بعد 11 شهرًا من الدمار.. السودان يطرق أبواب مصر لحل الأزمة
رغم ويلات الحرب والمأساة الإنسانية التى يرزح تحتها ملايين السودانيين منذ اندلاع الأزمة السودانية منتصف أبريل 2023، يأمل السياسيون فى وضع حد للصراع فى السودان ولاسيما قبل إقبال شهر رمضان المبارك، كى لايعلو صوت على صوت مدفع الشهر الفضيل، ويتمكن الأشقاء من التقاط أنفاسهم، ويلملم ملايين النازحيين فى الجوار جراحهم حين يعم الاستقرار.
ومن أجل وقف الحرب وإنهاء الأزمة في السودان، يطرق مسئولو السودان بين الحين والآخر أبواب الشقيقة الكبرى فى القارة السمراء "مصر"، وذلك ثقة فى صدق الجهود المصرية التى تعاملت مع الأزمة السودانية منذ البلداية وفق مبدأ "دبلوماسية الأشقاء وحسن الجوار"، وكانت السبب الأبرز الذى دفع فرقاء السودان من قادة الجيش السودانى والدعم السريع وأنصارهم، للجوء للقاهرة لوضع حد لنزاع خلف مأساة إنسانية لملايين السودانيين، وأسال دماء أكثر من 13 ألف شخص حتى اليوم وفق احصائية للأمم المتحدة.
ويأمل السياسيون السودانيون فى الوصول لحل سياسي سلمي تفاوضي يؤسس لسلام مستدام في السودان، وهو أمر يتطلب تنسيق الجهود مع دول الجوار السودانى، وتأتى القاهرة فى مقدمة الدول التى وضعت إنهاء الأزمة السودانية على أجندة أولوياتها نظرا للأهمية الخاصة التى توليها الدولة المصرية بأفريقيا وفى القلب منها الجار السودانى الذى يدخل ضمن دوائر الأمن القومى المصرى.
ومنذ الوهلة الأولى قدمت مصر جهودا مكثفة لاحتواء الأزمة السودانية على مختلف الأصعدة والمسارات، السياسية والدبلوماسية وحتى الإنسانية، ولم تتخلى مصر عن أشقاءها، بل فتحت أبوابها للشعب السودانى للفرار من جحيم الحرب، وما خلفه من مشاهد دمار وترويع، ويأتى الدور الإنسانى الذى لعبت القاهرة مع الأشقاء من النازحين السودانيين من أبرز الأسباب التى تدفعهم للجوؤ لمصر، وذلك بشهادة القنصل العام السودانى في محافظة أسوان السفير عبدالقادر عبدالله محمد الذى قديم الشكر للسلطات المصرية على حسن استضافتهم لأشقائهم من السودان الذين وصلوا مصر بعد الأزمة.
الأزمة السودانية حاضرة على أجندة الدولة المصرية
ومنذ اندلاع الأزمة السودانية كانت بشكل دائم حاضرة على أجندة الدولة المصرية التى وفقت على الحياد بين طرفيها، وترجمت رؤيتها على أرض الواقع، والتى تقوم على عدم التدخل فى شئون السودان والانحياز لأى طرف على حساب الطرف الاخر، وذلك من خلال تواصل المسئولين المصريين مع طرفى الأزمة.
ويعد تزاحم الوفود السودانية على القاهرة دليل على ثقة كافة الأطراف فى الدولة المصرية ومؤخرا زارت اللجنة رفيعة المستوى المعنية بالسودان التابعة للاتحاد الافريقي برئاسة السيد محمد بن شمباس، القاهرة وعقدت لقاءات مع المسئوليين المصريين أبرزهم أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، حيث بحث الجانبان جميع جوانب الأزمة.
وسبق أن زار الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، القاهرة والتقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وشهد اللقاء استعراض تطورات الأوضاع في السودان، والجهود الرامية لتسوية الأزمة الجارية بما يضمن استعادة الاستقرار، ويحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية ومؤسساتها، ويلبي تطلعات الشعب السوداني الشقيق نحو تحقيق الأمن والاستقرار.
وشدد الرئيس على حرص مصر على أمن السودان الشقيق، ومواصلة تقديم الدعم الكامل لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي بالسودان، ودعم وحدة الصف السوداني وتسوية النزاع القائم، انطلاقاً من الارتباط الوثيق بين الأمن القومي للبلدين، كما أكد الرئيس استمرار مصر في الاضطلاع بدورها في تخفيف الآثار الإنسانية للنزاع على الشعب السوداني.
زيارة البرهان ووزير الداخلية السوداني للقاهرة
وبالتزامن مع زيارة البرهان زار وزير الداخلية بجمهورية السودان، مصر وأعرب عن تقديره لجهود أجهزة وزارة الداخلية المصرية فى المرحلة الراهنة كما صرح بأن زيارته تأتى فى إطار العلاقات الوثيقة والتشاور المُستمر بين مسئولى البلدين الشقيقين ، مُؤكداً إهتمام بلاده بتبادل الخبرات مع الأجهزة الأمنية المصرية المشهود لها بالكفاءة فى شتى مجالات العمل الأمنى ، فضلاً عن تطلعه إلى تعزيز قنوات الإتصال وآليات تبادل المعلومات بين الجانبين فى ضوء التحديات الأمنية التى تفرضها الأوضاع الراهنة بالمنطقة.
وتمتلك الدولة المصرية رؤية لحل الأزمة فى السودان، لأسباب أبرزها أن استقرار هذا البلد والمحيط الأفريقي يعد أحد أهم مرتكزات الأمن القومي المصري، لذا قادت القاهرة الكثير من الجهود لاحتواء الأزمة والحيلولة دون الدخول فى نفق مظلم منذ اندلاعها.
وتقترب الحرب فى السودان من عامها الأول، ودفع القتال الشرس الذى اندلع منذ منتصف أبريل 2023، بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع بالبلاد إلى شفير الانهيار، فضلا عن معاناة الغالبية العظمى من السكان، حيث يتفاقم الجوع، وتنتشر الأوبئة، والانتهاكات، وحل انهيار اقتصادى تام، وفقا لتقارير منظمات دولية.
وأسفر الصراع بعد 11 شهر من الحرب على العديد من الكوارث جاء أبرزها كالتالي:
- أسفرت الحرب عن مقتل 13 ألفا و900 قتيل وفقا لما أعلنته الأمم المتحدة.
- قالت وزارة الصحة السودانية فى بيان، أن حوالى 27 ألفا و700 شخص أصيبوا خلال الفترة بين 15 أبريل 2023 و26 يناير 2024.
- ذكر بيان الأمم المتحدة أن عدد النازحين بسبب النزاع بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع" فى تزايد مستمر.
- أعلنت الحكومة السودانية أن عدد النازحين فى 9 ولايات بلغ اكثر من ١١مليون نازحا يتواجدون فى 67 محلية.
- فر نحو 8.1 ملايين شخص من منازلهم فى السودان، ويشمل ذلك حوالى 6.3 ملايين داخل السودان و1.8 مليون فروا إلى خارج البلاد، حسب بيان المكتب الأممى.
- ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن طفلا واحدا يموت كل ساعتين فى مخيم زمزم للنازحين بدارفور حيث يتواجد نحو 300 ألف نازح.
- برنامج الأغذية قال أن كثيرا من العائلات اضطرت إلى شرب مياه المستنقعات، ونحو 18 مليون شخص فى أنحاء السودان يواجهون حاليا الجوع الحاد.
- السودان يتصدّر قائمة الطوارئ الإنسانية الدولية فى قائمة لجنة الإنقاذ الدولية
- انهيار اقتصادى تام وفقا لدراسة نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، بلغت تكلفة الحرب أكثر من 100 مليار دولار، إذ توقف 70% من النشاط الاقتصادى فى السودان. وتُقدر تكلفة المعارك فى السودان بنحو نصف مليار دولار يوميًا.
- انخفاض معدل النمو الاقتصادى إلى -18.3%، وأدت الحرب لانهيار العملة المحلية امام الدولار الجنيه السودانى خسر أكثر من 50% من قيمته.
- ارتفاع معدل البطالة لـ 117.4% عام 2024، وتراجع إنتاج الذهب من 18 طنًا إلى طنين فقط، كما فقدت الخزينة السودانية عائدات صادرات الذهب التى تقدر بمليارى دولار.
- تعرض 100 بنك للنهب تم سرقة أكثر من 38% من أموال مصارف الخرطوم، والبنك المركزى السودانى يعانى من نقص شديد فى السيولة بسبب العمليات التخريبية.