توقعات مدى تأثير حرب غزة على اقتصادات المنطقة والعالم
عقب ما يزيد عن 100 يوم من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أصبح الاقتصاد العالمي في موقف حرج إذ أن هناك العديد من المخاوف التي تحيط بمخاطر التضخم في العالم.
ومع دخول جماعة أنصار الله الحوثيين في اليمن الحرب وأعلانها قطع الطريق امام السفن المرتبطة بإسرائيل تزايدت المخاوف التي تواجة الاقتصاد العالمي.
تتفاقم حالة "عدم اليقين" التي يواجهها الاقتصاد العالمي، تحت وطأة عديد من التطورات المختلفة، وعلى رأسها العوامل الجيوسياسية، بدءاً من الحرب في أوكرانيا وحتى تداعيات الحرب الحالية في غزة وما يصاحبها من اضطرابات واسعة، بما في ذلك التوترات في منطقة البحر الأحمر وانعكاساتها على حركة التجارة الدولية.
صندوق النقد الدولي
وفي هذ السياق، فإن صندوق النقد الدولي رصد في تقرير له أخيراً عن "أثر الصراعات والتحديات الاقتصادية في المنطقة"، أبرز العوامل التي تُعمق من حجم التأثيرات على النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:
التخفيضات في إنتاج النفط
التخفيضات في إنتاج النفط (على الرغم من استمرار النمو القوي لنشاط القطاع غير النفطي وتأثيره الإيجابي في دعم النمو لدى الدول المصدرة للنفط).
الاستمرار في تطبيق السياسات الاقتصادية المتشددة والضرورية في العديد من الاقتصادات.
وخفض تقرير صندوق النقد الدولي نسبة النمو المتوقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال العام الجاري بنصف نقطة مئوية إلى 2.9 بالمئة، وذلك بعد نسبة نمو متواضعة سجلها اقتصاد المنطقة في العام الماضي بلغت 2 بالمئة.
كما توقع التقرير أن يظل متوسط النمو لدى الدول الأقل دخلا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنطقة السالبة، في استمرار للانكماش الحاد المسجل خلال العام الماضي، مرجعا ذلك بشكل رئيسي إلى استمرار الصراع في السودان.
الصندوق توقع أن يستمر العمل لمكافحة التضخم في معظم اقتصادات المنطقة، على الرغم من أن استمرار ضغوط الأسعار في بعض الحالات، وذلك لعوامل ذكر الصندوق أنها تختلف بحسب اقتصاد كل بلد في المنطقة.
احتمالية ارتفاع أسعار النفط
وبين أرشيد أن أحد السيناريوهات يشير إلى احتمالية ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير في حال توسع الحرب، ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع بالنسبة للتجارة العالمية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، متوقعًا أن يؤدي هذا الارتفاع في أسعار النفط إلى زيادة التضخم العالمي، وبما يضع ضغوطاً إضافية على النمو الاقتصادي ويؤثر على قدرة الشركات على تحقيق الأرباح بسبب ارتفاع التكاليف.
من ناحية أخرى، تشير التحليلات إلى أن الغاز الطبيعي قد لا يتأثر بنفس القدر الذي يتأثر به النفط، نظرًا لوجود بدائل أخرى وتحوطات قامت بها الدول الأوروبية بعد الحرب الروسية الأوكرانية. ومع ذلك، فإن التوقعات بشأن شتاء قارس قد تؤدي إلى زيادة في الأسعار.
وأكمل أرشيد أن التقديرات تشير إلى أن الحرب في غزة أدت إلى رفع مستويات المخاطر الاقتصادية في المنطقة، مما أثر على عدة محاور بما في ذلك التجارة وقطاعات أخرى مثل السياحة والنفط والأسواق المالية.
وأشار أيضاً إلى أن الدول المجاورة لغزة تأثرت بدرجات متفاوتة من هذه التداعيات، مرجعًا السبب في تخفيض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نتيجة لهذه الأزمة.
ارتفعت تكلفة شحن البضائع بشكل ملحوظ
من جانبه، فإن الرئيس التنفيذي في مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، قال في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز" إن الحرب في عزة لن ينتج عنها انكماش في الاقتصاد العالمي، لكن التأثير المتوقع لها ارتفاع تكلفة شحن البضائع حول العالم خصوصاً في أوروبا.
وتوقع الرفاعي أن ينتج عن هذا الوضع معاودة نسب التضخم للارتفاع من جديد بهذه الدول، وهذا ما سينتج عنه مخالفة توقعات خفض الفائدة حول العالم خلال 2024، مؤكدًا أنه حال اشتعال أي حرب جديدة سيكون وضع الاقتصاد العالمي على المحك.
شحن البضائع
وتهدد الاضطرابات التي تشهدها الملاحة في البحر الأحمر بتعميق آلام الاقتصاد العالمي، بعد أن قررت شركات عالمية كبرى زيادة أسعار الشحن، لتجنبها السير عبر البحر الأحمر وقناة السويس التي تمثل نحو 12 بالمئة من حركة الشحن العالمية، بسبب الهجمات على السفن التجارية، واتخاذ عديداً من الشركات مسارات بديله حول إفريقيا.
على إثر الهجمات ارتفعت تكلفة شحن البضائع بشكل ملحوظ مع استمرار شركات الشحن العملاقة في تجنب طريق البحر الأحمر الرئيسي، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الشحن بنسبة 80 بالمئة في الأسبوع الماضي، بعد أن ارتفعت بالفعل بنسبة 50 بالمئة تقريبًا في الأسبوع السابق، طبقاً لتقرير نشرته "سكاي نيوز" البريطانية.
وضع الاقتصاد العالمي تحت السيطرة
وإلى ذلك، ذكر خبير المخاطر المالية من الولايات المتحدة، محي الدين قصار، في تصريح له أنه حتى الآن فإن وضع الاقتصاد العالمي تحت السيطرة، ولن تؤثر حرب غزة على الوضع الاقتصادي عموماً.
وأضاف أن الدول الغربية قادرة على حل مشكلة المرور من البحر الأحمر، لو أرادت ذلك عمليًا.