بعد مشاركتهم في افتتاح مسجد السيدة زينب.. من هم البهرة وعلاقاتهم بمصر؟

أثارت مشاركات "طائفة البهرة" الهندية في أعمال تطوير مساجد وأضرحة "آل البيت" في مصر، جدلًا حول دوافع اهتمامها بتجديد وتطوير هذه المباني الدينية.

اهتمام بتراث الفاطميين

ويرجح البعض أن إسهامات "البهرة" تعود إلى اهتمامها بتراث الفاطميين، حيثُ يُعد "آل البيت" من أهم رموز هذا التراث.

وفي هذا السياق، يشير أزهريون إلى أنّ "البهرة" تؤمن بأهمية الحفاظ على هذه المعالم الدينية،

وترى في تطويرها تعبيرا عن التقرب إلى الله.

مشاركة سلطان البهرة

وليس من قبيل الصدفة أن تتزامن مشاركات "طائفة البهرة" في أعمال تطوير مساجد "آل البيت" مع زيارات سلطان الطائفة لمصر.

فقد شارك سلطان البهرة، مفضل سيف الدين، مؤخرًا في افتتاح مسجد السيدة زينب (وسط القاهرة) بعد تطويره بشكل كامل، مُرافقًا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وأشاد السيسي بإسهامات هذه الطائفة،

مُؤكّدًا على أنّ "مشاركتكم ومساهمتكم مقدّرة ولها دلالة كبيرة على حبّ أهل البيت والبَذل من أجلهم".

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يُشارك فيها سلطان البهرة في افتتاح أعمال تطوير مساجد "آل البيت" في مصر،

حيثُ شارك مع الرئيس المصري في افتتاح مسجد "السيدة نفيسة" في أغسطس (آب) الماضي،

وبالإضافة إلى مشاركته في افتتاح أعمال تطوير مسجد الحسين في أبريل (نيسان) عام 2022.

وتعد طائفة البهرة من أهم الأقليات الدينية في مصر، حيث تشكل جزءًا هامًا من النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد.

ويرجع المسلمون الدواوين البهرة تراثهم إلى الأئمة الفاطميين، باعتبارهم أحفاد النبي محمد (ص) مباشرة في مصر. وخلال القرنين العاشر والثاني عشر، حكموا أجزاء كبيرة من العالم الإسلامي تمتد من شمال إفريقيا في الغرب إلى باكستان في الشرق.

وتعني كلمة "البهرة" التاجر. ويتبع الداووديون البهرة المذهب الشيعي الفاطمي الإسماعيلي الطيبي. وتقوم عقيدتهم على الإيمان بأهل البيت بصفتهم الخلفاء الشرعيين للنبي محمد (ص).

ويضم البهرة، بالإضافة إلى هذه الأغلبية الشيعية، والذين يكونون غالبًا من طبقة التجار، أقلية سنية تكون عادةً من المزارعين الفلاحين.

وفيما يلي يغوص “الأمصار”، في تاريخ طائفة البهرة العريق، وسنُسلّط الضوء على علاقاتها التاريخية مع مصر، مع إضافة معلومات أكثر تفصيلاً في فقرات منسقة.

أصول طائفة البهرة

• ينتسب البهرة إلى الإمام المستعلي الفاطمي، أحد أئمة الشيعة الإسماعيلية.
• هاجروا من موطنهم الأصلي في اليمن إلى الهند في القرن الحادي عشر الميلادي.
• انتشروا بعد ذلك في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك مصر وشرق إفريقيا وشرق آسيا.

وصول البهرة إلى مصر

• وصلت طائفة البهرة إلى مصر في القرن السادس عشر الميلادي، واستقرّت في القاهرة والإسكندرية.
• هاجر البهرة إلى مصر لأسبابٍ اقتصادية ودينية، حيثُ كانت مصر مركزًا هامًا للثقافة والحضارة الإسلامية في ذلك الوقت.

والبهرة أحد فروع الطائفة الإسماعيلية التي تنتمي إلى إسماعيل بن جعفر الصادق المنحدر من سلالة الحسين بن علي بن أبي طالب.

وفقا لموسوعة "بريتانيكا"، فإن البهرة هم المسلمون الشيعة الإسماعيليون من الطائفة المستعلية، الذي يعيشون في غرب الهند.

وأوضحت أن الطائفة المستعلية، التي نشأت في مصر ثم نقلت مركزها الديني فيما بعد إلى اليمن، اكتسبت موطئ قدم في الهند من خلال المبشرين في القرن الحادي عشر.

وبعد عام 1539، وهو الوقت الذي نمت فيه الجالية الهندية بشكل كبير، تم نقل مقر الطائفة من اليمن إلى سيدبور في الهند.

وشهد عام 1588 انقساما في مجتمع البهرة بين أتباع داوود بن قطب شاه وسليمان، اللذين ادعى كل منهما قيادة المجتمع. وظل أتباع داوود وسليمان منذ ذلك الحين المجموعتين الرئيسيتين في البهرة، مع عدم وجود اختلافات عقائدية كبيرة، ويتواجد داعي أو زعيم أو سلطان الداووديين المقيمين في بومباي، بينما يتواجد زعيم السليمانيين في اليمن.

ولذلك ينقسم "البهرة" إلى فرقتين: "البهرة الداوودية" ويوجد أفرادها في الهند وباكستان ومركزها في بومباي، و"البهرة السليمانية" ومركزها في اليمن.

ويختلف الداووديون البهرة المسلمون عن البهرة السنة الملسمين، الذين يتشاركون مع الداووديين في العديد من السمات الثقافية، وفقا للموقع "دي أن أيه أنديا".

ويتشارك البهرة تقاليدهم مع جميع المسلمين الشيعة في أن الرسول محمد (ص) قد خلفه مبعوثه، علي بن أبي طالب، الذي شرح وفسر الوحي الذي تلقاه النبي محمد (ص). واختار الإمام علي بن أبي طالب بدوره ابنيه الإمامين الحسن والحسين كأول إمامين يواصلان إرشاد مجتمع المؤمنين، وفقا للموقع الرسمي للبهرة الداووديين.

ومن العناصر الأساسية لعقيدة الداووديين البهرة أن الإمام المنحدر من النبي من خلال حفيده، الإمام الحسين، موجود دائما على الأرض لمواصلة مهمة إرشاد البشرية. ويُعتقد أن الإمام، مثل النبي، بلا خطيئة ومعصوم من الخطأ كما أنه طاهر ومقدس، ويعتبر مستودع المعرفة النبوية والمفسر النهائي للدين، وفقا لموقع "داوودي بهرة".

ويقوم البهرة بانتظام بأداء فريضة الحج في مكة وضريح النبي في المدينة المنورة، بجانب زيارة أضرحة أسرة النبي المقربين، والتي تعد أيضا جزءا من تقليد البهرة الديني.

ولهذه الطائفة مزارات دينية وآثار تعود للدولة الفاطمية، مثل ضريح حاتم الحضرات الداعية الفاطمي المدفون في منطقة حراز غربي العاصمة اليمنية صنعاء، ومسجد الحاكم بأمر الله في العاصمة المصرية القاهرة.

وساهم البهرة بشكلٍ فعّال في إثراء الحياة في مصر، وهم يُشكّلون جزءًا هامًا من النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد.

وعلى الرّغم من اختلاف المذهب الدّيني لـ«البهرة» عن المذهب السّني في مصر، فإنه موجود فيها منذ عقود طويلة، لكن لدى البهرة لديهم ارتباطٌ كبيرٌ بمزارات آل البيت وينفقون على أعمال تطوير هذه المزارات.