مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

أزمة النازحين في لبنان "تحديات إنسانية متزايدة"

نشر
الأمصار

في ظل تصاعد الأزمات السياسية والعسكرية في لبنان، أصبحت مشكلة النازحين أكثر تعقيدًا وخطورة، حيث فرّ العديد من اللبنانيين من منازلهم بسبب القصف الإسرائيلي المستمر، ليجدوا أنفسهم في مراكز إيواء مخصصة، وغالبًا في مدارس تفتقر إلى المقومات الأساسية للحياة. تتحدث القصة التي نستعرضها في هذا التقرير عن المعاناة اليومية للعائلات النازحة، وحالة الطوارئ التي تعيشها البلاد.

الوضع الحالي للنازحين


تؤكد رفقة رمضان، النازحة من الضاحية الجنوبية لبيروت، أن "النازح يفقد كرامته".

 وتعيش رفقة حاليًا في مدرسة تحولت إلى مركز لإيواء النازحين. وتعتبر هذه المدرسة واحدة من حوالي 900 مركز في لبنان تستضيف الآلاف من العائلات التي فرّت من مناطق القصف. 

تشير المديرة ليما رعيدي إلى أن المدرسة، التي تم تصميمها لاستيعاب 350 شخصًا، تضم حاليًا 550 شخصًا، مما يعكس حجم الضغط الكبير على موارد البلاد.

ضغوط اقتصادية


على الرغم من أن رفقة تتلقى دعمًا غذائيًا ورعاية طبية، إلا أن وضعها المالي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. تعمل رفقة كخياطة، لكنها الآن بلا عمل وتعيش على مدخراتها المحدودة. تقول: "إذا نفدت تلك المدخرات، كيف سأعيش؟". هذه الشهادة تعكس معاناة الكثير من النازحين الذين فقدوا مصادر دخلهم واضطروا للعيش في ظروف غير ملائمة.

التداعيات الإنسانية


في ظل الوضع المتدهور، أصدرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بيانًا تحذيريًا يبرز أن أكثر من مليون شخص اضطروا للفرار من منازلهم بسبب القصف الإسرائيلي. وتدعو المفوضية إلى زيادة الدعم الدولي لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية. وفي حديث مع كريستين قدسي، المسؤولة بمنظمة "سوق الطيب"، تمت الإشارة إلى أن التبرعات تأتي بشكل أساسي من اللبنانيين، مقارنةً بالاستجابة الدولية السريعة التي شهدتها البلاد بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020.

المساعدات الغذائية
تعمل العديد من الجمعيات الأهلية في لبنان على تقديم الدعم للنازحين. في إحدى المدارس، يتم توفير وجبة واحدة يوميًا للعائلات النازحة، لكن ذلك يبقى بعيدًا عن متطلبات أكثر من ألف شخص، نصفهم من الأطفال. تقول ندى، إحدى المتطوعات، "نضمن للنازحين وجبة واحدة يوميًا، ولكن مع الضغط المتزايد، نحن بحاجة إلى مزيد من التبرعات".

 الافتقار للبنية التحتية
تعاني لبنان منذ سنوات من أزمات متعددة في مجالات الكهرباء والمياه، مما يزيد من معاناة النازحين. يعبر المتطوعون عن قلقهم بشأن النظافة والراحة الصحية، حيث توجد فقط ستة أماكن للاستحمام في مدرسة تأوي نحو ألف شخص. تشير ود لبان، المسؤولة ببنك الغذاء اللبناني، إلى أن الأزمة تتطلب المزيد من التبرعات، خاصةً مع اقتراب فصل الشتاء. وتضيف: "لا توجد تدفئة في المدارس، وهذا يثير القلق من تفشي الأمراض".

تجارب النازحين
تتحدث نجاة، النازحة من الضاحية الجنوبية، عن إرسال ابنها إلى سوريا بحثًا عن الأمان. "لا أدري إذا كانت سوريا آمنة، لكنني وجدت الكثير من أبناء منطقتي فروا إلى سوريا، فقررت أن أرسله معهم"، تقول نجاة. هذه التجربة تعكس تحديات جديدة للعائلات التي كانت في السابق تواجه أزمة النزوح من سوريا، والآن تجد نفسها في موقف مشابه.

 المساعدات الدولية
استجابة للأزمة، بدأت عدة دول بإرسال مساعدات للبنان، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي تعهدت بتوفير 160 مليون دولار لدعم النازحين. كما تم إرسال مساعدات من العراق والأردن ومصر والإمارات، مما يظهر تعاطف المجتمع الدولي مع الوضع في لبنان. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا حول فعالية هذه المساعدات في تلبية احتياجات النازحين المتزايدة.

 

غياب الحلول الحكومية
يواجه الوضع انتقادات واسعة من قبل المواطنين، حيث يُعزى عدم الاستجابة الفعالة من الحكومة اللبنانية إلى الضغوط الاقتصادية والسياسية القائمة. تتحدث التقارير عن غياب خطة واضحة من الدولة لمعالجة أزمة النازحين، حيث أعلنت محافظة بيروت أن عدد النازحين يفوق قدرة المدينة على التحمل. يدعو رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المجتمع الدولي لزيادة الضغط على إسرائيل لوقف إطلاق النار، ولكن كلما طال أمد الصراع، تزداد التحديات الإنسانية.


تظهر أزمة النازحين في لبنان كيف يمكن أن تؤدي الصراعات المستمرة إلى تدهور الأوضاع الإنسانية. تواجه العائلات النازحة تحديات كبيرة في الحصول على الطعام والمأوى والرعاية الصحية، مما يستدعي استجابة عاجلة من المجتمع الدولي والحكومة اللبنانية على حد سواء. مع اقتراب فصل الشتاء، يتضاعف القلق حول الأوضاع الصحية والمعيشية لهؤلاء النازحين، مما يتطلب تدابير عاجلة لضمان كرامتهم واحتياجاتهم الأساسية.