اقتراب صدور مذكرات التوقيف لقادة إسرائيل وحماس.. هل ستنتهي حرب غزة؟
أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، عن سعيها لإصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين من إسرائيل وحماس، على خلفية الحرب المستمرة في غزة منذ شهور، القضية إلى الواجهة.
وأشارت تقارير سابقة، إلى تداول المحكمة للشأن ذاته، قد أثارت انتقادات من جانب الأطراف المعنية، فضلا عن تحذيرات أمريكية.
وبمجرد موافقة قضاة المحكمة، يمكن أن تُصدر الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق كل من:
- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت من الجانب الإسرائيلي
- رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب عزالدين القسام الجناح العسكري للحركة محمد الضيف
- فضلا عن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية - من جانب حماس.
ماذا يعني حكم الجنائية الدولية؟
وتنطوي مذكرات توقيف الجنائية الدولية على تبعات قوية، لعل أبرزها تقييد حركة الأشخاص الصادرة بحقهم؛ إذ ستتردد في استقبالهم الدول الموقعة على الاتفاقية الخاصة بالمحكمة (فيما يعرف قانونيا بأطراف نظام روما الأساسي) والبالغ عددها 124 دولة.
ومن شأن ذلك على المستوى الدولي، أن يمعن في عزل إسرائيل، وأن يقلّص من المساحة التي يتحرك فيها المسؤولان الإسرائيليان على الساحة الدولية، وأن يزيد الضغط على الإدارة الأمريكية لتضغط بدورها على حليفتها الإسرائيلية من أجل إنهاء الحرب في غزة.
ويمكن للدول الموقّعة على هذه الاتفاقية أن تعتقل أياً من الأشخاص الذين يصدر بحقهم مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية وأن ترسله بدورها إلى المحكمة ذاتها لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقّه وفقا للائحة المحكمة.
واستشعارا لخطورة الأمر، استبق نتنياهو الأحداث بخطوة، وأصدر في الـ 30 من أبريل الماضي بيانا قال فيه إن أي مذكرة توقيف "ستكون عاراً غير مسبوق في التاريخ ... فضلا عن أنها قد تؤجج نيران معاداة السامية".
وعلى مستوى الحرب الدائرة في غزة، من شأن صدور مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت أن يلقي بالمزيد من التعقيدات على العتاد العسكري الإسرائيلي؛ إذ من المرجح أن تواجه إسرائيل تحديات على صعيد استيراد أسلحة، لا سيما من "حلفائها الغربيين الذين يعانون بالأساس إزاء تقديم الدعم لإسرائيل في ظل تنامي الأدلة على ارتكاب جرائم حرب خلال الشهور الماضية من الصراع" بحسب مراسلة الغارديان في القدس بيثان مكيرنان.
أما بالنسبة لحركة حماس، فإن تبعات صدور مثل هذه المذكرات تبدو أقل بكثير مما هي في إسرائيل؛ ذلك أن السنوار والضيف يُعتقد أنهما مختبئان في أنفاق تحت غزة، أما هنية فهو مقيم بالعاصمة القطرية الدوحة، وثلاثتهم غير مرحب بهم في معظم الدول الغربية.
لكن على الصعيد الفلسطيني، من شأن صدور مذكرات توقيف بحق قياديّي حماس أن يعقّد جهود تشكيل حكومة وحدة فلسطينية تضم مسؤولين بارزين من حماس، بحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين فلسطينيين.
ردود فعل دولية
من جانبه، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن قرار الجنائية الدولية بالـ "مشين"، فيما وصف رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيمس ريش، القرار بأنه "عبثي".
وقال السيناتور الجمهوري ريش إن "استصدار المحكمة لمذكرات توقيف بحق مسؤولين من حماس وإسرائيل في نفس الوقت يعطي انطباعا مضللا؛ إذْ يساوي بين أفعال الجانبين، مع أن إسرائيل إنما تقوم بالردّ على عدوان حماس مع توخّي درجة قصوى من الحذر إزاء المدنيين، في حين أن حماس اغتصبت وقتلت مدنيين إسرائيليين وأمريكيين" على حدّ زعمه.
ويتفق مع ريش داعمون لإسرائيل ويرون أنه سيكون من الصعب على نتنياهو أن يستسيغ فكرة المساواة بينه وبين قياديي حماس، حال تضمنتهم لائحة الاتهامات، بحسب مجلة الإيكونوميست البريطانية.
كما أن حماس انتقدت بيان القرار نفسه، قائلة إنه "يساوي بين الضحية والجلاد".
وقال سكان في قطاع غزة إن "القرار يساوي بالخطأ بين قادة الحركة الفلسطينية وقادة إسرائيل الذين يشنون حربا في القطاع الفلسطيني منذ أكتوبر/تشرين الأول" كما نقلت عنهم وكالة رويترز للأنباء.
ومن جانبه، حذّر المدعي العام للجنائية الدولية، كريم خان، من مغبة التهديدات بالانتقام من المحكمة، قائلا إن مثل ذلك "ينذر بتقويض حيادية المحكمة".
ونهضت لجنة خبراء قانونية بعبء الدفاع عن قرار المدعي العام، قائلة في تقرير لها "إننا بالإجماع نرى أن إعلان المدعي العام دقيق وعادل وقائم على أساس من القانون والوقائع، كما نرى أن هناك أساسات معقولة للاعتقاد بأن المشتبه بهم الذين حدّدهم قد ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية".
وأضافت اللجنة المكونة من ستة خبراء قانونيين في بيانها أنه "لا شك في أن الخطوة التي اتخذها اليوم المدعي العام للجنائية الدولية هي بمثابة علامة فارقة في تاريخ القانون الجنائي الدولي".
ما مصير نيتنياهو في حال صدور حكم المحكمة؟
حال صدور مذكرة توقيف بحق نتنياهو، سيكون رئيس الوزراء الإسرائيلي بذلك ملاحقا قضائيا في الداخل، حيث يخوض معارك في قضايا فساد وسُوء استخدام للمنصب منذ سنوات؛ وفي الخارج بموجب مذكرة توقيف الجنائية الدولية – على نحو دفع مجلة الإيكونوميست البريطانية إلى التساؤل "أين يذهب نتنياهو؟"
ويقول خبراء قانونيون إن نتنياهو سيكون بذلك أول رئيس حكومة ديمقراطية حليفة للغرب تلاحقه المحكمة الجنائية الدولية حال صدور مذكرة توقيف بحقه.
وتقول الإيكونوميست إن "نتنياهو فيما يبدو، يظن أن للإدارة الأمريكية نفوذاً على المحكمة الجنائية الدولية، وإنه لا يزال يأمل أن يسفر الضغط الأمريكي عن عدول المحكمة عن إصدار مذكرة توقيف بشأنه"، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي في الوقت ذاته قلِقٌ من فكرة أن حلفاءه "قد يجدون لذة في رؤيته يعاني".
نتنياهو: على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يقلق
وبدوره، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مقابلة أجريت معه اليوم الثلاثاء من أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان يحول المحكمة الجنائية الدولية إلى “محكمة صورية” من خلال طلب إصدار أوامر اعتقال بحقه ولوزير الدفاع يوآف جالانت.
وأضاف نتيناهو أنه خان، وليس نفسه، الذي يجب أن يشعر بالقلق بشأن شرعيته الدولية في المستقبل، بحسب مقابلته مع شبكة ABC.
ونفى نتنياهو اتهامات المحكمة الجنائية الدولية بأن إسرائيل تتعمد حرمان سكان غزة من الطعام والماء، موضحا أن هذا أمر سخيف، ومشين للغاية”، واصفا الاتهامات بأنها "كاذبة تماما".
وزعم نتنياهو: “نحن نقوم الآن بتزويد ما يقرب من نصف احتياجات غزة من المياه، بعد أن كنا نزودها بنسبة 7% فقط قبل الحرب، إلى جانب توريد أكثر من نصف مليون طن من الغذاء والدواء عبر 20 ألف شاحنة".