الخطر الأكبر للحرب.. استمرار المعارك ينذر بـ«تقسيم» السودان
إلى جانب الدمار والقتلى والجرحى الذين خلفتهم الحرب في السودان، فإن أخطر ما يخشاه الجميع هو تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ متعددة.
ويمضي الصراع المستمر منذ أبريل/نيسان 2023 بدون توقف بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، دون أي أفق قريب للحل.
وقالت مصادر عسكرية، إن مدن الضعين، وشندي، وسنار شهدت قصفا جويا بالبراميل المتفجرة والمسيرات والمدافع الثقيلة ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الأمنية والإنسانية.
ووفق المصادر العسكرية، فإن الطيران التابع للجيش السوداني، قصف مدينة "الضعين"، عاصمة ولاية شمال دارفور، ما إلى سقوط قتلى وجرحى.
كما أفادت مصادر طبية، بأن القصف الجوي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، أحكمت قوات "الدعم السريع" سيطرتها على ولاية شرق دارفور، بعد معارك طاحنة مع عناصر الجيش السوداني في المنطقة.
وخلال الأشهر الماضية سيطرت قوات "الدعم السريع" بشكل كامل على مدينة نيالا، حاضرة ولاية جنوب دافور، ومدينة زالنجي، حاضرة ولاية وسط دارفور، ومدينة الجنينة، حاضرة ولاية غرب دافور، ومدينة الضعين، حاضرة ولاية شرق دارفور، وتبقى لها فقط مدينة الفاشر، حاضرة ولاية شمال دارفور، لتحكم سيطرتها بشكل كلي على كامل إقليم دارفور الذي يساوي مساحة دولة فرنسا.
مسيرة انتحارية
ومع تصاعد وتيرة القتال، قالت مصادر عسكرية في تصريحات صحفية، إن قوات "الدعم السريع" استهدفت، مدينة شندي بولاية نهر النيل شمالي السودان، بطائرة مسيرة دون وقوع خسائر في الأرواح.
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن المضادات الأرضية التابعة للجيش أسقطت المسيرة، قبل إصابة أهدافها.
وذكر إعلام الفرقة الثالثة مشاة بمدينة شندي في بيان، أن قوات الدعم السريع أرسلت طائرة مسيرة انتحارية تجاه قيادة الفرقة الثالثة مشاة.
وأضاف، "تمكنت الدفاعات الأرضية من إسقاطها والسيطرة عليها بكامل تسليحها وهي في حالة جيدة."
ولم يصدر تعليق فوري من قوات "الدعم السريع"، حول تلك الاتهامات.
وفي أبريل/ نيسان الماضي، أرسلت "الدعم السريع"، 4 طائرات مسيرة، استهدفت الفرقة الثالثة مشاة والمهبط الجوي الملحق بالمنطقة العسكرية، بمدينة شندي، بالتزامن مع زيارة نفذها قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان إلى المدينة، لتفقد أحوالها الأمنية.
لكن المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني، أسقطت 3 مسيرات دون وقوع خسائر في المنشآت والأرواح، بينما غيرت المسيرة الرابعة مسارها وابتعدت عن المنطقة.
وتقع مدينة شندي في ولاية نهر النيل بالسودان على ارتفاع 360 مترا فوق سطح البحر، وتبعد عن العاصمة الخرطوم بحوالي 150 كيلومترا في اتجاه الشمال الشرقي، و45 كيلومترا من موقع آثار مروي القديمة.
وتعتبر شندي واحدة من أهم المدن الواقعة في شمال السودان من حيث موقعها الرابط بين شمال وشمال شرق السودان بالعاصمة في وسط السودان، وقربها من التجمعات الحضرية في شمال وشمال شرق السودان، ومن حيث تاريخها التجاري والسياسي القديم والمعاصر.
محور مدينة سنار
ومع توسع دائرة الاشتباكات، شهدت مدينة سنار جنوب شرقي السودان، مواجهات جديدة بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان في سماء المدينة.
وأفادت مصادر عسكرية، أن قوات "الدعم السريع"، ما زالت تقصف مدينة سنار بالمدفعية الثقيلة.
واستهدفت قوات "الدعم السريع"، الأحد الماضي، مدينة سنار، وسقطت حوالي 6 قذائف في سوقي الأسماك والخضراوات، بالإضافة محطة النقل العام وعدد من الأحياء السكنة، ما أدى إلى سقوط 50 قتيلا، و150 جريحا.
وجاءت عملية القصف بعد وقت قصير من هجمات نفذها الطيران الحربي التابع للجيش السوداني على مواقع قوات "الدعم السريع"، في الأجزاء الجنوبية والغربية من مدينتي سنار والسوكي.
جدير بالذكر أن قوات "الدعم السريع"، سيطرة على مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، في أواخر يونيو/حزيران الماضي، قبل أن تتوسع في أجزاء عديدة من الولاية، لتندلع بين الحين والآخر معارك تهدف إلى السيطرة على مدينة سنار.
وتقع مدينة سنار في وسط السودان على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق على ارتفاع 427 متراً فوق سطح البحر وتبعد عن العاصمة الخرطوم مسافة 280 كيلومترا جنوبا.
وكانت سنار لقرون عديدة عاصمة للسلطنة الزرقاء التي حكمت السودان في القرن السابع عشر وحتى عام 1821، وهي اليوم واحدة من أكبر المراكز التجارية وأبرز نقطة تقاطع خطوط السكك الحديدية في السودان.
تصاعد النزوح
ومع استمرار القتال في مدن السودان، تصاعدت موجة النزوح، إذ قالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، إن 90% من إجمالي الأسر النازحة في السودان، والبالغ عددها 2.1 مليون أسرة، لا تستطيع تحمل تكاليف الغذاء.
ويعاني 25.6 مليون سوداني من الجوع الشديد، بعد أن دمر النزاع القائم الأنشطة الاقتصادية والزراعية والبنية التحتية، وفقد معظم السكان وظائفهم ومصادر دخلهم وممتلكاتهم.
وذكرت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حول التنقل صدر أمس الثلاثاء، أن "التقديرات تشير إلى أن 90% من الأسر النازحة داخليًا لا تستطيع تحمل تكاليف الغذاء."
وأشارت المنظمة إلى ارتفاع عدد النازحين إلى 10.8 مليون شخص، موزعين على 2.1 مليون أسرة، منهم ما يزيد على 8 ملايين نازح فروا من منازلهم بعد اندلاع النزاع.
وتعتمد المنظمة الدولية للهجرة في تتبع النزوح على شبكة تتكون من 492 عدادًا و7217 مخبرًا رئيسيًا لجمع البيانات من 8898 موقعًا في جميع ولايات السودان.
وأشارت المنظمة إلى أن 52% من النازحين هم أطفال دون سن 18 عاما، موضحة أن 97% من النازحين داخليا يعيشون في مناطق تعاني من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.
زيادة الأوبئة في السودان
وتزيد الأوبئة المتفشية في ولايات السودان من معاناة السودانيين، فقد أعلنت السلطات الصحية بولاية نهر النيل شمال السودان، عن ارتفاع الإصابة بالكوليرا إلى 700 حالة، منها 30 وفاة بحسب صحيفة تريبون سودان.
وأفاد بيان صادر عن إعلام وزارة الصحة بولاية نهر النيل أن عدد الحالات الجديدة بلغ 82 ، منها حالتي وفاة في كل من الدامر وبربر، فيما بلغ عدد المرضى في مراكز العزل 210 شخصاً.
وأشار البيان إلى أن محلية الدامر سجلت أعلى عدد من الإصابات، حيث بلغت 47 حالة، تلتها عطبرة بـ17 حالة، وبربر بـ13 حالة، في حين سُجلت حالة واحدة في كل من محليتي أبو حمد والبحيرة، بالإضافة إلى 3 حالات عابرة الطريق. كما بلغ عدد حالات التعافي 406 حالة.
ويصاحب هطول الأمطار والفيضانات والسيول سنويا انتشار أمراض مثل الإسهالات المائية، وحمى الضنك، والملاريا، والكوليرا، في ظل توقف العديد من المرافق الطبية عن العمل، خاصة في مناطق النزاع.
واشتكى عدد من مواطني ولاية نهر النيل لـ”سودان تربيون” من تدهور الأوضاع البيئية وانتشار البعوض نتيجة تراكم مياه الأمطار في مناطق متعددة بالولاية، مما ساهم في زيادة معدلات الإصابة بالكوليرا.
وطالب المواطنون السلطات الصحية بتكثيف الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار الكوليرا، تجنبًا لوقوع كارثة صحية في الولاية.