مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي.. حصاد ضخم من التمويلات العامة والخاصة في مصر
انطلق اليوم مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، لتعزيز فرص الاستثمار في القطاعات الرئيسية، ومساعدة مصر في التنمية المستدامة والتنوع الاقتصادي.
وشهد المؤتمر توقيع 4 اتفاقيات تمويلية ممولة بمنح من الاتحاد الأوروبي قيمتها 299 مليون يورو.
ووقع الاتفاقيات كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، وأوليفر فارهيلي، المفوض الأوروبي لسياسات الجوار والتوسيع.
وتتمثل الاتفاقية الأولى في برنامج "التعاون عبر الحدود لدول حوض البحر المتوسط المرحلة الثالثة للأعوام ٢٠٢١- ٢٠٢٧، والتي بموجبها سيتيح الاتحاد الأوروبي تمويلات بقيمة 263 مليون يورو تٌشكل 89% من إجمالي تمويلات البرنامج البالغة 292 مليون يورو لعدد ١٥ دولة، حيث سيسهم البرنامج في دعم تنمية القطاع الخاص في مصر وعدد من دول منطقة حوض البحر المتوسط، وذلك في قطاعات: السياحة المستدامة، والتراث الثقافي، والصناعات الإبداعية والثقافية، والتحول الرقمي، والزراعة والأغذية الزراعية، والاقتصاد الأزرق والدائري، والتعليم والتدريب، والطاقة، والبناء الأخضر.
بينما تتمثل الاتفاقية الثانية في برنامج "دعم الاتحاد الأوروبي لتوظيف الشباب والمهارات في مصر" بإجمالي قيمة ٢٥ مليون يورو؛ حيث يهدف البرنامج إلى دعم الشباب للحصول على عدد من المهارات، من بينها المهارات الفنية والمهنية للتوظيف وللوظائف ذات الدخول العادلة وريادة الأعمال.
في حين تهدف الاتفاقية الثالثة والمتمثلة في "دعم الاتحاد الأوروبي لمساندة الأجيال القادمة" بمنحة قيمتها ٨ ملايين يورو، إلى دعم النهج الوطني لنظم حماية الطفل في مصر، من خلال تنفيذ أنشطة تستهدف التركيز على أطر حماية الطفل ومكافحة عمالة الأطفال وتوفير نهج شامل؛ لضمان حقوق الأطفال في التعليم والرعاية الصحية والتغذية والسكن.
أما الاتفاقية الرابعة وهى مشروع "التدابير الخاصة بتعزيز القدرة للقارة الأفريقية على تصنيع اللقاحات والأدوية وتطبيق التقنيات الصحية" بمنحة قيمتها ٣ ملايين يورو، فتهدف إلى تعزيز التصنيع المحلي للقاحات، ودعم البيئة المواتية لإنتاج التقنيات الطبية والصحية، من خلال بحث وتطوير المهارات.
فضلاً عن صفقات واتفاقيات ومذكرات تفاهم بين الشركات المصرية والأوروبية بقرابة 40 مليار يورو، تشمل شراكات عمل في مجالات الهيدروجين ومجال المياه، والتشييد والكيماويات والشحن والطيران والسيارات.
بالإضافة إلى مذكرة تفاهم بين مصر والاتحاد الأوروبي لتلقي الشريحة الأولى من آلية مساندة الاقتصاد الكلي، ودعم عجز الموازنة بقيمة مليار يورو.
وعُقدت الجلسة الافتتاحية تحت عنوان «عرض أجندة الإصلاح الاقتصادي ومناخ الاستثمار في مصر»، بمشاركة وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية هالة السعيد، ونائب المدير التنفيذي للمفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس، ومفوض الجوار والتوسع بالمفوضية، أوليفر فارهيلي، ونائب رئيس مجموعة البنك الدولي للعمليات، آنا بيردي، والرئيس التنفيذي لمجموعة هيرميس القابضة، كريم عوض.
علاقة مصر والاتحاد الأوروبي
وفي كلمتها، قالت وزيرة التعاون الدولي المصرية، إن العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي ومصر شهدت تطورًا محوريًا منذ 2020، ما انعكس في العديد من التطورات، من بينها نوعية المشروعات المُشتركة، وآليات التمويل المتعددة والمختلفة التي يتيحها الاتحاد الأوروبي ومؤسسات التمويل الأوروبية، والتكامل بين الاتحاد الأوروبي ومؤسسات التمويل الأخرى للاستثمار في مشروعات القطاع الخاص في مصر.
وأوضحت المشاط، أنه من خلال الاتحاد الأوروبي ومؤسسات التمويل الأوروبية، يتم إتاحة العديد من الآليات التمويلية، تتضمن خطوط الائتمان الميسرة، والمساهمات في رؤوس أموال الشركات، والتمويلات الميسرة للقطاع الخاص التي تقل عن تكلفة السوقين المحلي والخارجي، بجانب الدعم فني، والاستشارات، ودراسات الجدوى لتنفيذ المشروعات.
التمويلات الأوروبية
وأشارت إلى أنه خلال 4 سنوات، قدم الاتحاد الأوروبي تمويلات لمشروعات بقيمة تجاوزت 12.8 مليار دولار، منها 7.3 مليار دولار للقطاعات الحكومية، و5.5 مليار دولار للقطاع الخاص، ما ساهم في جذب استثمارات الشركات الأوروبية، واستفاد القطاع الخاص بمختلف شركاته من تلك الاستثمارات.
ولفتت إلى تقديم بنك الاستثمار الأوروبي تمويلات خلال الخمس سنوات الماضية بقيمة 790 مليون يورو في 19 صندوقًا للأسهم المحلية والإقليمية، و3.1 مليار يورو خطوط ائتمان للبنوك المحلية، ما دعم أكثر من 13000 مشروع، و133 برنامج للشركات المتوسطة، ووفر 242 ألف فرصة عمل.
وتابعت أن أكثر من 80% من استثمارات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تم توجيهها للقطاع الخاص، وبلغ حجم استثمارات البنك في الشركات المصرية الموجودة في الاتحاد الأوروبي نحو 119 مليون دولار من 2017 إلى 2023، فيما بلغت استثماراته في الشركات الأوروبية الموجودة بمصر نحو 456 مليون دولار من 2014 إلى 2024.
برنامج "نُوَفّي"
وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي يتيح المنح التي تعزز التمويل المختلط، وتسهم في تقليل مخاطر وتكلفة تمويل القطاع الخاص، ما يظهر من خلال المنصة الوطنية لبرنامج "نُوَفّي"، التي تضم مشروعات متنوعة ينفذها القطاع الخاص ويساهم في تمويلها شركاء التنمية الأوروبيون، بجانب آليات التمويل المبتكرة، مثل مبادلة الديون بالعمل المناخي، وهو البرنامج الذي يتم تنفيذه مع ألمانيا بقيمة 104 مليون يورو لدعم محور الطاقة.
وأكدت أن برنامج "نُوفّي" يعكس التنوع الكبير في علاقة مصر مع شركاء التنمية، ودورهم في تمويل استثمارات ودعم القطاع الخاص والتنمية في العديد من القطاعات، مضيفة أن الشراكة المصرية الأوروبية نتج عنها خلال 4 سنوات عدة مشروعات مشتركة تم تنفيذها، وأخرى يتم تنفيذها، خلق آلاف فرص العمل، وساهمت في زيادة استثمارات القطاع الخاص، ودفع التحول الأخضر، وتشجيع الاستثمار في رأس المال البشري ومشاركة الشباب والمرأة.
وتطرقت إلى إطلاق منصة "حافز" للدعم المالي والفني للقطاع الخاص، لزيادة التعاون وتعظيم تأثير المساعدات الإنمائية الرسمية في تعزيز مساهمة القطاع الخاص في التنمية، حيث تعمل المنصة بشكل متكامل ومركزي يربط شركاء التنمية والجهات المنفذة والحكومة ومجتمع الأعمال المحلي.
برامج الإصلاح الاقتصادي
ومن جانبها، ذكرت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، هالة السعيد، أن مصر مرت ببرامج مختلفة من الإصلاح الاقتصادي، فهى عملية مستمرة، ومنذ 2014 عكفت الدولة على برنامج إصلاح هيكلي متكامل، حيث تمت جميع برامج الإصلاح بشكل تشاركي بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأوضحت السعيد، أن برنامج الإصلاح الهيكلي في مصر يرتكز على أربعة محاور أساسي، الأول يركز بشكل رئيسي على القطاع الإنتاجي، لزيادة القدرة على مواجهة الصدمات الخارجية، والثاني هو زيادة مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية، لذا وضعت الدولة عدد من السياسات والإجراءات والتشريعات، بجانب الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية، لتحفيز مشاركته في للاستثمار.
وأضافت أن من بين تلك السياسات والإجراءات، تحرير سعر الصرف، والإصلاحات المالية، وإطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة، والحوافز الاستثمارية لتوطين بعض الصناعات، خاصة القطاعات الخضراء المستدامة، إذ تتحمل الدولة في هذا النوع من الصناعات والاستثمارات 30% من التكلفة الاستثمارية، فضلًا عن الإعفاءات الخاصة بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهو معفي من الضرائب لمدة 5 سنوات، باعتبارها صناعات مغذية للصناعات الكبرى الأخرى.
أما المحور الثالث فهو كفاءة سوق العمل، حيث تمتلك مصر سوق كبيرا، ما يحفز عملية الاستثمار، بجانب الميزة الديموجرافية المتمثلة في أن 70% من السكان تحت سن 40 عاما، لذا كان من المهم الاستثمار في التعليم الفني والمهني والتكنولوجي، والرابع هو محور الحماية الاجتماعية، لضمان الاستقرار والأمن للدولة، بحسب السعيد.
وتطرقت إلى إطلاق أكبر مشروع تنموي في العالم "حياة كريمة"، لتقديم خدمات الصرف الصحي ومياه الشرب والوحدات الصحية والمدارس للمواطنين في الريف، ويستفيد منه أكثر من 50% من السكان، بجانب المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، لضبط معدلات النمو السكاني والاستثمار في خصائص السكان، والتمكين الاقتصادي للمرأة.
القطاع الخاص والإصلاح الاقتصادي
وفيما يتعلق بانعكاس الإصلاحات على القطاع الخاص، أكدت الوزيرة أنها أثرت إيجابيًا على دوره في الاقتصاد، فمن الضروري تقييم أي برنامج إصلاحي في إطار الظروف الإقليمية والدولية، فلا يمكن تقييم أي تجربة محلية ودولية بمعزل عن التطورات الدولية والإقليمية.
وأشارت إلى أنه خلال العام والنصف الماضي تم طرح 14 شركة من 32 شركة تعهدت الحكومة بطرحها إما للمستثمر الاستراتيجي وإما بالبورصة المصرية، بجانب جذب 65 فرصة استثمارية في 14 قطاعا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وتفعيل الرخصة الذهبية لحوالي 29 مشروع، لتسهيل إجراءات التعامل مع مؤسسات الدولة المختلفة، ما انعكس على نصيب القطاع الخاص من إجمالي الاستثمار.
وأكملت أنه منذ 2016 ضخت الدولة حجما كبيرا من الاستثمارات لتحسين مستوى البنية التحتية، إضافة إلى استثمارات خلال فترة جائحة كورونا في 2019 و2020 لمساندة المؤسسات والاقتصاديات، لافتة إلى أن حجم استثمار القطاع الخاص كانت نسبته 28% من إجمالي الاستثمار، ومستهدف زيادتها إلى 40% لهذا العام، و50% للعام القادم، و65% بنهاية 2027، ويبلغ نصيبه في الناتج يبلغ 70% من الإنتاج، ويسهم في تشغيل 80% من القوى العاملة.
صندوق مصر السيادي
وتابعت أن صندوق مصر السيادي يمثل أحد الأذرع الاستثمارية للدولة، ويأتي كآلية للشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، كما يمثل آلية لتنويع مصادر التمويل، موضحة أنه خلال الفترة الماضية دخل الصندوق مع عدد من الوزارات ومؤسسات الدولة والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة الجديدة والمتجددة، ما يمثل ميزة تنافسية لمصر، ويتم العمل على توطين صناعات للعربات الكهربائية والقطارات.
وأكدت أهمية الاستثمار في الصناعات العامة، بعد الاستثمار في البنية التحتية، لتحقيق وتوفير مواصلات لائقة للمواطن، مع الحرص على دعم الشركات الناشئة والصغيرة وريادة الإعمال، وإعادة استغلال الأصول غير المستغلة بالشراكة مع القطاع الخاص، مشيرة إلى تنفيذ الصندوق السيادي 17 مشروعا خلال السنوات الأربع الماضية بنحو 52 مليار جنيه استثمارات محلية، و 5.1 مليار دولار استثمارات أجنبية.
يذكر أن مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي ينعقد في العاصمة المصرية القاهرة، على مدار يومي 29 و30 يونيو الجاري، تحت عنوان "إطلاق العنان للإمكانات المصرية في عالم سريع التغير"، برعاية وحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وبمشاركة عدد من الوزراء والمسئولين الحكوميين رفيعي المستوى من مصر ودول الاتحاد الأوروبي، وممثلي شركاء التنمية ومجموعة واسعة من رؤساء ومسؤولي أبرز الشركات المصرية والأوروبية والعالمية وممثلي منظمات الأعمال المصرية والأوروبية.