مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

مؤشرات إحصائية: القطاع البنكي في تونس يحافظ على تماسك دعائمه المالية

نشر
الأمصار

حافظ القطاع المصرفي في تونس على تماسكه الذي تدعم بتدابير البنك المركزي التونسي، على الرغم من السياق الوطني والدولي الصعب الذي اتسم بتفاقم آثار التغيرات المناخية واستمرار التوترات الجيوسياسية.

يأتي ذلك ضمن التقرير السنوي الأخير لمؤسسة الإصدار الذي صدر نهاية الأسبوع الفارط والذي أكد محافظة البنك المركزي التونسي على يقظته الاحترازية ومواصلته جهوده لتدعيم الأسس المالية للقطاع، عبر تعزيز قواعد تكوين المدخرات الجماعية لدعم تغطية المخاطر الكامنة للديون الجارية (الصنفان 0 و1) والاستعداد لاعتماد معايير الإفصاح المالي الدولية.

كما استمر في إلزام البنوك والمؤسسات المالية بتطبيق سياسات تقييدية في علاقة بتوزيع الأرباح لتكوين هوامش إضافية من الأموال الذاتية.

تقيد بمعايير حوكمة المخاطر

ساهم الحفاظ على نسبة الفائدة الرئيسية في حدود 8٪ في تعزيز تراجع نسبة التضخم منذ شهر مارس 2023، مع بقائها أعلى من معدلها على المدى الطويل.

وفي هذا السياق، كشف التقرير تواصل تدعيم مؤشرات الملاءة المالية للقطاع البنكي وربحيته وتراجع الضغوطات على السيولة، بفضل الديناميكية الإيجابية لتعبئة الودائع بالدينار والعملة الأجنبية، بيد أن التراجع النسبي لجودة أصول القطاع البنكي الناجم عن الصدمات المتتالية التي تعرضت لها الشركات والاسر، والفجوة السلبية بين نمو القروض المسندة للاقتصاد والنشاط الاقتصادي لا تزال تشكل مصادر للهشاشة.

في جانب آخر، أجرى البنك المركزي التونسي تمرين محاكاة لأزمة نظامية، بمشاركة مختلف السلطات التعديلية للقطاع المالي. ومكن هذا التمرين من اختبار نجاعة الإطار المؤسساتي لإدارة الأزمات المالية، لا سيما آليات تبادل المعلومات والتنسيق بين الأطراف المعنية.

إطار مرجعي للممارسات البنكية

في إطار المخطط الاستراتيجي للفترة 2023 – 2025، أطلق البنك المركزي في تونس مشروعا يرمي إلى وضع خارطة طريق لتخضير القطاع المالي، من خلال إدراج البعد المناخي ضمن منظومة الرقابة والتعديل، ووضع إطار مرجعي للممارسات البنكية في مجال المالية المستدامة.

وفيما يتعلق بالسوق المالية في تونس، فقد برهنت من جانبها على تماسكها بفضل الأداء الجيد الذي حققته الشركات المدرجة في البورصة، لا سيما منها التي تنشط في القطاع المالي.

واستمر كل من مؤشر توننداكس وحجم التداول في البورصة في الارتفاع، وعلى صعيد الإصدارات في السوق الأولية، فقد عرفت من جهتها ارتفاعا مع تركزها بالأساس على إصدارات الخزينة، أما فيما يتعلق بمؤسسات التوظيف الجماعي في الأوراق المالية، فقد شهدت ديناميكية إيجابية.

في جانب أخر، عرفت العوامل المرتبطة بالمخاطر المالية الكلية تطورا متباينا، حيث سجلت بعض العوامل، على غرار السيولة المصرفية والملاءة والربحية، انفراجا، وفي المقابل، أشار التقرير السنوي للبنك المركزي في تونس إلى تنامي المخاطر المرتبطة بجودة الأصول، بالعلاقة مع تواصل الضغوط المفروضة على التوازنات الاقتصادية الكلية، إلى جانب استمرار التحديات المرتبطة بالنمو الاقتصادي والاستثمار، وسط تحسن رصيد الميزان الجاري وتراجع حدة الضغوط التضخمية.

أفاق إيجابية

في سياق يتسم بالشّح المائي وتبعات الصدمات الخارجية المتتالية، تبقى المخاطر المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية الكلية مصدر قلق إزاء الاستقرار المالي في ظل استمرار متطلبات رفع النمو وتطوير الاستثمار وذلك بالتوازي مع تواصل التحديات المتعلقة بمزيد التقليص في عجز الميزانية.

تؤكد سلط الاشراف في العديد من المناسبات على ضرورة مشاركة جميع المؤسسات البنكية العامة والخاصة والمؤسسات المالية الأخرى في دعم الاقتصاد الوطني.

وفي هذا السياق، تجري باستمرار دعوة كافة البنوك إلى المساهمة في الجهد التنموي، ليس فقط من خلال منح القروض لعدد من المؤسسات والشركات العامة لاستعادة توازنها المالي، ولكن أيضا من خلال المساهمة في تنفيذ المشاريع الوطنية ذات الاولوية.

تلعب البنوك دورا حاسما في تمويل الاقتصاد في تونس، وهو ما تظهره أحدث البيانات الرسمية ويبرز القطاع البنكي كعنصر مركزي في الديناميكية الاقتصادية للبلاد.

ويرتكز النظام البنكي بقوة على السوق المحلية كقاعدة دعم تسمح له بالوصول إلى السوق الخارجية، مع إجمالي أصول قريبة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وقروض مغطاة بشكل أساسي بالودائع، فضلا عن مستوى عال من الملاءة المالية وتغطية مالية مناسبة مقارنة بالدول المماثلة.