنان، عمليات تتزامن مع عمليات المقاومة في غزة، في اشارة الى وجود تنسيق عالي المستوى بين كلا الجبهتين تتمثل بضرب اسرائيل في حال تمادت باعتداءاتها وانتهاكاتها بحق المدنيين في قطاع غزة.
اللافت ما يحصل في جنوب لبنان، وكأن الاحداث الحاصلة توحي بوجود حرب واسعة غير معلن عنها حتى الآن. فالطائرات الحربية الاسرائيلية تغير على مواقع عسكرية لحزب الله وعلى اماكن مدنية، في محاولة لحصد اكبر عدد ممكن من القتلى في الجانب اللبناني. اعتداءات اسرائيلية قابلها رد من حزب الله عبر قصف المستوطنات الاسرائيلية " شلومي، زرعيت، حانيتا، افيفيم، نهاريا.... وغيرها"، فيما ضرب عددا من المواقع العسكرية الاسرائيلية المحاذية للحدود وعطل اجهزة المراقبة والتجسس والرادارات فيها.
قصف المواقع والمستوطنات اعلن عنه حزب الله انه يأتي في سياق الرد على الاعتداءات والانتهاكات الاسرائيلية التي تستهدف جنوب لبنان وقطاع غزة المحاصر على حد سواء.
التصعيد العسكري الحاصل يوحي بتوسع رقعة الاشتباك أكثر في الايام المقبلة
التصعيد العسكري الحاصل يوحي بتوسع رقعة الاشتباك أكثر فأكثر في الايام المقبلة، مع قرار القيادة الشمالية الاسرائيلية بإخلاء 43 مستوطنة اسرائيلية بشكل كامل، فيما قالت صحيفة يديعوت احرنوت، ان اكثر من 120 الف مستوطن نزحوا من مناطق على حدود لبنان وغلاف غزة.
كرة النار تتدحرج في جنوب لبنان وفي غزة معا، مع استمرار الجرائم والمجازر الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق المدنيين من نساء واطفال وشيوخ في قطاع غزة المحاصر، كان ابرزها مجزرة مستشفى المعمداني والتي راح ضحيتها ما يقرب الألف بين شهيد وجريح...كرة نار تشتعل في منطقة تعيش على صفيح ساخن... فهل تذهب منطقة الشرق الاوسط الى حرب شاملة!! ام ان التحركات الدبلوماسية الاخيرة قد تفضي الى حلول ولو مؤقتة؟؟! سؤال برسم الايام القليلة المقبلة.