مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الانتخابات الرئاسية التونسية 2024.. ديمقراطية مُهددة أم استحقاق شكلي؟

نشر
الأمصار

تستعد تونس في السادس من أكتوبر 2024 لخوض انتخابات رئاسية تُعتبر نقطة حاسمة في تاريخها السياسي الحديث. 

وتأتي هذه الانتخابات في وقت تعاني فيه البلاد من حالة من الاستقطاب السياسي والاجتماعي، حيث تتزايد المخاوف بشأن نزاهة العملية الانتخابية.

 

 ومنذ الثورة التي اندلعت في 2011، كانت تونس نموذجًا للأمل في المنطقة، لكن التطورات الأخيرة قد تُلقي بظلال من الشك على مدى تحقيق إرادة الشعب.

 

 في هذا السياق، يتساءل الكثيرون: هل ستمثل الانتخابات الرئاسية المقبلة خطوة إلى الأمام نحو الديمقراطية، أم أنها مجرد إجراء شكلي يُكرس النظام القائم؟

تاريخ الانتخابات في تونس


منذ الثورة التونسية، شهدت البلاد العديد من الانتخابات التي أظهرت رغبة المواطنين في التغيير. ومع ذلك، ظلت التحديات قائمة، بما في ذلك عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي. 

في عام 2019، صعد قيس سعيد إلى السلطة، وجاءت آمال التونسيين مع هذه الإدارة الجديدة، إلا أن الأحداث اللاحقة أثارت الكثير من التساؤلات حول توجهات الحكومة الحالية.

حملة انتخابية مليئة بالتوترات


تزامنت الحملة الانتخابية الحالية مع احتجاجات شعبية واسعة تعكس عدم الرضا عن سياسات قيس سعيد. وقد شهدت الأيام التي سبقت الحملة ضغوطًا على المعارضين السياسيين، حيث اتُهمت الحكومة بمحاولة قمع الأصوات المخالفة. هذه التوترات أثرت على طبيعة الانتخابات، حيث شهدت محاولات لتعديل قانون الانتخابات بشكل يُثير قلق العديد من الأحزاب.

دور القضاء في ضمان نزاهة الانتخابات


القضاء في تونس هو أحد المؤسسات التي تعكس مدى استقلالية العملية الانتخابية. ومع ذلك، قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات برفض إعادة ثلاثة مرشحين مُستبعدين يُشير إلى قلق حيال التزام الحكومة بالنظام القضائي. هذا الأمر يُبرز مدى تأثير السلطة التنفيذية على مؤسسات الدولة، ويعزز المخاوف من أن الانتخابات قد تُستخدم كأداة لتعزيز السلطة بدلاً من تعزيز الديمقراطية.

مقاطعة الأحزاب السياسية للانتخابات  


قررت العديد من القوى السياسية التونسية، بما في ذلك "جبهة الخلاص الوطني"، مقاطعة الانتخابات، مُعتبرةً أن الظروف الحالية لا تُتيح فرصة لمنافسة عادلة. هذه المقاطعة تعكس أزمة ثقة عميقة في النظام السياسي، مما يُشير إلى أن الانتخابات المقبلة قد تكون مجرد استفتاء على بقاء قيس سعيد في الحكم.

استجابة الشارع التونسي


يشير محللون إلى أن الشارع التونسي يُظهر تراجعًا كبيرًا في الاهتمام بالانتخابات، حيث يصف البعض المشهد الانتخابي بأنه "مفتقر للزخم". يُعزى ذلك إلى عدة عوامل، منها تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، واستبعاد العديد من الفاعلين السياسيين. هذا الانخفاض في الاهتمام قد يؤثر على نسبة المشاركة في الانتخابات، مما يُعزز من قلق المعارضة.

توقعات بفوز قيس سعيد


في ظل العدد المحدود من المرشحين الذين تم قبولهم، يتوقع الكثيرون أن يحقق قيس سعيد فوزًا سهلًا في الانتخابات. يُشير المحللون إلى أن هذا الفوز قد يمنحه الشرعية لمواصلة سياساته، مما يعزز من سلطته في ظل الظروف الحالية.

مشهد حقوق الإنسان في الانتخابات


تشير منظمات حقوقية دولية إلى تدهور حالة حقوق الإنسان في تونس، مع تصاعد القمع والمضايقات للمعارضين. تتزايد القيود المفروضة على وسائل الإعلام، مما يُشكل تهديدًا حقيقيًا للحرية والتعددية.

التحديات الاقتصادية والاجتماعية


تظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تمثل العقبة الأكبر أمام أي رئيس قادم. مع معدلات بطالة تصل إلى 16%، ونسبة تضخم تتجاوز 10%، تواجه تونس ضغوطًا هائلة لتحقيق الاستقرار. هذه الظروف قد تدفع بالمواطنين للمطالبة بتغيير حقيقي، حتى لو استمر قيس سعيد في الحكم.


بينما تتهيأ تونس لخوض الانتخابات الرئاسية، تظل الأسئلة مطروحة حول مستقبل الديمقراطية في البلاد. في ظل غياب المنافسة الحقيقية، والمقاطعة من الأحزاب السياسية، وزيادة القيود على الحريات، تبدو الانتخابات كخطوة نحو تكريس السلطة بدلاً من إعادة تشكيل المشهد السياسي. الأيام المقبلة ستحدد ما إذا كانت هذه الانتخابات ستُفضي إلى تغيير حقيقي أم ستكون مجرد إجراء شكلي.