مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حصار الموت والجوع.. قنبلة موقوتة تهدد «الفاشر» في السودان

نشر
الأمصار

تتجه الأوضاع بصورة متسارعة نحو كارثة إنسانية بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.

وفاقم من تدهور الأوضاع أعقاب استمرار الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع في السودان، على المدينة التي تعتبر آخر معاقل الجيش وحركات دارفور المسلحة المتحالفة معه في الإقليم.

ويواجه نحو مليون مدني محاصرين داخل "الفاشر" العاصمة التاريخية لإقليم دارفور في السودان على مدى العصور، تحديا ومصيرا مجهولا حيث لا يستطيعون مغادرة المدينة إلى المناطق الآمنة، في ظل صعوبة الحصول على غذاء كافٍ بسبب غلق الطرق ومنع شاحنات المواد الغذائية والبترولية من دخول المدينة.

إضافة إلى ذلك تعد المدينة تجمعا رئيسيا يأوي نحو 300 ألف نازح آخرين من ضحايا حرب دارفور في عام 2003 يقيمون في مخيمات "أبو شوك"، "زمزم"، "نيفاشا" و"أبوجا"، بجانب مئات الآلاف من النازحين الجدد الذين فروا من مدن نيالا، الجنينة، زالنجي، كتم، وكبكابية، وبقية مدن السودان التي امتد إليها القتال، ونازحي قرى ريفي الفاشر جراء تداعيات وقوف الحركات المسلحة إلى جانب الجيش.

وحشد الجيش والحركات المسلحة، والمليشيات المتحالفة معه مقاتلين استعداداً لخوض معركة مصيرية من المقرر أن تحدد وجودهما في الإقليم أو سيطرة قوات الدعم السريع الكاملة على ما تبقى من آخر ولايات إقليم دارفور الخمس حال عزيمة الجيش الذي يتمركز في الفرقة 16 وسط المدينة.

نزوح جماعي

وقال مسؤول في مفوضية العون الإنساني بولاية شمال دارفور في السودان، اشترط عدم ذكر اسمه، إن التطورات الأخير في شمال دارفور أدت إلى نزوح من أحياء شمال وشرق المدينة بالكامل إلى أحياء جنوب المدينة.

وأشار إلى الارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع والمواد الغذائية الضرورية إلى الضعف على الأقل حيث ما زالت في زيادة منذ مطلع أبريل الماضي.

وأكد أن الأوضاع ستتحول إلى كارثة إنسانية حال انتقال المواجهات إلى وسط المدينة، خاصة وأن المدينة تعتبر مركزا لتجمع النازحين وضحايا حرب دارفور.

وأعرب نازحون في مخيم "أبو شوك"، عن مخاوفهم من تعرض حياتهم للخطر حال انتقال المعارك إلى داخل المخيم الذي يقع ضمن دائرة المواجهات، خاصة بعد تعرض المخيم إلى قصف مدفعي أثناء تبادل إطلاق النار شمال الفاشر مؤخراً.

سودانيون في الفاشر

وأشار النازحون إلى عدم قدرتهم على الخروج من المخيم ولا توجد لديهم أي وجهات يذهبون إليها بعد حرق قراهم بسبب الحرب التي شهدتها دارفور خلال الأعوام السابقة.

أما مخيم "زمزم" الذي يقع جنوب شرق المدينة فقد أصبح ضمن الارتكازات والدفاعات الأساسية للحركات المسلحة بعد انخرط مئات نازحي حرب دارفور في صفوف المقاومة الشعبية بحجة الدفاع عن أنفسهم وممتلكاتهم، الأمر الذي سيعقد من حجم الكارثة.

وفاقمت التطورات في المدينة من تدهور الوضع الصحي المأزوم قبل اندلاع الحرب الجارية في السودان، وتسبب في خروج مركزين رئيسين للخدمة في شمال وشرق المدينة هم مركز سيد الشهداء ومركز أبو شوك الحلة بسبب نقص وعدم توفر الوقود.

وفيات الأطفال

وأظهر مسح طبي ميداني أجرته منطقة "أطباء بلا حدود" تزامنا مع فترة الحصار أن معدلات وفيات الأطفال في مخيمات النازحين الناتجة عن سوء التغذية الحاد بلغت نحو 30% من الأطفال في مخيم "زمزم" يعانون من سوء التغذية الحاد، و8% يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.

كما تعاني 33% من النساء الحوامل من سوء التغذية الحاد، مما يشير إلى وجود حالة طوارئ واسعة النطاق تهدد الحياة النازحين.

وتتطابق الأوضاع الصحية بمخيم "زمزم" مع عدد من المخيمات الأخرى داخل الفاشر نتيجة لتوقف حصص الغذاء الذي كان يقدمه برنامج الغذاء العالمي للمخيمات قبل اندلاع القتال.

وحول الإمداد الدوائي قال الدكتور محمد موسى ممثل لجنة نقابة الأطباء بشمال دارفور إن الإمداد الدوائي بالمدينة يغطي نسبة 2% فقط من حاجة مراكز الخدمة العامة والخاصة، مشيرا إلى خروج كل المراكز التي كانت تدعمها المنظمات الإنسانية من الخدمة.

وحذر موسى، من انهيار القطاع الصحي في ظل استمرار الحصار على المدينة، مطالباً اللجان الأهلية الفاعلة بالتحرك للضغط على طرفي الصراع لتجنيب المدينة المواجهات العسكرية، وفتح الممرات لدخول المساعدات الإنسانية والقوافل التجارية والخروج الآمن للمدنيين.

ممرات أكثر تعقيدا

وبات من الصعب على المدنيين الراغبين في الفرار من القصف المتبادل مغادرة المدينة، حيث كشف عضو بلجنة الطوارئ بولاية شمال دارفور في السودان، عن أن ممرات خروج المدنيين باتت أكثر تعقيدا وفي غاية الخطورة حيث لا يستطيع المدنيين الخروج شمال عبر طريق مليط وشرقاً الطريق الرئيسي بسبب تمركزات قوات الدعم السريع المنتشرة هناك، علاوة على الانتشار الواسع لعمليات النهب.

وقال عضو لجنة الطوارئ، إن المسار الوحيد المتاح للخروج عبر منطقة "شقرا" جنوب غرب المدينة حال أراد المدنيون الخروج إلى مدن طويلة، كبكابية، كُتم.

وبرر ذلك بتواجد مليشيات مسلحة على الطرق الجنوبية والجنوبية من بادية "كولقي" والطرق الجنوبية إلى مدينة نيالا.

تضاعف الأسعار

ومنذ الخامس من أبريل الماضي توقفت حركة شاحنات البضائع القادمة عبر الطرق الرئيسية عبر طريق الإنقاذ الغربي وطريق مليط والمالحة القادمة من مدينة الكفرة الليبية، منذ سيطرة قوات الدعم السريع على الطريق ونزوح سكان أحياء وسط وشرق الفاشر إلى الكومة والمالحة وأم كدادة، بعد تزداد غارات الطيران الجيش على المنطقة.

إلى ذلك، كشف محمد أبكر أحد تجار الفاشر إلى ارتفاع أسعار الوقود حيث بلغ سعر جالون البنزين لأول مرة منذ اندلاع الحرب 50 ألف جنيه سوداني بعد أن كان 15 ألف جنيه، قبل أسبوع من التطورات الأخيرة وعزا ذلك إلى خطورة الأوضاع خارج المدينة.

فيما ارتفعت أسعار الدقيق زنة 25 كيلوغراما من 39 ألف جنيه إلى 45 ألف جنيه، وارتفع سعر السكر من 100 إلى 120 ألف جنيه، بينما تضاعفت أسعار الأرز والمكرونة، الزيت والعدس.