هجمات البحر الأحمر تتسبب في ارتفاع أسعار الشحن الجوي

يستمر تأثير الهجمات والتوترات المتواصلة في البحر الأحمر، حيث تعاني المحافل الدولية والعالمية بالغ القلق إزاء الأمن الإقليمي وحرية الملاحة في البحر الأحمر، وذلك وسط مطالبات بأن تكون الأولوية حاليا لخفض التصعيد في الممر المائي والمنطقة بأكملها.

وزير خارجية اليونان يشيد بدور مصر المهم في إرسال المساعدات لغزة

الرئيس السيسي يحذر من خطورة التصعيد العسكري في المنطقة

ما الذي يحدث في البحر الأحمر؟

منذ أكثر من شهرين، شنت مليشيات الحوثي اليمنية على السفن في المنطقة ، وأثارت قلق القوى الكبرى في ظل تصاعد الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

ومؤخراً، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا، فجر الجمعة، عدد من الضربات الجوية بدعوى ردع هجمات الحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر.

تأثير الهجمات بالبحر الأحمر على الشحن الجوي 

وبسبب ما يحدث في البحر الأحمر، توجهت عدد كبير من شركات الصناعات التحويلية التي تسعى إلى نقل منتجاتها جوا في الأسابيع القليلة المقبلة إلى تغيير مسارها، وفقا لما رصدته شركات الخدمات اللوجستية.

وجاء ذلك بعدما أجبرتها الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر على البحث عن طرق بديلة، في تحول قد يستفيد منه قطاع الشحن الجوي الذي يعاني من ضعف الطلب عقب جائحة كوفيد-19 ومن الطاقة الفائضة.

ويقع البحر الأحمر وقناة السويس على طريق تجاري رئيسي يمر من خلاله نحو 12% من حركة الشحن العالمية، كما تعد قناة السويس أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا.

البحر الأحمر أو بحر القُلْزُم  أو بحر الحبشة. يعدّ هو والخليج العربي مدخل مياه بحر المحيط الهندي، الواقع بين أفريقيا وآسيا. والاتصال مع المحيط في الجنوب من خلال مضيق باب المندب وخليج عدن. وفي الشمال يحده شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة وخليج السويس (الذي يؤدي إلى قناة السويس). البحر الأحمر أحد المحميات البيئية التي حددها الصندوق العالمي للحياة البرية وعددها 200.

تأثير أزمة البحر الأحمر على ارتفاع أسعار الشحن الجوي 

ظلت أسعار الشحن الجوي مستقرة نسبيا بسبب تزامن أزمة الشحن مع هدوء موسمي في الطلب، لكن أظهرت بيانات منصة الحجز والدفع للشحن الدولي (فريتوس) ارتفاعا في أسعار الشحن من الصين إلى أوروبا بنحو 91 بالمئة على أساس أسبوعي يوم الأحد، وساعد تباطؤ الاقتصاد العالمي في تخفيف تأثير هجمات الحوثيين على تدفقات التجارة.

وأعلن إنفي رود، رئيس الخدمات اللوجستية الجوية في شركة الخدمات اللوجستية العالمية (كونيه+ناجل) بقوله: "نتحدث بالفعل مع العديد من العملاء حول زيادة القدرة الجوية... لدينا في يناير مناقشات ومقترحات أكثر بنحو 20-30 بالمئة من المعتاد".

وجدير بالذكر، أن الشحن الجوي يعد مكلفا مقارنة بنظيره البحري، وغير تنافسي للسلع الضخمة ذات هامش الربح المنخفض. وساهمت تلك العوامل في تقلص مساهمة الشحن الجوي في حركة التجارة العالمية إلى أقل من واحد بالمئة، وفق بيانات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، ولكن أصبح الشحن الجوي خيارا جذابا منذ الهجمات التي أجبرت شركات الشحن على استخدام طرق بحرية تؤثر على مواعيد التسليم بسبب طول المسافة.

كما توجهت عدة شركات خدمات لوجستية ألمانية وفرنسية وأمريكية للتأكيد على إنها تعمل على توفير مساحة إضافية للشحن الجوي.

وقالت مصادر لوجستية أن العملاء يدرسون فرص الشحن متعدد الوسائط، مثل الشحن بحرا إلى الشرق الأوسط، ثم جوا إلى أوروبا.

كما أكدت شركة "كونيه+ناجل" إن بعض العملاء بدأوا بالفعل في إرسال الحاويات إلى دبي ولوس أنجلوس ثم نقل البضائع جوا إلى الوجهة التالية.

وقالت شركة ديميركو للشحن الجوي التي تركز على آسيا إن العملاء يدرسون تكلفة الجمع بين الشحن البحري والجوي عبر دبي، إضافة إلى خدمات الشحن الجوي المباشر، وتوقعت شركات الشحن زيادة عدد الشركات المصنعة التي تلجأ إلى الشحن الجوي في حال استمرت أزمة البحر الأحمر.

ردود الفعل العربية والدولية على الهجوم الأمريكي البريطاني على اليمن

أدانت إيران، التي تدعم الحوثيين، بشدة الهجمات، حيث قال نائب وزير خارجية الحوثيين، حسين العزي، عن الهجمات، أن الولايات المتحدة وبريطانيا "ستدفعان ثمنا باهظا" لهذا "العدوان الصارخ".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، إن "هذه الهجمات تشكل انتهاكا واضحا لسيادة اليمن ووحدة أراضيه وانتهاكا للقوانين الدولية، ولن تؤدي إلا إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة".

الحوثيين: قال المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام، إنه لا يوجد أي مبرر لهذه الهجمات، وإن الجماعة ستواصل استهداف السفن المتجهة نحو إسرائيل.

لبنان: قال حزب الله اللبناني إن "العدوان الأمريكي يؤكد مرة أخرى أن الولايات المتحدة شريك كامل في المآسي والمجازر، التي يرتكبها العدو الصهيوني في غزة والمنطقة".

السعودية:  تدعو إلى ضبط النفس و"تجنب التصعيد"، وقالت إنها تراقب الوضع بقلق بالغ.

مصر: أعربت مصر عن قلقها إزاء الغارات الجوية على مواقع باليمن، وجددت تحذيرها من مخاطر توسيع رقعة الصراع نتيجة استمرار الحرب في غزة.

وأصدرت مصر بيانا دعت فيه إلى "ضرورة تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك أمن الملاحة في البحر الأحمر".

روسيا: أدانت روسيا الضربات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على أهداف للحوثيين في اليمن، قائلة إنها تؤدي إلى تصعيد التوترات في الشرق الأوسط، وتظهر تجاهلا تاما للقانون الدولي.

ودعت موسكو إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، لبحث القضية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن "الضربات الجوية الأمريكية على اليمن هي مثال آخر على انحراف الأنجلوسكسونيين عن قرارات مجلس الأمن الدولي"، مؤكدة أن الضربات تظهر "تجاهلا تاما للقانون الدولي وتؤدي إلى تصعيد الوضع في المنطقة"

ردود أفعال مؤيدة للضربات الجوية للولايات المتحدة وبريطانيا 

قالت الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدانمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وبريطانيا، في بيان مشترك، أن "هدفنا يبقى متمثلا في تهدئة التوتر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر".

وفي هولندا: قال رئيس الوزراء "مارك روتي" إن الإجراء الأمريكي البريطاني "يستند إلى حق الدفاع عن النفس، ويهدف إلى حماية حرية المرور ويركز على وقف التصعيد. وتولي هولندا، بتاريخها الطويل كدولة بحرية، أهمية كبيرة لحق حرية المرور وتدعم هذه العملية المستهدفة".

وقال وزير الدولة البريطاني للقوات المسلحة، جيمس هيبي، اعتبر الضربات "مشروعة ودفاعا عن النفس"، مؤكدا : "لا يمكننا أن نسمح للحوثيين باستخدام التجارة العالمية كرهينة"، مضيفا: "مهما كان رأيك في قضية الحوثيين ومبرراتهم... لا يمكننا أن نسمح لهم بالسعي إلى خنق التجارة العالمية كفدية لتحقيق أهدافهم السياسية والدبلوماسية مهما كانت".