مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الأزمة النفطية والمصرفية تهدد استقرار ليبيا وسط تصعيد سياسي وأمني

نشر
الأمصار

في خضم الصراع السياسي المستمر في ليبيا، عاد النفط ليكون مجدداً محور النزاع، ويظهر مصرف ليبيا المركزي كمسرح رئيسي للشد والجذب بين القوى المختلفة.

في حين لا تزال حكومة الدبيبة منتهية الولاية تؤكد على حماية مقر مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، فيما نفى عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة الدبيبة منتهية الولاية، وجود أي نية لهجوم أمني على المقر للسيطرة عليه.

الأزمة أخذت منحى جديداً مع إعلان المتحدث باسم “مجلس أعيان الواحات” نيتهم التوجه نحو إغلاق الحقول النفطية حتى يتم التوصل إلى اتفاق عادل لاقتسام الموارد بين الأقاليم، وذلك كرد فعل على ما وصفوه بمحاولة السيطرة على المصرف المركزي بالقوة.

وأكد مصدر من أعيان الجنوب أنهم يدرسون إقفال آبار النفط في الجنوب الشرقي احتجاجاً على ما وصفوه بالخطوات الأحادية للمجلس الرئاسي للسيطرة على المصرف.

تأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد الضغوط على الأطراف المتنازعة. إغلاق الحقول النفطية، التي تعد شريان الحياة للاقتصاد الليبي، قد يكون له آثار كارثية على البلاد، مما يجعل من الضروري البحث عن حلول سياسية واقتصادية عاجلة لتفادي المزيد من التصعيد.

وفي سياق متصل، يبدو أن أزمة المصرف المركزي في طرابلس قد بلغت ذروتها. على الرغم من إقالة الصديق الكبير من منصبه كمحافظ للمصرف من قبل المجلس الرئاسي، إلا أن الكبير لا يزال يمارس مهامه من طرابلس، نافيًا ما تردد عن مغادرته البلاد.

في المقابل، أكد عضو اللجنة المشكلة من المجلس الرئاسي، علي شتوي، أن مجلس الإدارة الجديد سيباشر عمله تحت قيادة المحافظ الجديد محمد الشكري، ويبدو أن الشكري لم يرفض المنصب، بل عبّر عن تحفظه على الظروف المحيطة بتسلمه وتسليم المنصب.

الشكري، من جانبه، يدرك تماماً تعقيدات المشهد الليبي والمخاطر المترتبة على أي قرار يتخذه. ورغم التزكية التي حظي بها من مجلس الدولة، فإن قبول المنصب قد يشعل فتيل حرب في طرابلس، وهو ما يحاول تجنبه حفاظاً على سمعة المصرف المركزي ومصالح البلاد.

على الجانب الأمني، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الدبيبة منتهية الولاية عن خطة استراتيجية جديدة لتعزيز الأمن والاستقرار في طرابلس.

وتهدف هذه الخطة إلى تنظيم الانتشار الأمني في العاصمة، مع التركيز على إعادة التشكيلات الأمنية والعسكرية إلى مقارها، وتسليم المقار الفرعية لمؤسساتها السابقة، وضمان أن تكون مهام تأمين المقار العامة منوطة بالوزارة فقط.

هذه الإجراءات تأتي في سياق الجهود المبذولة لإعادة الاستقرار إلى العاصمة الليبية التي عانت من موجات عنف متعددة.

الأزمات السياسية والأمنية

وزير الداخلية المكلف، عماد الطرابلسي، أكد أن الهدف من هذه الخطة هو إخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة وتحقيق الأمن، مشيراً إلى أن أي تأخير في تنفيذها كان نابعاً من الرغبة في تجنب إراقة الدماء.

من الواضح أن الوضع في ليبيا لا يزال بعيداً عن الاستقرار، إذ تظل الأزمات السياسية والأمنية متداخلة ومعقدة، النفط والمصرف المركزي يمثلان نقاط توتر رئيسية، وقرارات المجلس الرئاسي وتعيينات المحافظين قد تؤدي إلى تفاقم الصراع أو تحقيق نوع من التهدئة، بحسب كيفية إدارتها.

الواقع الليبي المعقد يتطلب حكمة في اتخاذ القرارات وتنسيقاً بين الأطراف المعنية، وإلا فإن التصعيد قد يكون الخيار الوحيد المتاح، مما يزيد من معاناة الشعب الليبي الذي يعاني من أزمات متعددة الأوجه.

المرحلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل ليبيا، سواء باتجاه التصعيد أو التهدئة، الأزمة النفطية والمصرفية هي جزء من الصراع الأوسع الذي يشمل السيطرة على الموارد والسلطة في البلاد، وإذا لم يتمكن القادة من الوصول إلى توافق سياسي يحافظ على وحدة البلاد ويضمن توزيعاً عادلاً للثروات، فقد تواجه ليبيا مستقبلاً غامضاً مليئاً بالتحديات والمخاطر.