مساعٍ إفريقية لاختراق جدار الصراع السوداني.. لقاء خماسي مثقل بالتحديات
وسط تصاعد المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع على محاور عدة، دخلت البلدان الأفريقية مجددًا على خط الأزمة السودانية، بمبادرة قد تسكت -حال نجاحها- أصوات المدافع.
ففي 23 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تحتضن العاصمة الأوغندية كمبالا، قمة أفريقية مرتقبة، وضعت على أجندتها الترتيب لعقد لقاء بين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، لمناقشة أوضاع الحرب في السودان.
وتعثرت جهود دبلوماسية تبذلها الولايات المتحدة وقوى أخرى لحل الأزمة، فيما رفض الجيش السوداني حضور محادثات كانت مقررة الشهر الماضي في سويسرا.
إلا أن القمة الأفريقية المرتقبة، تعلق عليها الآمال، في أن تدفع طرفي الحرب إلى طاولة المفاوضات، وخاصة وبعد أن أثبتت الشهور الماضية، أن الحل العسكري عصي على التطبيق في البلد الأفريقي، بحسب محللين.
وستكرم القمة بمشاركة إقليم شرق أفريقيا برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، وعن إقليم غرب أفريقيا الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو، وعن وسط أفريقيا الرئيس تيودورو أوبيانغ نغيما، وعن شمال أفريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعن جنوبها الرئيس الأنغولي جواو لورينسو.
وتزداد الأوضاع الإنسانية سوءًا في السودان مع كل يوم يمر دون توقف تمدد الصراع المشتعل بين قوات "الدعم السريع" والجيش السوداني، في ظل حالة من ضبابية المستقبل وانعدام أفق الحل.
واندلعت الحرب في السودان، في 15 أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في مناطق متفرقة من السودان، تتركز معظمها في العاصمة الخرطوم، مخلفةً المئات من القتلى والجرحى بين المدنيين، وتوسطت أطراف عربية وأفريقية ودولية لوقف إطلاق النار، إلا أن هذه الوساطات لم تنجح في التوصل لوقف دائم للقتال.
تصاعد النزوح
ومع استمرار القتال في مدن السودان، تصاعدت موجة النزوح، إذ قالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، إن 90% من إجمالي الأسر النازحة في السودان، والبالغ عددها 2.1 مليون أسرة، لا تستطيع تحمل تكاليف الغذاء.
ويعاني 25.6 مليون سوداني من الجوع الشديد، بعد أن دمر النزاع القائم الأنشطة الاقتصادية والزراعية والبنية التحتية، وفقد معظم السكان وظائفهم ومصادر دخلهم وممتلكاتهم.
وذكرت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حول التنقل، أن "التقديرات تشير إلى أن 90% من الأسر النازحة داخليًا لا تستطيع تحمل تكاليف الغذاء."
وأشارت المنظمة إلى ارتفاع عدد النازحين إلى 10.8 مليون شخص، موزعين على 2.1 مليون أسرة، منهم ما يزيد على 8 ملايين نازح فروا من منازلهم بعد اندلاع النزاع.
وتعتمد المنظمة الدولية للهجرة في تتبع النزوح على شبكة تتكون من 492 عدادًا و7217 مخبرًا رئيسيًا لجمع البيانات من 8898 موقعًا في جميع ولايات السودان.
توسع القتال
من جانب آخر، يبدو أن المعارك المستمرة منذ أبريل من العام الماضي، في طريقها إلى التوسع الأفقي والرأسي لتشمل الولايات الشمالية، في مسعى جديد من قوات الدعم السريع في السودان، التي أعلنت مؤخرا وقف التفاوض والاستمرار في القتال بلا نهاية، بعد أن "لم يستجب الجيش لدعوات السلام".
وأفادت مصادر عسكرية في تصريحات صحفية، بأن قوات الدعم السريع في السودان، أطلقت 13 طائرات مسيرة باتجاه الفرقة الثالثة مشاة التابعة للجيش السوداني بمدينة "شندي" بولاية نهر النيل شمالي السودان، بالتزامن مع زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، للمنطقة.
ووفق المصادر العسكرية، فإن المضادات الأرضية التابعة للفرقة الثالثة مشاة أسقطت المسيرات، دون وقوع خسائر في الأرواح.
المصادر مضت قائلة إن الأوضاع في مدينة شندي "هادئة حاليا، لكن الخوف والهلع يسيطر على المدنيين جراء سماع أصوات الطائرات والمضادات الأرضية".
وفي أبريل الماضي، استهدفت 4 طائرات مسيرة، الفرقة الثالثة مشاة والمهبط الجوي الملحق بالمنطقة العسكرية، بمدينة شندي.
ومؤخرا، أعلن المتحدث باسم وفد التفاوض لقوات الدعم السريع في السودان، محمد المختار النور، عزمهم إنهاء النزاع القائم عسكريا، وهدد بإشعال الحرب على نحو أكثر ضراوة.
المختار قال في تصريحات تليفزيونية : "كنا نريد السلام، لكن طالما أرادوها حربا، فنحن لها ولا تفاوض بعد اليوم، لأننا سنكون في ميدان القتال".