نحو شراكات متينة ومستدامة.. العلاقات بين دولة قطر وجمهورية تتارستان
يحتل تعزيز العلاقات بين دولة قطر وجمهورية تتارستان حيزا مهما ضمن خطط البلدين لتوسيع شراكاتهما واستثماراتهما لا سيما في حقل الطاقة، حيث تتبوأ دولة قطر مكانة متميزة في سوق النفط والغاز والبتروكيماويات على المستويين الإقليمي والدولي، بينما تعد جمهورية تتارستان واحدة من أهم المناطق الروسية في إنتاج النفط والغاز والصناعات البتروكيماوية.
وفي هذا السياق تعكس زيارة رئيس جمهورية تتارستان رستام مينيخانوف إلى الدوحة، حرص دولة قطر على توطيد علاقاتها الخارجية وتكريس التعاون مع مختلف شركائها التجاريين ولا سيما جمهورية تتارستان، لا سيما وأنها تمثل وجهة اقتصادية مهمة ضمن دولة روسيا الاتحادية.
وقد ترسخت العلاقات بين البلدين خلال العقد الأخير على صعد متعددة من خلال زيارات متبادلة للمسؤولين فضلا عن المنتديات الاقتصادية التي تجمعهما، وترجع آخر زيارة لرئيس جمهورية تتارستان إلى الدوحة إلى العام 2022، فقد حضر الرئيس رستام مينيخانوف المباراة النهائية وحفل ختام كأس العالم قطر 2022.
استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها
كما استقبل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في ديسمبر عام 2015 الرئيس رستام مينيخانوف رئيس جمهورية تتارستان والوفد المرافق في زيارة عمل، تم خلالها استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها، إضافة إلى مناقشة عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
وشاركت دولة قطر في منتدى أعمال المنتدى الاقتصادي الدولي الرابع عشر "روسيا – العالم الإسلامي: منتدى قازان 2023"، الذي عقد في مدينة قازان بجمهورية تتارستان يومي 18 و19 مايو 2023، بوفد ترأسه سعادة السيد سلطان بن راشد الخاطر وكيل وزارة التجارة والصناعة.
وأكد وكيل وزارة التجارة والصناعة في قطر، خلال مداخلته في أعمال المنتدى، أن دولة قطر تحرص على توطيد علاقاتها الخارجية وتكريس التعاون مع مختلف شركائها التجاريين ولا سيما روسيا الاتحادية وجمهورية تتارستان، منوها في هذا الصدد بقوة الشراكة التاريخية والاستراتيجية، التي تربط بين دولة قطر وهذه البلدان.
مواصلة مسيرة النمو الاقتصادي المتوازن
وأشاد الخاطر بالعلاقات الراسخة بين دولة قطر وجمهورية تتارستان التي تمتلك العديد من الفرص والإمكانيات الاستثمارية التي يمكن للشركات القطرية الاستفادة منها، منوها بأن دولة قطر تمكنت من مواصلة مسيرة نموها الاقتصادي المتوازن، على الرغم من مختلف المتغيرات العالمية التي شهدتها خلال السنوات الثلاث الماضية.
وأعرب وكيل وزارة التجارة والصناعة في قطر، عن تطلعه إلى أن يكون هذا اللقاء دافعا ومحفزا لتجديد العزم ومواصلة العمل في سبيل استثمار الفرص المتاحة، وتوسيع آفاق الشراكة بين دولة قطر وجمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية تتارستان في مختلف المجالات، بما يدعم الأهداف التنموية والتطلعات المشتركة لتحقيق الازدهار الاقتصادي المستدام.
وعقد سلطان بن راشد الخاطر اجتماعات ثنائية، مع الرئيس رستام مينيخانوف، رئيس جمهورية تتارستان، وسعادة أوليغ كوروبشينكو، نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة والتجارة بجمهورية تتارستان، وتاليا مينولينا، رئيس وكالة تنمية الاستثمار بجمهورية تتارستان، بهدف تعزيز التعاون بين البلدين في قطاعات التجارة والاستثمار والصناعة، مبينا الحوافز والتشريعات والفرص الواعدة المتاحة في الدولة والهادفة لتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات على الاستثمار في دولة قطر.
معرض "إكسبو حلال روسيا"
كما حضر وكيل وزارة التجارة والصناعة القطري معرض "إكسبو حلال روسيا"، حيث قام بجولة في المعرض الذي يقام في إطار فعاليات المنتدى، واطلع من خلالها على مختلف الأجنحة والخدمات والمنتجات التي تقدمها الشركات والمؤسسات المشاركة.
وتزامن المنتدى مع افتتاح "منتدى تتارستان للنفط والغاز والكيميائيات"، الذي عقد بمركز المعارض الدولي ضمن فعاليات معرض "قازان إكسبو"، تحت رعاية الرئيس رستام مينيخانوف رئيس جمهورية تتارستان، ويعد المنتدى منصة فعالة لتوسيع التعاون التجاري بين المؤسسات المتخصصة بالطاقة.
وتجدر الإشارة إلى أن "منتدى قازان 2023 " الذي حضره نحو 15 ألف مشارك من 85 بلدا في نسخة العام 2023، يهدف إلى تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية والتقنية والتعليمية والاجتماعية والثقافية بين مناطق الاتحاد الروسي ودول منظمة التعاون الإسلامي.
كما أعقب المنتدى الاقتصادي بشهر تقريبا، انعقاد المنتدى الدولي لوزراء التعليم بمدينة قازان في جمهورية تتارستان، الذي جاء تحت عنوان "بناء المستقبل"، وذلك خلال الفترة 7 - 9 يونيو 2023، والذي شاركت فيه دولة قطر بوفد رفيع ترأسته بثينة بنت على الجبر النعيمي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي.
وناقش المنتدى القضايا ذات الأولوية في تطوير التعليم، وإتاحة الفرصة لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال التعليم والتدريب التقني والمهني، وصياغة توجهات الرؤية العالمية في بناء المستقبل، وتنمية المهارات الرقمية بالمجال التربوي في سياق التحول الرقمي.
وأكدت وزير التربية والتعليم والتعليم العالي في كلمتها أمام المنتدى، أن التعليم يعد أحد المحاور الأساسية في رؤية دولة قطر الوطنية 2030 لبناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة، ويتيح مستقبلا واعدا للمواطنين من خلال بناء نظام تعليمي عالمي يوفر فرصا استثنائية للتعليم والتدريب عالي الجودة، وعلى أهمية التعاون والشراكة من أجل تحقيق تعليم نوعي للجميع.
وعلى الجانب الاقتصادي، شهدت العلاقات بين البلدين تطورا كبيرا منذ العام 2013 عندما استقبل سعادة الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني رئيس رابطة رجال الأعمال القطريين سعادة السيد لينار ياكوبوف الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية استثمار تتارستان (تيدا) والوفد المرافق له لبحث سبل التعاون التجاري والاستثماري، بين رجال الأعمال القطريين ونظرائهم في الجانب التتارستاني، وخصوصا في مجالات الزراعة والأغذية.
وأكد الشيخ فيصل بن قاسم اهتمام رجال الأعمال القطريين، بالاستفادة من فرص الاستثمارات المتوفرة في تتارستان وإقامة المشاريع في مختلف القطاعات ودعم تعاون رجال الأعمال القطريين مع نظرائهم من تتارستان.
من جانبه، أوضح ياكابوف، أن بلاده عملت على تطوير قطاع الطب وتصنيع الأدوية، والتركيز على تحسين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وصناعة الأغذية الحلال، وقطاع الخدمات والسياحة، مستعرضا حوافز الاستثمار المقدمة في بلاده ومنها توفر بنية تحتية متطورة، وسياسة ضريبية مواتية ووجود اليد العاملة المؤهلة.
وفي العام 2015، وقعت كل من غرفة قطر وغرفة تجارة وصناعة تتارستان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بينهما، وخلال الاجتماع، أكد السيد محمد بن أحمد بن طوار نائب رئيس غرفة قطر أن دولة قطر استطاعت أن تحقق قفزات هائلة في مجالات عدة منها التجارة والنفط والصناعة والزراعة.
من جانبه قال كريموف ألبن نائب رئيس الوزراء وزير التجارة والصناعة في جمهورية تتارستان، إن بلاده تقدر التعاون مع ممثلي القطاع الخاص القطري، وأوضح أن الهدف من الزيارة هو تعريف مجتمع الأعمال القطري بالإمكانيات المتاحة في بلاده، مؤكدا أن هناك اهتماما بجذب أصحاب الأعمال القطريين للاستثمار في بلاده خاصة في مجالات الطاقة والغاز والنفط والصرافة الإسلامية والسياحة.
وفي العام 2017، استقبل المهندس علي بن عبداللطيف المسند عضو مجلس إدارة غرفة قطر وأمين الصندوق الفخري، ايفجني دافليتشان المفوض من رئيس جمهورية تتارستان، لمناقشة الفرص الاستثمارية المتاحة في تتارستان والمزايا التي تمنحها للمستثمرين خاصة في مجالات الزراعة والبنية التحتية والرياضة.
جمهورية تتارستان أحد الكيانات الفدرالية في دولة روسيا الاتحادية
وناقش الاجتماع إمكانية تنظيم اجتماع يجمع بين أصحاب الأعمال القطريين ونظرائهم من تتارستان لبحث آفاق التعاون بين القطاع الخاص في كلا البلدين والفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين، خاصة وأن هناك مذكرة تفاهم بين غرفتي البلدين.
وتشكل جمهورية تتارستان أحد الكيانات الفدرالية في دولة روسيا الاتحادية، وتقع على السفوح الغربية لجبال الأورال الفاصلة بين آسيا وأوروبا، وهى لا تجاور أي دولة أجنبية، إذ تقع في قلب روسيا الاتحادية في السهل الأوروبي الشرقي على نهر فولغا شريان الحياة الرئيسي لوسط روسيا، وتتكون من 57 وحدة إدارية، بمساحة تبلغ نحو 70 ألف كم²، ويقترب سكانها من أربعة ملايين نسمة.
وتمتاز الأراضي التتارية بوفرة الموارد المعدنية والزراعية المتعددة، وهو ما ينعكس على نسبة البطالة المتدنية والتي لا تتعدى 1.2%، علاوة على ذلك تمتاز تتارستان بشبكة طرقات واسعة ومتطورة يبلغ طولها 32,000 كم، بالإضافة إلى سكك قطارات حديثة تبلغ طولها 1,889 كم كما يوجد فيها مطاران دوليان و5 موانئ صالحة للملاحة.
وتعد تتارستان واحدة من أهم مناطق إنتاج وتصنيع النفط في روسيا ويبدأ منها خط أنابيب البترول إلى شرق أوروبا المعروف باسم خط "الصداقة"، وتحتل شركة "تات نفط" التتارية المرتبة السادسة في روسيا من حيث حجم استخراج البترول، فهي تنتج 32 مليون طن من النفط الخام سنويا، ولديها احتياطات تصل إلى مليار طن متري من البترول، كما يوجد فيها الغاز الطبيعي والجبس، بينما يشكل الإنتاج الصناعي 30 من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي للجمهورية، وتمثل صناعة البتروكيماويات وبناء الآلات الجزء الأكثر تطورا ضمن الصناعات التحويلية.