الحجاج يرمون الجمرات بمنى.. شعيرة إيمانية اتباعاً لسنة النبي وخضوعاً لأمر الله
يواصل حجاج بيت الله الحرام اليوم رمي الجمرات الثلاث في منى، في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، تجسيداً عملياً لإيمانهم وخضوعهم لأمر الله تعالى، وامتثالاً لسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.
شعيرة إيمانية بمعاني عميقة
يُعدّ رمي الجمرات من أهم شعائر الحج، حيث يرمز إلى رمي نبي الله إبراهيم عليه السلام للشيطان الرجيم عندما حاول صده عن ذبح ابنه إسماعيل عليه السلام امتثالاً لأمر الله تعالى.
وتحمل هذه الشعيرة معاني إيمانية عميقة، فهي تُظهر قوة إيمان الحاج وتوكله على الله تعالى، وتُجسّد استعداده للتضحية في سبيل طاعة الله، كما أنها تُمثل انتصاراً للإيمان على الشيطان والوساوس.
اتباعاً لسنة النبي وخضوعاً لأمر الله:
ومن جانبه، أوضح فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز، مفتي المملكة العربية السعودية السابق، أنّ رمي الجمرات واجبٌ على كل مسلمٍ مُتمكنٍ، وأنّ الحكمة من ذلك هي إهانة الشيطان وإذلاله وإظهار مخالفته.
وأضاف ابن باز أنّ الله تعالى شرع للمسلمين رمي الجمار تأسياً بنبيهم، حيث رمى النبي صلى الله عليه وسلم الجمار في حجة الوداع.
وبيّن ابن باز أنّ وقت رمي الجمرات يبدأ من زوال الشمس إلى طلوع فجر اليوم التالي، لكن السنة أن يكون الرمي بين الزوال والغروب.
خطوات رمي الجمرات:
- يبدأ الحاج رمي جمرة العقبة بعد زوال الشمس، حيث يقف مستقبلاً الجمرة، ويجعل منى عن يمينه وطريق مكة عن يساره، ويرمي سبع حصوات تكبيراً مع كل رمية.
- يلي ذلك رمي الجمرة الوسطى ثم الجمرة الصغرى، حيث يرمي كل حاجٍ كل جمرة بسبع حصوات، مع الدعاء بعد كل جمرة ما عدا جمرة العقبة.
- يمكن رمي الجمرة الصغرى والوسطى من أي جهة كانت، بينما يُرمى جمرة العقبة بحيث يكون الحاج واقفاً مستقبلاً الجمرة.
- يُعدّ رمي الجمرات تجسيداً عملياً لإيمان الحجاج وخضوعهم لأمر الله تعالى، وامتثالهم لسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.
ويُشارك الملايين من المسلمين من جميع أنحاء العالم في شعيرة رمي الجمرات، تجسيداً لوحدة المسلمين وإيمانهم الراسخ، وامتثالاً لأمر الله تعالى وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.
أين تذهب الجمرات التي يرميها الحجاج؟
ما يزيد على ألف طن من الجمرات يتم رميها سنويا خلال موسم الحج، وفي حال عدم وجود آلية لنقل هذه الجمرات بشكل دوري لتراكمت لتكوّن أحد الجبال.
ففي أثناء موسم الحج، يرمي الحجاج الجمرات، على مدار أيام التشريق الثلاثة، بدءا من الجمرة الصغرى فالوسطى ومن ثم الكبرى، ويأخذ الحاج الجمرات من منى أو المزدلفة وهي مجموعة من الحصى صغيرة الحجم.
وذكر جمع من أهل العلم أن الحكمة من رمي الجمرات هي إهانة الشيطان وإذلاله وإظهار مخالفته، واتباع سنة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- إذ قال عليه السلام "خذوا عني مناسككم".
لكن أين تذهب هذه الجمرات بعد أن يقوم الحجاج برميها؟ الجواب أنها تمر بعدة مراحل بعد أن يلقيها الحاج، حيث تنزل في القاع وتتحرك على مسار لتجميعها، ويتم فحصها وانتقاء الجمرات من غيرها.
وفي قاع جسر الجمرات يكمن سر التجميع، حيث ترفع أنظمة آلية الحصي بسيور ضخمة تسحب الحصيات الموجودة، بعد تجميعها في حوض الجمرات الثلاثة، ويحتوي كل حوض منها على نظامين لرفع كل ما يلقى في قاع الجسر وبسرعات مختلفة، إلى جانب أبواب يجري التحكم فيها آليا في فتح وغلق وتحديد مسار الحصى وكمياتها، كما يتميز النظام بحساسات فرز لفلترة ما يلقى من غير الحصي وعزله.
وساعد نظام الرفع الآلي في تسريع تخزين الحصوات في قبو منشآت الجسر، ويعمل النظام -عبر بوابات إلكترونية في طوابق جسر الجمرات- على نقلها إلى عربات الضواغط التي تنتظرها في عمق المنشأة التي توجد في أسفل الجسر.
ويتم بعد ذلك التخلص من الحصى -باعتبارها نفايات- في المرامي المعتمدة، وتقدر الكميات التي يتم التخلص منها طبقا للإحصاءات الرسمية بنحو ألف طن سنويا.
وتعد منشأة الجمرات من أبرز المشروعات في مشعر منى، إذ بلغت تكلفتها الإجمالية أكثر من 4.2 مليارات ريال سعودي (الدولار 3.75 ريال)، وطاقتها الاستيعابية 300 ألف حاج في الساعة ونفذت بطول 950 مترا وعرض 80 مترا، وصممت أساسات المنشأة على أن تكون قادرة على تحمل 12 طابقا، و5 ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك.
ويتكون المشروع من 5 طوابق، ارتفاع كل منها 12 مترا، وتتوفر بها جميع الخدمات المساندة لراحة الحجاج، بما في ذلك نفق أرضي لنقل الحجاج بحيث يفصل حركة المركبات عن المشاة.
ويشتمل المشروع على 11 مدخلا للجمرات و12 مخرجا في الاتجاهات الأربعة، إضافة إلى تزويده بمهبط للطائرات المروحية لحالات الطوارئ، وأنفاق أرضية، ونظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوي يضخ نوعا من الرذاذ على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات، مما يسهم في خفض درجة الحرارة إلى نحو 29 درجة
ويعد المشروع من أبرز المشروعات التي حرصت السعودية على تنفيذها لتوفير الأمن والسلامة لحجاج بيت الله الحرام، والقضاء على المخاطر التي كانت تحدث بمنطقة الجمرات، وتجنب جميع المشكلات الناجمة عن الزحام الشديد الذي كان يحدث عند رمي الجمرات.