59 عامًا على إعدام إيلي كوهين.. حكاية أشهر جاسوس إسرائيلي
59 عاما تمر على إعدام الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، كان ذلك يوم 18 مايو/أيار من عام 1965.
إيلي كوهين هو أشهر جواسيس إسرائيل لا سيما في العالم العربي، فقد زرعه الموساد الإسرائيلي في المجتمع السوري، حتى وصل إلى أعلى المناصب، وفق وسائل إعلام إسرائيلية.
والمفارقة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سبق وأعلن أن بلاده لا تزال تبحث عن رفاته، وتبذل قصارى جهدها من أجل إعادته إلى إسرائيل، رغم مرور كل هذه السنوات على إعدامه.
قصة إيلي كوهين
ولد إيلي كوهين في 16 سبتمبر/أيلول من عام 1924 في محافظة الإسكندرية المصرية، وتحديدا في منطقة الحي اليهودي، وينحدر من أسرة أصولها سورية، إذ هاجر أبوه وأمه من مدينة حلب.
حسب معلومات ذكرتها صحيفة يديعوت أحرونوت، في تقرير سابق، فإن شاؤول والد إيلي كان أبا لـ8 أبناء، وكان يمتلك محلا تجاريا لبيع رابطات العنق، وقد حرص على تربيتهم تربية دينية.
وقد التحق إيلي في طفولته بمدارس دينية يهودية، ثم درس الهندسة في جامعة القاهرة ولكنه لم يكمل تعليمه، وفق تقرير سابق لشبكة بي بي سي البريطانية، كما أجاد العبرية والعربية والفرنسية بطلاقة.
ويقول تقرير بي بي سي إن كوهين انضم للحركة الصهيونية وهو في العشرين من عمره، كما التحق بشبكة تجسس إسرائيلية في مصر بزعامة إبراهام دار المعروف بجون دارلنغ، وقيل إنه قدم معلومات عن الجيش المصري.
لكن عقب حرب السويس، هاجر كوهين من مصر نهائيا عام 1957، إلى أن وصل إلى إسرائيل، وبعد وصوله عمل في البداية في ترجمة الصحافة العربية للعبرية ثم التحق بالموساد الإسرائيلي.
وبحسب الكاتب جابر رزق فى كتابه "الإخوان المسلمون والمؤامرة على سوريا" فإن تمكين اسرائيل وتأمين وجودها فى المنطقة العربية، كان عن طريق الانقلابات العسكرية التى اجتاحت المنطقة، مشيرا إن الجاسوس إيلى كوهين قد استطاع أن يحكم سوريا من علاقته بأقطاب حزب البعث وخاصة رئيس الجمهورية أمين الحافظ ورئيس الوزراء صلاح البيطار ورئيس الحزب ميشيل عفلق.يوضح كتاب "الموسوعة الكبرى للجماعات الإسلامية المسلحة" تأليف بلهول نسيم، إن ضابط المخابرات الإسرائيلى إيلى كوهين، الذى ذهب إلى الأرجنتين وأقام صداقة مع أمين الحافظ، دخل سوريا باسم "كامل أمين ثابت" وسكن حى "أبو رمانة" فى دمشق، وأصبحت شقته الحصن الحصين الذى يأوى إليه قادة حزب البعث.
وألمح الكتاب إلى أن الوزارة عرضت على إيلى كوهين ليكون رئيسا لوزراء سوريا، واستشار الجاسوس الإسرائيلى رئيس وزراء إسرائيل آنذاك بن جوريون والذى رفض توليه هذه المنصب، لافتا إلى أن تمكن "كوهين" فى المجتمع السورى جعل البعض يطلق عليه الشاب الثورى الأول، وكان الشخص المدني الوحيد الذى يدخل المطارات والقواعد العسكرية.وعندما كانت تمر سيارة رصد الاتصالات الخارجية التابعة للأمن السورى أمام بيت إيلى كوهين، ضبطت رسالة وجهت من المبنى الذى يسكن فيه، وتمت محاصرة المبنى على الفور، وقام رجال الأمن بالتحقيق مع السكان ولم يجدوا أحداً مشتبها فيه، ولم يجدوا من يشكون فيه فى المبنى، إلا أنهم عادوا واعتقلوا كوهين بعد مراقبة البث الصادر من الشقة.وعبر سنوات طويلة ظلت أسرة الجاسوس الإسرائيلى تحيى ذكراه فى شمال الجولان المحتل، حيث اختارت موقعاً قرب مبنى قديم كان يستخدمه الجيش السورى، لقناعتها أن هذا المكان هو الأقرب لمنطقة دفنه.
اختراق المجتمع السوري
وفق تقرير بي بي سي، تم إعداد قصة مختلقة له لزرعه لاحقا في سوريا، فذهب للأرجنتين عام 1961، على أنه سوري مسلم اسمه كامل أمين ثابت، وقد نجح هناك في بناء سمعة جيدة كرجل أعمال ناجح متحمس لوطنه الأصلي سوريا.
وفي الأرجنتين، توثقت صداقته بالملحق العسكري السوري أمين الحافظ الذي أصبح رئيسا لسوريا لاحقا، ثم انتقل إلى دمشق عام 1962، حيث بنى علاقات مع شخصيات في أعلى مستويات السلطة وكبار ضباط الجيش ورجال المجتمع والتجارة وسكن بحي أبو رمانة المجاور لمقر قيادة الجيش السوري.
اكتشاف أمره
وفقا للكاتب الصحفي المصري الراحل محمد حسنين هيكل، فإن المخابرات المصرية هي التي كشفته بعد رصد أحد ضباطها له ضمن المحيطين بأمين الحافظ في صور خلال تفقده مواقع عسكرية.
لكن الجهات السورية، في المقابل، قالت حينها إن أجهزة أمنها هي التي كشفته بمساعدة فنية من جانب روسيا، ثم خضع عقب ذلك لمراقبة المخابرات السورية، التي اعتقلته لاحقا وصدر حكم بإعدامه شنقا في ساحة المرجة بالعاصمة السورية في يوم 18 مايو/أيار.