تفاصيل تصريحات رئيس الوزراء المصري اليوم
عقب الجولة الموسعة التي بدأها صباح اليوم، وشملت عدة مشروعات زراعية وصناعية وتكنولوجية وعمرانية، بمحافظتي البحيرة والإسكندرية، أدلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتصريحات تليفزيونية تناولت قضايا مهمة، أعرب في مستهلها عن سعادته بجولته اليوم، والتي تشهد التركيز على القطاعات التي تتطلع الدولة لأن تنمو وتقود الاقتصاد المصري، وتكون قاطرة التنمية، وتحقق معدلات النمو العالية المرجوة، وزيادة فرص التشغيل، وهي القطاعات الأربعة الرئيسية: الزراعة، الصناعة، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة.
أبرز التصريحات
وأشار رئيس الوزراء إلى أن جولته اليوم، بدأت من واحدة من المزارع النموذجية التي ترتبط بالتصنيع الزراعي ومنتجات الألبان والمنتجات الغذائية، مشيراً إلى أنها لم تقتصر أيضاً على استعراض المشروع، وإنما بحث سبل توسعه وتطويره مع القائمين عليه، بما يُسهم في تقليص الفجوة الاستيرادية، التي تُمثل مشكلة راهنة؛ حيث ناقش مع ملاك مشروع هذه المزرعة النموذجية، التي تمثل أحد أكبر مشروعات إنتاج الألبان، تنفيذ مصنع جديد لإنتاج اللبن المُجفف، حيث تستورد مصر هذا المنتج بأكثر من 100 ألف طن سنويًا، وله تكلفة استيرادية عالية جدًا.
وأضاف: اليوم كنا نتحدث مع القطاع الخاص للبدء بإنشاء المصنع بأسرع وقت ممكن، بهدف تغطية جزء من احتياجاتنا في هذا الشأن.
وقال رئيس الوزراء: هذا هو شغلنا الشاغل في كل زياراتنا ولقاءاتنا، وهو ما تتابعونه خلال نشاطي الأسبوعي الذي لا يخلو من وجود اجتماع ثابت مع المجالس التصديرية وغرف الصناعات المختلفة، بهدف زيادة إنتاجنا وصادراتنا للتقليل من الفاتورة الاستيرادية.
وأضاف خلال حديثه: بالأمس كان لنا لقاء مع واحدة من أكبر الشركات الأجنبية العاملة في مصر، والتي تشرفنا بافتتاح فخامة السيد الرئيس لأحد المصانع الخاصة بها، وتحدثنا معهم على أنه بحلول نهاية عام 2025، ستكون الشركة أنشأت وقامت بتشغيل واحد من أكبر المصانع لإنتاج التكييفات المركزية الضخمة التي تلبي احتياجات المؤسسات الكبرى مثل المستشفيات والمولات التجارية وغيرها، نظرًا لأن هذا النوع من التكييفات له فاتورة استيرادية كبيرة جدًا.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: "أقدم لكم أمثلة عن تركيزنا على تقليص الفجوة الدولارية، التي كانت دائماً هي المرض المزمن للإقتصاد المصري، ودائمًا ما كان إجمالي فاتورة الاستيراد الخاصة بمصر أكبر من الصادرات، أو مواردنا أقل من استهلاكنا في العملة الصعبة، ونتيجة لذلك مصر تتعرض كل فترة لأزمة اقتصادية، ونضطر لإتخاذ إجراءات لتحرير سعر الصرف".
وأضاف: ومن غير تحقيق التوازن فيما يخص مواردنا من العملة الصعبة والاستهلاك، سيظل هذا التحدي قائما، لذلك فإن شغلنا الشاغل هو تحقيق هدف أن تكون مواردنا تكفي مصروفاتنا خلال فترة زمنية في حدود ٣ سنوات، مشيراً إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها مؤخراً والخطوات الأخيرة التي اتخذتها الدولة، والتي أسهمت بشكلٍ واضح في عودة الانتاج والتصدير، واختفاء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عانينا منها خلال السنة ونصف السنة الماضية.
وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أنه إذا نحينا جانباً فاتورة المواد البترولية التي يتم استيرادها للوفاء باحتياجات الدولة، فنحن بالفعل نحقق توازناً فيما يخص مواردنا كدولة مقارنة بمصروفاتنا، ولكن تبقى معضلة فاتورة استيراد المواد البترولية.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة وضعت خطة بمستهدفات وأرقام واضحة تستطيع من خلالها في الفترة القادمة زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، وزيادة صادراتها وتقليل فاتورة الاستيراد من خلال حوكمة عملية الاستيراد، وبما يجنب مصر التعرض مرة أخرى لهذه النوعية من الهزات الاقتصادية.
كما أشار إلى أهمية حديث السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، خلال افتتاح المشروعات الخاصة بجنوب الوادي وتوشكى، حيث تطرق سيادته إلى فاتورة ما تتحمله الدولة وفاتورة الدعم للمنتجات الرئيسية التي تحملتها الدولة على مدار الفترة الماضية، وأضاف رئيس الوزراء أن هذا يقودنا إلى الحديث عن منظومة الدعم بصفة عامة، وخاصة رغيف الخبز في فترة ما قبل جائحة كورونا حيث كان يدور حديث عن ضرورة التحرك في سعر رغيف الخبز، وأننا كدولة أصبحت فاتورة الدعم للخبز لدينا كبيرة جدًا، ولكن الخبز سيظلُ مدعومًا، ولكن لابد من تحرك يتناسب مع الزيادات الكبيرة التي تحدث.
واستعرض رئيس الوزراء ملامح تحرك الدولة في هذا الملف، لافتًا إلى أن مصر تُنتج ١٠٠ مليار رغيف مُدعم سنوياً، تبيع الدولة الرغيف بـ ٥ قروش، ليكون إجمالي ما تتحصل عليه الدولة من هذه الكمية 5 مليارات جنيه فقط.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة تُشجع استخدام القمح المُنتج محلياً، وتحفز الفلاح للمصري على توريد القمح، لتقليل فاتورة الاستيراد وخفض الضغط على الدولار، وجزء من التحفيز أن الدولة تزيد بصورة كبيرة جداً سعر توريد إردب القمح، موضحاً أن السعر في موازنة السنة المالية الماضية، كان مقرراً أن يكون ١١٠٠ جنيه للإردب، ولكن واجهنا ظروفا اقتصادية عالمية، وتضخمًا، وأسعارًا مرتفعة للقمح العالمي؛ حيث كنا نستورد قمح بنحو ٢٧٠ دولارًا، قفز إلى ٥٤٩ دولارًا عالميًا مع بدء الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، وكانت فترات شديدة الصعوبة، ولذا اتخذنا قراراً بحافز استثنائي للتوريد، أضفنا من خلاله مبلغ 400 جنيه، لينتهي موسم العام الماضي بأن يكون سعر توريد إردب القمح 1500 جنيه.
وأكمل رئيس الوزراء: هذا العام بدأنا في خطة الموازنة بسعر توريد 1250 جنيها كمقترح من وزارة المالية طبقًا للأسعار والمستهدفات، وقبل بداية موسم الزراعة وبهدف التحفيز أعلنا عن زيادة سعر التوريد للإردب إلى 1600 جنيه، مع إعادة النظر قبل موسم الحصاد والاسترشاد بالأسعار العالمية، وذلك لأن كل هدفنا هو تشجيع الفلاح على التوريد للدولة لما يمثله هذا الأمر من أهمية، حيث يمثل إجمالي ما يتم توريده مابين 35% إلى 40% تقريبًا من احتياجات القمح للخبز المدعم فقط، وليس الخبز العادي.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: ثم رفعنا سعر التوريد من 1600 إلى 2000 جنيه، وبذلك نكون رفعنا السعر من 1250 جنيها إلى 2000 جنيه، ونحن الآن في نهاية موسم الحصاد وأرقام التوريد جيدة جدًا.
وأضاف رئيس الوزراء: أريد أن أطلعكم على ما تم دفعه حتى هذه اللحظة للفلاح المصري وباقي على انتهاء الموسم حوالي شهر تقريبًا، حيث يصل ما دفعته وزارة المالية حتى فاتورة الأمس ما يقارب 40 مليار جنيه، هذا بخلاف القمح الذي يتم استيراده بالدولار لإستكمال احتياجات منظومة الخبز.
وأكمل رئيس الوزراء حديثه: وبالتالي نحن نتحدث عن حجم دعم لرغيف الخبز يتخطي 100 مليار جنيه، ليصل إلى 110 أو 115 مليار جنيه دعما حقيقيا لرغيف الخبز، وبالتالي كانت الدولة حريصة خلال الفترة الماضية في خضم الأزمة غير المسبوقة على عدم تحميل أعباء إضافية على المواطن، وبالتالي تحملت الدولة كل هذه الأعباء.
وشدد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في حديثه، على أن الدولة حريصة على أن تتحمل جانبا كبيرا من العبء، ولكن لا يمكنها تحمل ذلك للأبد، وبالتالي كان ضرورياً الحديث عن أهمية أن يحدث تحرك في سعر الخبز، من أجل تقليل الحجم الرهيب للدعم في هذا القطاع وحده، مؤكداً ان الخبز سيظل مدعومًا بصورة كبيرة جداً، ولكن لابد أن نتتبه إلى أن طاقة الدولة لن تتحمل الطفرات الكبيرة التي تحدث، فمنذ سنة كان المفترضنتوريد القمح بـ ١١٠٠ جنيه للإردب، واليوم أصبح الرقم ٢٠٠٠ جنيه، وهذا ما يرتبط بالقمح الذي تحصل عليه الدولة من السوق المحلية فقط.
وانتقل رئيس الوزراء في حديثه إلى قضية الطاقة، مشيرًا إلى أن السيد رئيس الجمهورية طلب التحدث بشكل أوسع في هذه القضية، وقد تحدث وزيرا الكهرباء والبترول على مدار اليومين الماضيين، موضحًا أن إنتاج الكهرباء يعتمد بصورة أساسية على الوقود التقليدي، وهو الغاز الطبيعي والمازوت، ومعه الطاقة الجديدة والمتجددة، ولدينا منها حصة ثابتة من السد العالي، كانت تمثل في وقت ما الغالبية العظمى من احتياجات مصر، إلا أنه نظرًا للنمو السكاني والعمراني أصبحت تمثل أقل بكثير من ١٠٪ من انتاج مصر من الطاقة الجديدة؛ حيث اتجهت الدولة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ولديها خطط كبيرة في هذا المجال.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة لم تتمكن من التوسع في ملف الطاقة المتجددة خلال السنوات الماضية، نظراً لتكلفة الانتاج المرتفعة، إلى جانب أن هذه المشروعات ينفذها القطاع الخاص، باستثمارات خارجية، ويطلب من الدولة دفع مقابل هذه الخدمة بالدولار، ولذا كانت الدولة حريصة على ألا تنجرف في مشروعات تحملها فاتورة كبيرة، لافتاً إلى أنه مع انخفاض الأسعار حالياً، توسعت الدولة في توقيع العقود في قطاع الطاقة المتجددة، إلا أن أي مشروع يتم توقيع عقوده الآن يتطلب عامين أو ثلاثة أعوام ليدخل حيز التشغيل والإنتاج الفعلي.
كما تناول رئيس الوزراء مسألة اسعار المحروقات التي تدخل في إنتاج الكهرباء، حيث ذكر أن مصر لديها حجم محدد من المواد البترولية والغاز الطبيعي، وأكثر من ٦٠% من الغاز الطبيعي الذي تنتجه مصر يذهب لاستهلاك الكهرباء، لافتاً إلى أن تكلفة استخراج الغاز الطبيعي دون حساب أي أعباء أخرى يكلف الدولة حوالي ٤.٢٥ دولار للوحدة، ويتم إعطاؤه لوزارة الكهرباء لاستخدامه في محطات الكهرباء بسعر ٣ دولارات للوحدة.
كما أضاف أن توليد الكهرباء يحتاج أيضاً إلى مازوت وكميات أخرى من الغاز حتى يمكن الوفاء باحتياجات الدولة التي تزيد كل عام، فكل عام هناك نسبة نمو سكاني كبيرة، والنمو السكاني تتم ترجمته إلى وحدات سكنية لتوفير السكن الملائم للمواطنين، كما يتم ترجمته إلى زيادة عدد المصانع لتوفير فرص عمل مناسبة للمواطنين، فضلاً عن إنشاء مناطق ومدن جديدة لاستيعاب هذه الزيادة السكنية.
وقال: استهلاكنا من الكهرباء يزيد ولا يقل ولا يثبُت، وبالتالي فإن فاتورة احتياج الكهرباء من المواد البترولية تزيد كل عام، وتحاول الحكومة تسريع الخطى من خلال استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة لتعويض نقص الطاقة، وتقليل الاعتماد على الوقود التقليدي، حيث إن العالم كله متجه حاليا إلى مصادر الطاقة النظيفة.
وأشار إلى مشروع إنشاء المحطة النووية في الضبعة، مؤكداً أنه يهدف في الأساس إلى زيادة إمكانات مصر من الطاقة النظيفة لتدخل ضمن باقة مصادر الطاقة في مصر.
كما أوضح رئيس الوزراء أن المازوت جزء منه مكون محلي، وجزء آخر يتم استيراده، ويتم إعطاؤه لوزارة الكهرباء بقيمة أقل ثلاثة اضعاف من قيمته الحقيقية، مضيفاً أن الحكومة تتحمل أعباء كبيرة في سبيل تلبية احتياجات الدولة المتزايدة، وساق رئيس الوزراء مثلاً على ذلك حيث ذكر أنه في عام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١ كان متوسط سعر برميل البترول يبلغ 54 دولاراً، وفي عام 2021\ 2022 عندما بدأت الحرب الروسية ـ الأوكرانية في منتصف هذا العام، كان متوسط هذا السعر 92 دولاراً للبرميل، حيث تحرك السعر من 54 إلى 92 دولارا.
وأضاف: في العامين التاليين تصل المتوسطات ما بين 85 إلى 87 دولاراً، فهناك قفزة في سعر برميل خام برنت بأرقام كبيرة جدًا، وهذه نبذة عن حجم التحدي القائم.
وأكمل رئيس الوزراء: هيئة البترول وشركات الكهرباء هي هيئات اقتصادية بالكامل فمن المفترض كونها هيئة اقتصادية على الأقل لا تحقق خسائر تتحملها الدولة، ولكن ماذا حدث؟ ما حدث يمكن تذكره من فترة عندما قام السيد وزير الكهرباء بوضع خطة تستهدف الوصول إلى رفع الدعم بشكل كامل خلال خمس سنوات، مضيفًا: ثم فوجئنا بالصدمات العالمية العنيفة التي حدثت والتي يتحدث عنها ويئن منها كل العالم، وما استتبع ذلك من موجة تضخم كبيرة عالميًا، وهو ما أدى إلى اختلال هذه المنظومة المخططة للكهرباء للوصول إلى صفر دعم بحلول عام 2023.
وأكمل رئيس الوزراء: وعندما بدأت هذه الأزمة الكبيرة في الحدوث، كان من الطبيعي أن يتم تعديل الخطة ويتم زيادة الأسعار، ولكن ما حدث أننا اتخذنا قرارا في خضم هذه الأزمة بتثبيت الأسعار على مدار عام ونصف، وخلال هذه المدة من تحمل الفاتورة؟.. الدولة هي من تحملت الفاتورة بأرقام كبيرة جدًا تم اقتراضها بالدولار وليس بالجنيه، في وقت كانت فيه الفائدة على الدولار وصلت إلى 5.5% و6% و7% و8%، بدلًا من 1% أو 2%.
وأضاف: هذا مثال لكي يعرف المواطن حجم ما تحملته الدولة في الفترة الماضية، وقيمة تحمل فاتورة الدعم، وهو ما لم تتحمله أي دولة خلال هذه الفترة بحجم صدمات غير مسبوق كل عدة أشهر بصدمة جديدة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: لم تتخذ وزارة الكهرباء هذا الإجراء، ونتيجة لذلك قال وزير الكهرباء إنه وفق سعر الكهرباء اليوم وبسعر توريد الوقود المحدد من البترول، سيكون هناك خسائر تقدر بحوالي 140 مليار جنيه.
وأضاف رئيس الوزراء: شركات الكهرباء هي شركات اقتصادية، ومن المفترض ألا تتدخل الدولة لدعم شركات الكهرباء، مستطرداً أن انتاج الكيلو وات\ ساعة من الكهرباء، يكلف الدولة نحو 223 قرشاً كتكلفة لإنتاج الكيلو وات ساعة.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة دائماً ما تدعم أول ثلاث شرائح من الاستهلاك المنزلي، وسنظل ندعمهم بصورة كبيرة جدًا، وقال: الشريحة الأولى حاليًا سعر الكيلو وات ساعة فيها 58 قرشا مقابل 223 قرشا التكلفة الفعلية على الدولة.
وأكد ان الفكرة في الدعم المتبادل، من خلال تحميل الشرائح الأكثر استهلاكاً أرقاما أعلى، وكذا الأنشطة الأخرى التجارية غير السكنية، والاستثمارية، كما تتم مراعاة القطاعات الصناعية، وهذه محددات، وأصبحت المشكلة أن الفاتورة الشهرية لوزارة الكهرباء المفترض دفعها لوزارة البترول، من أجل الحصول على المواد البترولية، هي ١٥ مليار جنيه، كفاتورة شهرية، تدفع الكهرباء منها ٤ مليارات، على قدر متحصلاتها، وكان البديل هو ضرورة إيجاد حل لتدبير هذه الموارد، وهو ما قامت به الدولة على مدار الفترة الماضية.
وأوضح أنه مع زيادة معدلات الاستهلاك والاحتياج لموارد أكبر، كان أمام الدولة خياران، الأول رفع أسعار الخدمة بصورة كبيرة بعد عام ونصف من ايقاف زيادة الاسعار، ليتوافر لوزارة الكهرباء موارد تقدمها لوزارة البترول للحصول على المواد البترولية لتشغيل المحطات، ولكن الدولة لم تقم بذلك، وكان الحل الآخر هو الاضطرار لتخفيف الأحمال لساعتين أو ساعتين وربع التي تحدث حالياً، مؤكداً أن الدولة تشعر بمعاناة المواطن نتيجة هذا القرار، ولكنها فضلت عدم تحميل المواطن أعباء إضافية كما حرصت خلال العام ونصف العام التي لم تحرك فيها أسعار الكهرباء مراعاة لظروف ارتفاع أسعار السلع وتغيرها نتيجة أزمة الدولار، والسوق الموازية؛ حيث كانت السلع يتم تسعيرها بناء على أسعار الدولار في السوق الموازية، ولم يكن بالإمكان زيادة الأسعار، وقبلنا كدولة أن نتحمل هذه الأرقام.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذه الارقام تعدُ ديناً، تسدده الدولة بفائدة، وكان هدف الدولة تقليل هذه الفاتورة، وخفض فاتورة الدين، والعودة للتوازن.
وصرح الدكتور مصطفى مدبولي بأنه استجابة لردود أفعال المواطنين تجاه تخفيف الأحمال، والتي تحرص الحكومة على رصدها ومتابعتها، ومناشدتهم بوضع نهاية لانقطاع الكهرباء، فقد كلف وزيري الكهرباء والبترول، بوضع سيناريو واضح لكيفية وقف تخفيف الأحمال مع انتهاء التوقيت الصيفي، بحد أقصى شهر نوفمبر أو ديسمبر القادم، لافتاً إلى أن هذا الموضوع سيتطلب وجود موارد، لكي نستطيع جلب كميات المواد البترولية التي تُمكننا من أن نُحقق هذا المُستهدف.
كما صرح رئيس الوزراء بأنه كلف وزير الكهرباء بإعداد خطة أخرى لمدة ٤ سنوات، لكي يتم تدريجياً تحريك أسعار الكهرباء، بحيث تكون الفئات البسيطة دائماً مدعومة بصورة كبيرة، ولكن على الأقل أن تبدأ بعض الأنشطة الأخرى في تغطية هذا الفارق.
وشدد: لابد أن نتحرك حثيثاً في هذه الإجراءات، لإعادة الاستقرار إلى المنظومة من جديد، فالدولة لايمكن ان تتحمل هذه الفاتورة المتزايدة من الدعم للأبد.
وانتقل رئيس الوزراء إلى موضوع البترول، مشيرًا إلى أن السيد الرئيس تحدث عن حجم دعم المنتجات البترولية، لافتاً إلى أنه مع أولى مراحل برنامج الإصلاح الاقتصادي عام ٢٠١٦ كانت هذه إحدى مشاكل الدولة المصريةً، ونجحت الدولة منذ تبني البرنامج حتى وصلت في عام ٢٠٢١ إلى أنه لم يعد هناك دعم للمنتجات البترولية بخلاف أنبوبة البوتاجاز والمازوت الذي تستخدمه أفران الخبز المدعم، وسيظل بهما نوعٌ من الدعم، وكانت فاتورة الدعم وقتها ١٩ مليار جنيه، ولكن مع حدوث الأزمة بدأت أسعار برميل النفط ترتفع، وصاحب ذلك الأزمة الاقتصادية، وتحريك أسعار الدولار، فأصبح لدينا عاملان مؤثران، سعر الدولار العالمي، وفرق السعر.
وقال: الحل هو أن نرجع للوضع في عام ٢٠٢١ حينما كانت كل المنتجات البترولية قادرة على تغطية تكلفتها، موضحاً أن المشكلة دائما تكمن في السولار لأنه يدخل في تشغيل العديد من المجالات مثل ماكينات الري والتروسيكل والسرفيس والميكروباصات وعربات النقل التي تقوم بنقل البضائع، ولذلك فإن الحكومة تتحسب لزيادة قيمته، لأنها تدرك جيداً تداعياته على ارتفاع الأسعار.
وتابع: لذلك قمنا بوضع خطة واضحة للعودة مرة أخرى لمرحلة التوازن بنهاية عام ٢٠٢٥ بطريقة متدرجة، حتى يمكننا العودة مرة أخرى للتوازن في أسعار المواد البترولية، ولكن سيظل السولار حتى بعد عام ٢٠٢٥ مدعماً وليس بسعره الحقيقي، ولكن منتجات البنزين سوف تعوض الفارق.
وأكد رئيس الوزراء أهمية الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدولة خلال الشهور القليلة الماضية؛ حيث استطاعت الحكومة إعادة الثقة مرة أخرى داخل السوق المصرية، لافتاً إلى أن الدولة لم تنته بعد من تلك الاجراءات، وسيتم استكمال منظومة الاصلاح الاقتصادي، وأمامنا عام حتى نستطيع القول اننا تجاوزنا الأزمة بالفعل.
وأشار إلى أن استهلاك الدولة وما تحتاجه من مواد بترولية وغاز طبيعي للوفاء باحتياجات دولة بها ١٠٦ ملايين مواطن يقدر بحوالي ٥٥ مليار دولار سنوياً، وهذا ما تحملته الدولة خلال العام الماضي، واستطعنا تدبير ٣٣ مليار دولار من تلك الفاتورة من الأرض المصرية، من خلال منتجاتنا من البترول، وهي أيضا تشكل تكلفة ولكن يتم سدادها بالجنيه وليس بالدولار.
وأضاف: لكن اليوم 33 مليار دولار من المنتجات التي تخرج من أرض مصر تستهلك كاحتياجات للدولة، ويتبقي مبلغ 22 مليار دولار وهو فاتورة لأمرين هما: الأمر الأول مستحقات الشريك الأجنبي صاحب حق الامتياز والتنقيب في حقل ظهر وخلافه من المشروعات، وهي مستحقات واجبة السداد، والأمر الثاني هو ما يتم استيراده من منتجات.. ولذا نحتاج لـ 22 مليارا، فما الذي قامت به الدولة خلال الفترة الماضية لتوفير هذا المبلغ مع عدم زيادة الأسعار بشكل كبير على المواطنين؟
وأكمل: بمنتهي الشفافية أضطررنا إلى تأخير سداد مستحقات الشركاء الأجانب، وهو أمر ليس بالسر، وكانت أزمة موجودة قبل أن يتم حلها بحمد الله بعد استقرار سعر صرف الدولار، وبداية الانفراجة في هذا الأمر.
وقال رئيس الوزراء: المشكلة تكمن في أن تأخر سداد مستحقات الشريك الأجنبي، يترتب عليه تأخر استثمارات الشريك الأجنبي داخل الدولة، وبالتالي يتباطأ مستوي الإنتاج الجديد من الغاز والبترول، لذلك فإن كل شغلنا الشاغل عودة السداد، مضيفًا: وجهت وزيري البترول والمالية ببدء سداد قيمة 20 إلى 25% من المتأخرات بدءًا من الأسبوع المقبل، على أن يتم جدولة المبلغ المتأخر على فترة زمنية بالتوافق مع الشركاء الأجانب، بهدف حل الأزمة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: لكن يبقي رقم الدعم الكبير جدًا الموجود اليوم، الذي وصل إلى 155 مليار جنيه دعما للمواد البترولية في موازنة العام القادم، ونعمل على وضع خطة من الآن حتى ديسمبر 2025 نحاول من خلالها تحقيق التوازن إن شاء الله، ولكن حتي ذلك الحين يجب على الدولة أن تستمر في الدعم، ونضطر إلى وضع هذا الرقم كدعم إضافي حتى نتمكن من تجاوز تلك الأزمة.
وتابع: أُوضح تلك الأرقام الآن، حتى يدرك المواطن ما تقوم به الدولة في إطار التحديات، وكيف تحاول وستستمر في التخفيف من الأعباء قدر الإمكان، ولكن لا بد أن ندرك أيضًا أن هناك فاتورة كبيرة جدًا تتزايد، وليست ثابتة.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن هدف الحكومة، في ضوء ذلك، هو تحقيق التوازن في محاور معينة، حتى يستمر الدعم للمواطنين المستحقين، وهذا ما يحدث بالفعل.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن فاتورة الدعم للعام المقبل ستصل الى ٦٣٦ مليار جنيه، بزيادة ٢٠٪ عن العام الحالي المنتهي في ٣٠ يونيو ٢٠٢٤؛ حيث مثلت تلك الفاتورة ٥٣٠ مليار جنيه، وهذا يؤكد أن الدعم يزيد.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: أود هنا أن أعرض بعض الآراء ذات الوجاهة، والتي أفادت بأن الدولة المصرية تحتاج إلى أن تتحول إلى منظومة للدعم النقدي وليس الدعم العيني، بمعنى إعطاء مبلغ نقدي للمواطن بحيث يُمثل ذلك المبلغ متوسط ما تتحمله الدولة من دعم له، وذلك بدلًا من دعم رغيف الخبز والسلع التموينية وبعض الخدمات.
وتابع: وبالتالي تحصل الأسرة على الدعم النقدي لعدد أفرادها جميعًا، لتلبي احتياجاتها بناء على ذلك وفقًا لأولوياتها.
وأضاف رئيس الوزراء: أتابع هذه الآراء مع الخبراء في هذا الشأن، واعتقد أنه على المدى المتوسط سيكون هذا الدعم هو الحل الحقيقي لمصر، بحيث تظل منظومة الدعم قائمة، ولكن تصبح أكثر حوكمة، ويكون مبلغ الدعم محددًا ومعروفًا، بل وقابلا للزيادة كل عام مع حدوث التضخم وفي ظل مؤشرات معينة.
واستكمل: ولكن نحتاج إلى حوار مجتمعي لوضع التفاصيل والآليات في هذا الشأن؛ لذا أعلن من هنا اليوم أن ذلك الموضوع يحتاج إلى بدء التفكير ووضع ضوابط وحلول وأفكار.
ونوّه إلى أنه ستتم الاستعانة بـ "الحوار الوطني" الذي يمثل كل أطياف المجتمع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكذلك الخبراء الاقتصاديون.
وقال: سأحدد نهاية عام ٢٠٢٤ كمهلة حتى يصل هؤلاء الى تصور يفيد بما إذا كان الدعم النقدي هو النموذج الأفضل لمصر أم لا. وإذا كان هو الأفضل فما هي آليات تنفيذه.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أنه إذا تم التوافق يمكن بدء التطبيق تدريجيًا بدءًا من العام المالي ٢٠٢٥/٢٠٢٦. قائلًا: مصر تحتاج لأن تتحرك في تلك المنظومات كلها بثبات في طريق إصلاح اقتصادي حقيقي.
وأضاف: هدفنا من كل تلك المشروعات هو تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل وتعزيز البنية الأساسية وكذا تمكين القطاع الخاص من قيادة الدولة وزيادة مواردها من العملة الصعبة وتعزيز الإنتاج، مؤكدًا (هذا هو شغلنا الشاغل).
كما تابع: نحن لا ننظر فقط إلى فاتورة أعباء على مدار شهور أو خلال العام المقبل، وإنما ننظر للمدى البعيد. ونحن واثقون بأنه بزيادة مواردنا وإنتاجنا خلال ٣ سنوات، يمكننا أن نصل لهذا التوازن بحيث تصبح الدولة غير معرضة مرة أخرى لتلك النوعية من الأزمات التي نشهدها.
وختامًا، قال الدكتور مصطفى مدبولي: في النهاية أردت اليوم، أن أعرض عليكم الصورة شاملة بالأرقام والمؤشرات حيث إننا جميعًا في قارب واحد وهدفنا أن تتقدم الدولة بنا.