بعد عام من طوفان الأقصى.. لمحات من القرارات والقوانين الدولية الصادرة ضد إسرائيل
منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وتبعته الضربات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، شهد العالم سلسلة من التطورات القانونية البارزة بشأن الانتهاكات المحتملة للقانون الدولي.
صدرت العديد من القرارات والتوصيات من قبل جهات دولية مختلفة، تضمنت اتهامات لإسرائيل وحماس بارتكاب جرائم حرب، ورفعت بعض الدول دعاوى ضد حكومات متورطة بدعم النزاع.
ومع ذلك، يبقى السؤال الرئيسي: هل هذه القرارات قابلة للتنفيذ؟ وما مدى فعاليتها في إحداث تغيير على أرض الواقع؟
القرارات القانونية الدولية وموقف الخبراء
خلال الأشهر الماضية، تصدرت قضايا قانونية عديدة المشهد الدولي، حيث طُرحت تساؤلات حول دور القانون الدولي في النزاعات المسلحة. وقد أبرز الدكتور جيمس ديفاني، أستاذ القانون بجامعة غلاسكو، أهمية التمييز بين أنواع القرارات القانونية، حيث أوضح أن هناك قرارات تُرفع ضد دول وأخرى ضد أفراد، وكل منها يخضع لإجراءات قانونية مختلفة.
بعض هذه القرارات ملزمة قانونيًا، خاصة تلك الصادرة عن محكمة العدل الدولية، والتي تتناول النزاعات بين الدول. في المقابل، هناك قرارات أخرى تحمل طابعًا استشاريًا، كالتوصيات التي تصدر عن جهات تابعة للأمم المتحدة. ويضيف ديفاني أن "القرارات الاستشارية رغم عدم إلزاميتها، تتمتع بوزن قانوني كبير."
الفرق بين محكمتي العدل والجنائية الدولية
تعد محكمة العدل الدولية الجهاز الرئيسي للأمم المتحدة في حل النزاعات القانونية بين الدول، بينما تختص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة الأفراد عن جرائم مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب. هذا التمييز بين المحكمتين ينعكس في القضايا المتعلقة بإسرائيل وحماس، حيث يتم النظر في مسؤولية الدول عن النزاعات في محكمة العدل الدولية، بينما تحاكم الأفراد المسؤولين عن الجرائم في المحكمة الجنائية الدولية.
مثال على ذلك هو الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، متهمة إياها بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين. بينما توجهت المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرات توقيف بحق قادة من الطرفين.
دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل: الاتهامات والتداعيات
من بين أبرز القضايا القانونية التي أثارت جدلاً دولياً، هي الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في ديسمبر 2023، متهمة إياها بالإبادة الجماعية. وأشارت في الدعوى إلى أن إسرائيل استهدفت تدمير جزء كبير من الفلسطينيين في غزة كجماعة وطنية وعرقية.
ورغم أن إسرائيل رفضت هذه التهم ووصفتها بأنها "بغيضة أخلاقيًا"، فإن المحاكم الدولية قد تصدر حكمًا ملزمًا يتعين على إسرائيل الامتثال له. وبحسب ديفاني، في حال عدم الامتثال، قد تتعرض إسرائيل لعقوبات دولية.
الدعوى المقدمة من نيكاراغوا ضد ألمانيا
في خطوة مشابهة، رفعت نيكاراغوا دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد ألمانيا، متهمة إياها بتقديم دعم عسكري لإسرائيل، مما ساهم في استمرار الانتهاكات ضد الفلسطينيين. ورغم نفي ألمانيا لهذه الاتهامات، إلا أن الدعوى فتحت الباب أمام تساؤلات حول دور الدول الكبرى في تسليح أطراف النزاعات.
أشار الفريق القانوني لنيكاراغوا إلى أن الدعم العسكري الألماني لإسرائيل تضاعف في السنوات الأخيرة، مما يعزز الاتهامات بأن ألمانيا تشارك في تسهيل الإبادة الجماعية. من جانبه، يرى ديفاني أن هذه القضية قد تؤثر على سياسات الدول الأخرى فيما يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل.
مذكرات التوقيف بحق قادة إسرائيل وحماس
في مايو 2024، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عن نيتها إصدار مذكرات توقيف بحق مسؤولين من إسرائيل وحماس، ومن بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقادة حماس يحيى السنوار ومحمد الضيف. هذه الخطوة قد تضع قيوداً كبيرة على حركتهم الدولية، إذ سيكون على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية تنفيذ أوامر الاعتقال إذا دخل هؤلاء الأشخاص أراضيها.
ومع ذلك، يشير ديفاني إلى أن تطبيق هذه المذكرات يعتمد على الإرادة السياسية للدول، مشيرًا إلى مثال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لم يتم اعتقاله رغم صدور مذكرة توقيف دولية بحقه.
ماذا بعد قرارات محكمة العدل الدولية؟
في يوليو 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية رأياً استشارياً بشأن احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية، معتبرة أنه انتهاك للقانون الدولي. ورغم أن هذا القرار لا يحمل قوة إلزامية، إلا أنه يضع ضغوطًا كبيرة على إسرائيل ويؤثر على موقفها الدولي.
ويرى الخبراء القانونيون أن مثل هذه القرارات قد تدفع بعض الدول إلى إعادة النظر في علاقتها مع إسرائيل، خاصة إذا تعرضت لضغوط سياسية أو قانونية.
في ختام هذا التقرير، يبدو أن القانون الدولي يلعب دورًا مهمًا في تسليط الضوء على الانتهاكات المرتكبة خلال النزاعات المسلحة. ومع ذلك، تظل قدرة القانون على التنفيذ محدودة، إذ تعتمد فعالية هذه القرارات على التزام الدول بتنفيذها، وهو ما قد لا يحدث في جميع الحالات.