مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

اتهامات متبادلة بين بيلاروسيا وأوكرانيا.. فهل تشتعل الحرب بينهما؟

نشر
الأمصار

تصاعدت حدة التوترات بين أوكرانيا وجاراتها بيلاروسيا، خاصة بعد أن ألمحت بيلاروسيا عبر تصريحات مطلع أغسطس، عن أن أوكرانيا تستفز روسيا لاستخدام الأسلحة النووية لجر العالم لحرب جديدة، فيما وجهت كييف تحذيراً شديد اللهجة لمينسك، بعدما اتهمتها بـ«حشد» قواتها على الحدود المشتركة بينهما.

وقد بدأت التوتر بينهما مع استمرار الحشود العسكرية على جانبي الحدود، إذ أعلنت الاستخبارات الأوكرانية،  رصد حشود عسكرية على الحدود البيلاروسية تشمل عناصر مجموعة فاجنر العسكرية والقوات الخاصة البيلاروسية ودعت مينسك لسحب قواتها.

ويأتي ذلك  وسط أجواء متوتر على خلفية إعلان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، منتصف أغسطس الجاري، حشد ثلث قوات بلاده على الحدود مع أوكرانيا واتهامه للأخيرة بنشر 120 ألف جندي.

سيناريوهان أمام الأزمة في بيلاروسيا وأوكرانيا تواجه "مخاطر جيوسياسية" |  أوكرانيا برس

التصعيد الراهن والمصاحب للتوغل الأوكراني

ويظهر التصعيد الراهن والمصاحب للتوغل الأوكراني في مقاطعة كورسك الروسية التداعيات الأمنية على بيلاروسيا، في إطار موقعها الجغرافي كدولة حبيسة انحازت إلى روسيا في الحرب الراهنة وسمحت لقوات موسكو باستخدام أراضيها ضمن الحرب الروسية الأوكرانية، التي انطلقت 24 فبراير 2022، وهو ما عزز التوتر بين مينسك وكييف وأثر على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.

وتأسيسًا على ما سبق؛ يتناول هذا التحليل أبعاد التوتر الحالي بين بيلاروسيا وأوكرانيا وتداعيات التوغل على مستوى الاستفزازات بين البلدين ومحددات موقف مينسك للتعامل مع احتمالات توسع المواجهة بين روسيا والغرب.

مسؤولون غربيون: بيلاروسيا قد تنضم "قريباً" للحرب في أوكرانيا - CNN Arabic

 العلاقات بين بيلاروسيا والقوى الغربية

يعود تضرر العلاقات بين بيلاروسيا والقوى الغربية إلى إعادة انتخاب الرئيس ألكسندر لوكاشينكو، لولاية سادسة عام 2020، واتهام الولايات المتحدة والدول الأوروبية لسلطات مينسك بتزوير الانتخابات، وسط مظاهرات واحتجاجات في الشارع البيلاروسي، ومع توسع مظلة العقوبات الغربية على بيلاروسيا وغلق الموانئ الأوروبية أمام السلع البيلاروسية، بات الطريق إلى موسكو حتميًا في ظل الدعم الأمني والاقتصادي الروسي.

ومع بداية التوغل الأوكراني في كورسك 6 أغسطس 2024، تطور الموقف البيلاروسي من الانتقاد إلى التحذير والدعوة لمفاوضات وتسوية سياسية بين روسيا وأوكرانيا .

بيلاروسيا تحسم "الجدل الكبير" بشأن حرب أوكرانيا | سكاي نيوز عربية

ونبرز أهم ملامح تطور العلاقة بين البلدين خلال التالي:-

- دعوة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية: رغم الموقف المتصاعد على الحدود البيلاروسية الأوكرانية، دعا لوكاشينكو في 15 أغسطس الجاري، خلال مقابلة مع محطة إذاعية روسية لإنهاء "المشاجرة"، مؤكدًا أن استمرار القتال لا يخدم أوكرانيا أو روسيا أو بيلاروسيا متهمًا الغرب بتأجيج الصراع.
- اتهامات وتحذيرات متبادلة: بعد يوم واحد من الدعوة لإنهاء الحرب، ألمح فيكتور خرينين، وزير الدفاع البيلاروسي، 16 أغسطس 2024، أن احتمال نشوب "استفزاز بالأسلحة" على الحدود الأوكرانية واردًا بقوة، واتهم الرئيس لوكاشينكو، 18 أغسطس، كييف باختراق أجواء بلاده بالمسيرات بصورة متكررة، وقال إن أوكرانيا تحشد نحو 120 ألف مقاتل على طول الحدود بين البلدين، معلنًا حشد نحو ثلث الجيش البيلاروسي على الحدود ومحذرًا قوات كييف من اختراق أراضي بلاده.

روسيا وأوكرانيا: بيلاروسيا تطالب كييف بتحقيق شامل إثر إسقاط صاروخ أوكراني  فوق أراضيها - BBC News عربي

اتهام بيلاروسيا بإرسال معدات عسكرية للجيش الروسي 

ومع استمرار حالة التصعيد، واتهام بيلاروسيا بإرسال معدات عسكرية للجيش الروسي لصد توغل كورسك، وجهت السلطات الأوكرانية، الأحد 25 أغسطس 2024، تحذيرًا شديد اللهجة لسلطات مينسك، وطالب بيان الخارجية بسحب قواتها ووقف الأعمال غير الودية في مقاطعة جوميل على الحدود البيلاروسية الأوكرانية لتجنيب بلادهم "أخطاء كارثية تحت ضغط موسكو"، وأضاف البيان أن اختراق الحدود الأوكرانية يجعل الأرتال والقواعد العسكرية وطرق الإمداد أهدافًا مشروعة للقوات المسلحة الأوكرانية.

 التوترات الجيوسياسية مع الغرب

أسهمت التوترات الجيوسياسية مع الغرب منذ عام 2020 في إبراز مكانة بيلاروسيا الاستراتيجية في الصراع الروسي الغربي، إذ تعد تلك الدولة الحبيسة رأس الجسر البري باتجاه الجناح الشرقي لحلف الناتو والدعامة الرئيسية للدفاع عن جيب كالينينجراد الروسي ومحاصرة دول البلطيق الثلاث في حال اندلاع المواجهة الكبرى بين روسيا وحلف الناتو.

وتلعب بيلاروسيا دورًا مهمًا في سياق التصعيد الهجين مع الغرب، ففي 2021 تصدرت أزمة المهاجرين غير النظاميين على الحدود البيلاروسية البولندية، نتيجة اتهامات وارسو لمينسك بالسعي لإغراق الاتحاد الأوروبي بالمهاجرين وكنتاج للأزمة الكبرى بين بيلاروسيا والغرب في أعقاب أزمة 2020.

التصعيد ومحددات الموقف البيلاروسي من تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية 

تحصين الجبهة الداخلية: رغم أن العقيدة العسكرية المحدثة التي أعلنت عنها وزارة الدفاع البيلاروسية، منتصف يناير 2024 وأقرها البرلمان أبريل 2024، لا تزال مبهمة البنود، إلا أنها تؤكد الطبيعة الدفاعية والمسالمة لجمهورية بيلاروسيا واستعدادها للدفاع عن أراضيها ضد أي تدخل في شئونها الداخلية أو أي عدوان بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك الأسلحة النووية التكتيكية، حسب وكالة بيلتا الرسمية ووكالة تاس الروسية ،ورغم التوترات بين البلدين.

قذيفة أوكرانية تشعل أجواء الحرب.. دمرت مركزا أمنيا روسيا | سكاي نيوز عربية

إلا أن كييف تحافظ على علاقاتها نسبيًا مع مينسك، إذ تظل العلاقات الفاترة بين الجانبين مهمة وضرورية رغم وجود علاقات مع معارضين ومجموعات مسلحة بيلاروسية تقاتل بجوار القوات الأوكرانية، إلا أن التواصل على المستوى الأمني يعزز من موقع مينسك كممر للمدنيين الراغبين في مغادرة مناطق الشرق الخاضعة للسيطرة الروسية إلى مناطق الغرب الأوكراني، وكقناة اتصال لتبادل الرسائل بين موسكو وكييف، بينما قد تدفع حالة عدم اليقين الأوكراني والغربي بشأن دعم المعارضين على غرار الثورة البرتقالية في أوكرانيا للتماهي التام بين بيلاروسيا وروسيا وهو ما يعزز مكاسب الأخيرة بالانتقال إلى دولة الاتحاد.

 تعزيز التضامن مع روسيا: يأتي التصعيد على الحدود بالتزامن مع التوغل الأوكراني باتجاه كورسك الروسية، ضمن جهود تشتيت المجهود الحربي الأوكراني على عدة جبهات وتأكيد الاستعداد لاستخدام السلاح النووي التكتيكي الذي تسلمته من روسيا دون فرض تكاليف عسكرية إضافية على مينسك تدفعها للانخراط المباشر في الحرب. ونقل موقع روسيا اليوم عن رئيس قسم المعلومات في هيئة الأركان البيلاروسية أرتيوم بوتورين، 21 يناير 2024، أن العقيدة العسكرية الجديدة تتضمن بندًا يعتبر الهجوم على أي دولة حليفة "يعتبر هجومًا على الجمهورية البيلاروسية".

وتظل تلك الأزمة قائمة بين الجانبين في ظل تطور التصعيد بين الجانب الروسي والأوكراني، ويظل السؤال القائم هل يشهد العالم حرب نووية في ظل التصعيد القائم؟