التفاصيل الكاملة لإفلاس منصة تداول العملات الرقمية FTX
حصلت منصة FTX المتعثرة على موافقة قضائية لخطة الإفلاس الخاصة بها أمس الاثنين، الأمر الذي يعني فتح الباب أمام منصة تداول العملات الرقمية المنهارة، لتتمكن من سداد غالبية مستحقات العملاء تقريبًا، وما عليها من ديون مستحقة.
والخطوة التالية، ستكون استخدام المنصة ما يصل إلى 16.5 مليار دولار من الأصول المستردة بعد انهيارها لتحقيق هذا الهدف.
وتمنح هذه التسوية الأولوية للعملاء في السداد قبل التعامل مع المطالبات المحتملة من الهيئات التنظيمية الحكومية، مما سيتيح تسديد نحو 98% من التزاماتها تجاه العملاء.
ومن المنتظر أن يسترد العملاء أموالهم بناءً على قيمتها كما كانت في نوفمبر 2022، عند انهيار المنصة.
ما هي منصة FTX؟
ومنصة FTX، هي شركة تأسست في عام 2019 وكانت تدير بورصة وصندوق تحوط للعملات المشفرة.
وبلغت الشركة ذروتها في عام 2021 حيث تجاوز عدد مستخدميها المليون مستخدم نشط، مما جعلها ثالث أكبر بورصة للعملات المشفرة من حيث حجم التداول.
وتعرضت شركة FTX، العملاقة في مجال العملات المشفرة للإنهيار رغم محاولة إنقاذها من قبل شركة بينانس في بداية هذا الانهيار.
إلا أن منصة FTX كانت تعاني من مشكلات هيكلية كبيرة جعلت من المستحيل منع انهيارها الكامل.
انهيار FTX وفرعها الأمريكي FTX US
كانت بداية انهيار الشركة، عبر تغريدة من تشانغبينغ زاو (CZ)، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة بينانس، التي تُعد أكبر منصة لتداول العملات الرقمية في العالم من حيث حجم التداول.
حيث أثار الملياردير الصيني CZ الجدل بإعلانه أن بينانس ستقوم ببيع جميع العملات الرقمية FTT، وFTT هي العملة الرقمية الرسمية لمنصة التداول FTX.
وكانت تستخدم العملة المشفرة FTT، على سبيل المثال، لدفع رسوم التداول وتحقيق عوائد مرتفعة من خلال إيداع الأصول.
ويمكن مقارنة عمل FTT بعملة BNB الخاصة ببينانس أو CRO الخاصة بـ Crypto.com.
وصرّح CZ بأن هذه الخطوة هي جزء من إجراءات إدارة المخاطر لدى منصة "بينانس"، ومن بين السطور، أشار CZ إلى أن منصة FTX، التي تحتل المرتبة الثانية في صناعة العملات الرقمية، قد تواجه مشكلات خطيرة في السيولة.
كما أن المنصة الأمريكية FTX لم تكن تملك الاحتياطي الكافي لتلبية التزاماتها المالية، وهو ما قادها إلى الإفلاس.
وفي ذروتها بلغت قيمة ماتملكه FTX وتديره من أصول حوالي 32 مليار دولار، حتى أصبح هذا الرقم من الماضي حيث دخل المستثمرين في دوامة من الخسائر وذلك بسبب عدم قدرة المستثمرين على السحب.
ما ارتكبته المنصة من أخطاء قادتها لمصيرها
أشار مؤسس منصة بينانس إلى تقرير نشره موقع CoinDesk المتخصص في أخبار سوق العملات الرقمية، والذي اتهم شركة FTX بممارسات مالية مشبوهة.
وقد تبين أن FTX كانت مدعومة مالياً من شركة Alameda Research، التي يملكها نفس رئيس منصة FTX، سام بانكمان-فريد.
كما كشفت وسائل الإعلام أن الجزء الأكبر من أموال هذه الشركة التجارية كان متمثلاً في العملة الرقمية FTT، مع احتفاظها بنحو 60% من الرموز المتداولة.
واستخدمت شركات سام بانكمان-فريد عملة FTT كضمان للحصول على قروض ودعم أنشطتها، وهو أمر انتقده تشانغبينغ تشاو بشدة.
وعندما شهدت العملة الرقمية انخفاضاً حاداً في قيمتها، وجدت الشركتان نفسيهما في أزمة نقص في السيولة، ولم يكن الوضع قابلاً للاستمرار على المدى البعيد، حيث كانت النتيجة تعتمد على ارتفاع سعر FTT مرة أخرى.
وأدى الاعتماد المتبادل بين الشركتين إلى تحقيق فجوة بمليارات الدولارات في خزائن FTX.
ولتجنب الإفلاس، لجأت FTX إلى استخدام أموال مستخدميها لدعم صندوق استثمار Alameda.
ووفقاً لتقرير من رويترز، فإن سام بانكمان-فريد وتلاعبه بالأموال أدى إلى استخدام ما لا يقل عن 4 مليارات دولار من أموال FTX لإنقاذ Alameda، وهو ما شمل بعض الأموال المملوكة لعملاء منصة FTX.
وبدعم من هذه الأموال المختلسة، نجت Alameda بالفعل من الإفلاس بصعوبة.
ردة فعل العملاء
وبعد إعلان بينانس عن بيع كبير لعملة FTT، اجتاحت موجة من الذعر مستخدمي FTX، بما في ذلك حاملي العملة الرقمية الخاصة بالمنصة.
ونتيجة لذلك، قام العديد من المستثمرين بتصفية أصولهم الرقمية، متوقعين انهياراً وشيكاً في الأسعار، مما أدى أيضاً إلى تراجع قيمة FTT.
وكان لا زال شبح منصة Celsius، التي أعلنت إفلاسها بالطريقة نفسها، يلوح في الأفق في هذه الاثنا، مما دفع المستخدمين إلى اتخاذ تدابير وقائية.
وفي البداية، نفى سام بانكمان-فرايد، الرئيس التنفيذي ومؤسس FTX، بشدة الشائعات حول أزمة السيولة، ومع ذلك، لم يستغرق الأمر سوى بضعة أيام حتى تفاقم الوضع، ليكشف رجل الأعمال عن الحقيقة المؤلمة بأن FTX لا تملك ما يكفي من المال للسماح لجميع مستخدميها بسحب أصولهم.
إفلاس لا مفر منه
بعد أن وصلت منصة FTX إلى هذه المرحلة الحرجة، حاولت منصة بينانس تقديم المساعدة لسام بانكمان فريد بالاستحواذ على شركته، قبل أن تقرر بينانس التراجع عن الصفقة.
ورغم التحديات، لم يتخلَ سام بانكمان فريد عن مشاريعه، بل اتصل بعدد من مستثمري وول ستريت لجمع 8 مليارات دولار، وهو المبلغ الذي يكفي لتلبية سيولة عملاء FTX.
وفي رسالة إلى موظفيه، أوضح، الذي كان يُعتبر فارس الكريبتو الأبيض في السابق، أنه يرغب في إنقاذ FTX، وأن أولويته تكمن في تعويض العملاء.
إلا أن كل هذه المحاولات فشلت، فلم يكن مفاجئاً أن FTX أعلنت إفلاسها أخيرا يوم الجمعة، 11 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2022.
وتخلى سام بانكمان فريد عن منصبه كرئيس تنفيذي بعد الكشف عن مستجدات خطيرة عن نظام عمل الشركة، وتم تقديم الشركة وفقاً للفصل 11 من قانون الإفلاس الأمريكي، مما يتيح لها مواصلة أنشطتها والسعي للتوصل إلى اتفاق مع الدائنين.
وحتى اليوم، ظلت عمليات السحب محظورة، حيث تعذر على المستخدمين الوصول إلى أموالهم. ولكن، حصلت منصة FTX المتعثرة على موافقة المحكمة على خطتها للإفلاس، مما سيمكنها من تسديد مستحقات العملاء بالكامل تقريباً.