راسخة منذ سنوات.. طقوس وعادات عيد الأضحى المبارك في الدول العربية
يحتفل المسلمون في أنحاء العالم بحلول عيد الأضحى المبارك، الذي يحرص فيه كثيرون على أداء الصلاة في المساجد والساحات العامة، وعيد الأضحى أو "العيد الكبير"، كما يحلو للبعض تسميته، هو مناسبة دينية واجتماعية، تختلط فيها الأجواء الإيمانية بالتقاليد الثقافية مع العادات الموروثة.
وتختلف مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى المبارك في المنطقة العربية، حيث يأخذ طابعا مختلفا حسب ثقافة وعادات كل بلد، إلا أن الفرحة التي تأتي بقدوم العيد والخير الذي يعم أيامه أمور لا تتغير باختلاف المكان.
عيد الأضحى في مصر
ويتمسك المصريون بالعديد من المناسك الدينية والاجتماعية في عيد الأضحى، تبدأ مبكرا حيث تعمد الأسر المصرية على إعداد بيوتها بالصورة المناسبة للاحتفال، ومن ثم شراء مستلزمات العيد من ملبس ومأكل.
ويطلق على عيد الأضحى اسم «العيد الكبير» نظرا لزيادة عدد أيام الإجازة به «عادة 4 أيام»، مقارنة بعيد الفطر «3 أيام».
كما يطلق عليه «عيد اللحمة»، حيث لا يخلو بيت من اللحوم؛ فحتى الأسر الفقيرة، التي لم تتمكن من شراء الأضحية، تجمع ما يمكنها من المال لتنفقه على شراء اللحمة التي يعد وجودها على مائدة المصريين أبرز معالم عيد الأضحى.
تناول الفتة المصرية من العادات الشهيرة في مصر، بعد الانتهاء من صلاة العيد وذبح الأضحية، يتم تحضير أصناف مختلفة من اللحوم والفتة المصرية المكونة من الخل والخبز والأرز المصري.
يجتمع العائلة حول مائدة الطعام لتناول الغداء، ثم بعد ذلك الجلوس للاستمتاع بالأجواء العائلية الممتعة، وتقديم الهدايا للصغار.
عيد الأضحى في السعودية
عيد الأضحى، المعروف بعيد التضحية، هو أحد أهم الأعياد الدينية في العالم الإسلامي. يحتفل المسلمون في جميع أنحاء العالم بهذه المناسبة المقدسة، والتي تأتي بعد أداء مناسك الحج في مكة المكرمة.
في المملكة العربية السعودية، يحتل عيد الأضحى مكانة خاصة، حيث يتجسد فيه التراث العريق والتقاليد الإسلامية الراسخة. في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل كيف تحتفل السعودية بعيد الأضحى، من الطقوس الدينية إلى الفعاليات الاجتماعية والثقافية.
يعتبر عيد الأضحى تتويجاً لمناسك الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام. يتوافد ملايين الحجاج إلى مكة المكرمة لأداء هذه الفريضة المقدسة، حيث يقفون بعرفة، ويقضون ليلة في مزدلفة، ويرمون الجمرات في منى. هذه الطقوس تمثل قمة الروحانية والارتباط بالله.
تبدأ الاحتفالات بعيد الأضحى بصلاة العيد التي تُقام في الصباح الباكر في المساجد والمصليات المفتوحة. يتجمع المسلمون لأداء الصلاة والاستماع إلى خطبة العيد التي تذكرهم بأهمية التضحية والإخاء والتكافل.
ذبح الأضحية العادة الوحيدة التي تجمع بين البلدان الإسلامية، بعد الانتهاء من هذه الطقوس الإسلامية، يتم تحضير وجبة الإفطار وهي الحميس، التي تحضر باستخدام قطع اللحم مع الكبد والقلب والكلاوي.
يتم تسويتها على نار هادئة فهي تعتبر من أشهر الوجبات في السعودية، يتم تناولها ثم بعد ذلك يوزع حلوى العيد على الصغار، مع سماع الأغاني الشعبية الخاصة بالمملكة.
عيد الأضحى في الإمارات
يبدأ الأهالي في فترة ما قبل العيد بالاستعداد والتجهيز للعيد، وذلك من خلال زيارة الأسواق في مختلف أرجاء الإمارات وشراء الملابس الجديدة؛ مثل الكندورة للرجال والجلابية للنساء وغيرها من الملابس التقليدية في الإمارات وعند حلول العيد، يقوم الأطفال والرجال والنساء بلبسها عند زيارة الآخرين في أيام عيد الأضحى أو عيد الفطر في الامارات، إلى جانب شراء تحضيرات وتجهيزات أخرى، بما فيها الكعك والبسكويت والمخبوزات المخصصة للعيد والتي يتم تقديمها صباح يوم العيد للضيوف.
وتعد صلاة العيد من السنن المؤكدة والمستحب القيام بها في العيد، التي تعد من أجمل لحظات العيد، ويكون وقت صلاة العيد من بداية شروق الشمس ولكن يفضل تأخيرها حتى اكتمال الشروق؛ لإخراج صدقات الفطر للفقراء والمساكين في حال تأخر الأفراد في إخراجها سابقاً، ما يوضح الرابط الأخوي بين الشعب الإماراتي. تتكون صلاة العيد من ركعتين تليها خطبة العيد، ومن المستحب أن تقام في مكان عام ومفتوح.
ومن التقاليد الخاصة بالاحتفال بعيد الأضحى في الإمارات، تجمع العائلة حول الطاولة التي تسمى والة العيد.
تعد فوالة العيد من أبرز عادات الاحتفال في العيد في الامارات، إذ ترتبط بتراث الإمارات الغني بالكرم تجاه الضيف، وهي عادة تناقلها الأجيال من أجل الترحيب بالضيوف في العيد، إذ تجهز فوالة العيد بكل ما لذ وطاب، مثل الحلويات الإماراتية، وأنواع الرطب، ومختلف أنواع التمور في الإمارات والعصائر والمكسرات التي يمكن شراؤها من محامص دبي أو الإمارات الأخرى، إلى جانب سلة الفواكه التي تتوسط طاولة فوالة العيد، بالإضافة إلى القهوة العربية التي تجدها في محلات القهوة العربية في دبي أو الإمارات الأخرى، يجدر بالذكر أن تسمية الفوالة بهذا الاسم مشتقة من الفأل الحسن الذي يستبشر به الإنسان كل ما هو خير وجميل.
عيد الأضحى في الكويت
صلة الأرحام من أهم العادات المعتاد عليها في عيد الأضحى بالكويت، وتقديم الهدايا للصغار مع تحضير الوجبات المحضرة من المرق واللحم والخضار، هكذا تكون الطاولة في الكويت وقت عيد الأضحى.
كما يفتح أصحاب الديوانيات في الكويت الأبواب لهم وهو ما يسمى ريوق العيد وهو المكون من العيش ومرق اللحم والخضروات المتنوعة وذلك من أجل دعوة أبناء الرجال في الحي السكني إلى المشاركة في تناول الوجبات المميزة والمشاركة في الاحتفال بهذا اليوم السعيد.
عيد الأضحى في سوريا
وتستعد الاسر السورية في المدن لعيد الاضحى قبله بعدة ايام حيث يقوم رب البيت بالتوصية على الحلويات التي سيقدمها لزواره في العيد بعد ان كانت تحضر في المنزل وبرزت في السنوات الاخيرة ظاهرة التواصي على الحلويات الدمشقية كالمبرومة والبقلاوة والاسية والمعمول بالفستق الحلبي أو الجوز قبل 15 يوما من حلول العيد لضمان الحصول على اجود انواع الحلويات من المحلات المشهورة المتوزعة في احياء دمشق القديمة.
وتتوزع حظائر الاغنام التي تقام خصيصا في العديد من الاسواق والساحات لشراء الاضاحي من خراف العواس. ولدى سؤال احد اصحاب هذه الحظائر ويدعى محمد صالح افاد ان الاقبال على شراء الاضاحي هذا العيد اقل من عيد الاضحى الماضي نظرا لغلاء الاضحية.
ومن عادات عيد الاضحى في العاصمة السورية دمشق انتشار باعة اغصان شجر الاس حيث يقبل المواطن على شراء باقات منها لوضعها صبيحة يوم العيد على اضرحة الموتى وهي عادة موروثة منذ القدم.
الشاكرية والأرز عروس المائدة السورية في عيد الأضحى، خصوصاً أنّ عيد هذا العام يتزامن مع فصل الصيف، لأنّ تقديم اللبن في هذا الفصل من أكثر العادات شيوعاً.
يعود تاريخ هذا الطبق إلى مئات السنين. وبحسب الروايات، جاءت تسمية "الشاكرية" من إحدى الأمهات التي بدأت طبخ هذا الطبق، وابنها الشاب واسمه شاكر أحبّه وبدأ يطلبه باستمرار، ما دفع الأم إلى إطلاق اسم "شاكرية" على الطبق.
وتتكوّن الشاكرية من اللحم المطهو، يضاف إليه النشاء واللبن والتوابل وتُطبَخ مرة أخرى، وتُقدَّم مع الأرز أو البرغل.
كما يُعد طبق التسقية، أو الفتة السورية من أبرز الأطباق التي لا تغيب عن المائدة في صباح يوم العيد.
عيد الأضحى في الأردن
مراسم الاحتفال بعيد الأضحى في الأردن، عادة ما يتنزه المواطنون في الحدائق العامة مع العائلة والأصدقاء، والاستمتاع بحفلات الشواء في الهواء الطلق.
كما تحضر السيدات المنسف مع لحم الغنم، الذي يعتبر من أشهر الأطباق الأردنية، الذي يتواجد على طاولة عيد الأضحى.
لا بد أن يكون "المنسف" الشهير سيد المائدة في عيد الأضحى، إذ تسعى الأسر الأردنية إلى تقديمه بسبب قيمته الغذائية ومكانته بين بقية الأطباق.
كما يعّد طبق "المقلوبة" أيضاً (الأرز واللحم مع الخضار) من الأطباق الرئيسة التي تقدم في المناسبة.
ومن أهم تقاليد العيد في الأردن "العيدية" التي تعطى للنساء والأطفال، تعبيراً عن المحبة والتقدير، ولإدخال الفرح والسرور إلى قلوبهم.
عيد الأضحى في العراق
وخلال الأيام التي تسبق العيد، تشهد مختلف الأسواق زحاما شديدا بسبب ازدياد حمي التسوق والشراء؛ حيث يطرأ ارتفاع واضح علي اسعار مختلف السلع الاستهلاكية.
إلي جانب ذلك فأن اسعار الماشية (الاغنام والابقار)، هي الأخري ترتفع نسبيا قبل حلول عيد الاضحي، لان الكثير من الاسر تعمد الي ذبح الاضاحي في العيد وتقدمها الي اصحاب الحاجة والفقراء تقربا الي الله واستذكارا لامواتهم.
ولعل من بين التقاليد القديمة التي مازال البعض متمسك بها، تتمثل في استخدام 'الحناء' لتلوين ايادي النساء والاطفال الصغار، ابتهاجا بحلول العيد.
وفي الصباح الباكر من اليوم الأول لأيام عيد الأضحي، يتوجه الناس إلي مدينة النجف الاشرف وكربلاء المقدسة، للتشرف بزيارة المراقد والاضرحة الدينية هناك، الي جانب زيارة قبور موتاهم حيث تختلط أجواء بهجة العيد بمشاعر ودموع الحزن علي ذويهم الغائبين.
ولاتقتصر الزيارات علي النجف وكربلاء، فهناك الكثير من مراقد واضرحة الائمة (عليهم السلام) والصحابة الاطهار، التي تتوافد اليها كبيرة من الناس.
وتمثل المشاركة في مراسيم صلاة العيد، أحد أبرز الطقوس العبادية-الاجتماعية، خلال عيد الاضحي وعيد الفطر كذلك؛ اذ تزدحم مختلف الجوامع والحسينيات بالمؤمنين منذ ساعات الصباح الاولي، لتكون فرصة بالنسبة للكثيرين من اجل تبادل التهاني والتبريكات، ولعل ابرز العبارات العراقية المتداولة في ذلك، هي 'ينعاد عليكم بالصحة والعافية والافراح والمسرات'، و'عساكم من عواده'، و'ان شاء الله علي جبل عرفات العام المقبل'.
إلى طبق اللحم والأرز، لا تغفل المائدة العراقية تقديم طبق "الدولمة"، وهو عبارة عن طبق من المحاشي يضاف إليه الكثير من التوابل، فضلاً عن طبق سمك المسكوف.
والسمك المسكوف لا يغيب عن المائدة العراقية وخصصوصا في الأعياد (المسكوف)