الصيد الجائر والمناخ يهددان الثروة السمكية بالسودان
تمتلك السودان عشرات الأنواع من الأسماك، والقيمة الإنتاجية لها عالية جداً، إلا أنها تعاني من جريمة الصيد الجائر والعشوائي الذي قد يدمر قطاع الصيد، علاوة على ذلك ما تعانية الأنهار من تأثير ارتفاع درجة الحرارة….
وتبلغ مساحات الأنهار والبحيرات والخزانات في السودان حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، من ألفين إلى أربعة آلاف هكتار مربع منها صالحة للاستزراع السمكي، بالإضافة إلى 98 ألف كيلومتر مربع على ساحل البحر الأحمر، لا يستخدم منها سوي تسعة كيلومترات.
الثروة السمكية في السودان
ولاية النيل الأبيض
تمتلك ولاية النيل الأبيض فرصاً واسعة للاستثمار في مجال إنتاج وتصنيع وتصدير الأسماك دون غيرها من ولايات السودان، وتتميز الولاية بوجود أطول مسطح للمياه العذبة في السودان بطول ٦٠٠ كليو متر يبدأ من جبل أولياء شمالاً وحتى منطقة جودة في الحدود مع دولة جنوب السودان، ويقدر المخزون السمكي بالمسطح بحوالي ١٦ الف طن في السنة وتنتج الولاية ٧٠ ٪ من جملة إنتاج أسماك المياه العذبة بالسودان ففي العام ٢٠٢٢ بلغ إنتاج الولاية ٢٥٦٠.٥ طن سمك طازج و ٧٦٧.٥ طن سمك مملح و ٦٤١.٤ طن سمك مجفف.
أهم أنواع الأسماك الذي تتميز به ولاية النيل الأبيض العجل، البياض، الكبروس، البلطي (درجة اولى)، دبس، كدن، بني، (درجة ثانية)، قرقور، خشم البنات، الساوية، قرموط، البردة (درجة ثالثة)، هذا بجانب أسماك الفسيخ الكاس والكوارة.
وتتوفر في الولاية كل مقومات الاستزراع السمكي المتمثلة في الأرض ووفرة المياه والطرق المعبدة وكذلك توفر ذريعة الأسماك وسرعة جريان تيار النيل والذي يتناسب مع زراعة الأسماك داخل الأقفاص ويوجد بالولاية حالياً ١٨ مزرعة للأسماك بمحلية القطينة.
وتبذل إدارة الأسماك والأحياء المائية بالولاية جهوداً مقدرة لحماية الصيد حيث تم تدشين قارب حماية الصيد وعدد من اللوحات المعدنية كدعم من الوزارة الاتحادية.
مهنة صيد الأسماك في السودان
وأما عن وظيفة صيد الأسماك في السودان لا يشكّل صيد الأسماك في السودان نسبة كبيرة من ناتجه المحلي الإجمالي إلا أنه يوفر الوظائف ويعدّ مصدرا رئيسيا لتغذية نحو 46 مليون نسمة، وقد أصبح السمك في نهر النيل شحيحا بسبب عدة عوامل منها الصيد الجائر والتغييرات المناخية، ما دفع الصيادين السودانيين إلى البحث عن مهن أخرى لتوفير رزقهم.
وتحتل مهنة الصيد المرتبة الثانية بعد الزراعة، حيث يمارس المهنة حوالي ٤٠٠٠ صياداً يمتلكون حوالي ٣٠٠٠ قارب للصيد ويتوزع الصيادون على ضفتي النيل الأبيض الغربية والشرقية في ١١٥ قرية للصيد، بينما يتم إنتاج واستهلاك الأسماك في ٢١ مدينة بالنيل الأبيض ويتم تسويق الأسماك في ١٧ سوق.
ويمتلك الصيادون ٣٤ معسكراً للصيد تتوفر فيها أدوات إنتاج صيد الأسماك والثلاجات المبردة للحفظ ونقل الأسماك إلى الأسواق داخل وخارج الولاية، ويوجد بالمسطح المائي ١٩ جزيرة أكبرها الجزيرة مصران والجزيرة أبا بالإضافة للخيران التي تشكل مهداً صالحاً لتوالد وتكاثر الأسماك، وفضلاً عن ذلك توجد مسطحات مائية أخرى بالولاية تتمثل في خزان جبل أولياء وخور أبوحبل وقنوات الري في مشاريع السكر القومية ( سكر كنانة، عسلاية والنيل الأبيض ).
وتعتمد صناعة صيد الأسماك في السودان أساسا على المعدات التقليدية، بما في ذلك الرماح والفخاخ والشباك والصنارات. وينتشر الصيادون بشكل كبير على نهر النيل وروافده والسهول الفيضية الموسمية وعدد قليل من البحيرات الاصطناعية.
وكانت أسماك البياض النيلي والبلطي والقرموط الفضي من بين الكميات المعتادة التي تتوفر في سوق الموردة.
وعمل ما لا يقل عن 13600 شخص في السودان في الصيد الداخلي اعتبارا من 2017، حسب أحدث بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”. ولا يشمل هذا العدد شاغلي الوظائف المرتبطة كبائعي السوق وصنّاع القوارب.
ويشكل تواجد أعداد كبيرة من اللاجئين الجنوبين بمحليتي السلام والجبلين مهددات رئيسية لاستهلاك المخزون السمكي حيث يعتمد اللاجئين بصورة كبيرة على استخدام الاسماك في غذائهم اليومي لسهولة صيده خاصة وأنهم من المجموعات السكانية النيلية التي تمتهن حرفة الصيد.
ومن أهم فرص نجاح الاستثمار في مجال إنتاج الأسماك بالنيل الأبيض إلى جانب المخزون السمكي الكبير الموقع الجغرافي للولاية والذي يتيح لها فرصة التسوق لكل ولايات السودان خاصة مناطق غرب السودان لندرة الأسماك وولاية الخرطوم للكثافة السكانية العالية، فضلاً عن ذلك الرغبة في استهلاك الأسماك في الآونة الأخيرة بعد أن أصبح طبق السمك من الأطباق الرئيسية الموصى بها طبياً كأحد أهم أنواع اللحوم البيضاء.
العوامل المسببة لشح الأسماك من نهر النيل
تغير المناخ:
ووفقا لعدة دراسات فقد تراجع المخزون السمكي في النهر. ويرى الباحثون أن ذلك يرجع إلى ارتفاع درجات الحرارة بسبب تغير المناخ، والصيد الجائر، والافتقار إلى لوائح الدولة التنظيمية.
ويخشى الصيادون السودانيون من اختفاء بعض الأنواع تماما من نهر النيل مع تراجع أعداد الأسماك، بينما يهدد تغير المناخ والطقس القاسي الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.
وقد ارتبط انخفاض توفّر الأسماك في السودان بانفصال جنوب البلاد في 2011، حيث فقد الشمال إمكانية الوصول إلى مواقع الصيد الرئيسية والمسطحات المائية الداخلية الكبيرة.
لكن البحث الذي أجراه معهد الدراسات البيئية بجامعة الخرطوم في 2020 وجد أن ارتفاع درجات الحرارة السنوية على مدى العقدين الماضيين، أدى إلى انخفاض في عدد الأسماك وأنواعها في نظام النيل البيئي ككل.
وسجّل صيد الأسماك ذروة عند 87 ألف طن في 2012، ثم انخفضت الأرقام بشكل حاد بين 2014 و2020، ولم تعد تتجاوز 42 ألف طن سنويا، وفقا لإحصاءات وزارة الثروة الحيوانية والسمكية السودانية.
ويثير تهديد الأمن الغذائي القلق، بينما تعاني البلاد بالفعل من أزمات إنسانية معقدة مرتبطة بتفاقم حالات الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتجدد النزاعات القبلية وتفشي الأمراض مثل حمى الضنك والملاريا.
الصيد الجائر:
يعد صيد السمك على نحو فعال، وإنهاء الصيد المفرط والصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم وممارسات الصيد المدمرة " من أهم الطرق التي يجب أن تشدد عليها السلطات كافة للحفاظ على الثروة السمكية.
ويتطلب تحقيق هذا الهدف بذل جهود كبيرة لزيادة الوعي ولفت نظر العامة إلى الآثار السلبية لأنشطة الصيد الغير القانونية وغير المبلغ عنها وغير المنظمة، وهو نشاط تشارك المنظمة به.
ويعد ممارسة الصيادين لحرفة الصيد عن طريق الصدمات الكهربائية بواسطة مولدات متنقلة وتعتبر هذه الطريقة من الوسائل غير القانونية وذلك لما يترتب عليها من خطورة بالغة في تهديد مستقبل الثروة السمكية وحياة الصياد نفسه.