بين التحالفات والمصالح.. أين تقف روسيا والصين في الصراع بين إيران وإسرائيل؟
تتصاعد التوترات في الشرق الأوسط مع تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل، حيث قامت إسرائيل بشن ضربات عسكرية دقيقة استهدفت مواقع إيرانية، ردًا على إطلاق نحو 200 صاروخ من قبل إيران في الأول من أكتوبر.
ومن جانبها، بررت إيران هذه الهجمات بأنها رد على مقتل قادة من حماس في غزة ومن حزب الله في لبنان، مع استمرار القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.
وفي ظل هذا التصعيد، يتساءل العالم عن مواقف القوى الكبرى مثل روسيا والصين من هذا الصراع، وكيف ستردان على التطورات في المنطقة؟
روسيا: شراكة استراتيجية مع إيران وتوازن دقيق مع إسرائيل
رغم عدم وجود تحالف رسمي بين روسيا وإيران، إلا أن العلاقات بين البلدين قد تعمقت في السنوات الأخيرة، ويجري العمل على إتمام اتفاقية شراكة استراتيجية بينهما.
وفي لقاء جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان في 11 أكتوبر، أكد الطرفان على تقارب مواقفهما من الأزمات العالمية.
وتأتي هذه العلاقة في ظل انحياز إيران فعليًا إلى روسيا في قضية أوكرانيا، حيث تشير الولايات المتحدة وبريطانيا إلى توريد إيران صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة لموسكو، الأمر الذي تنفيه إيران رسميًا.
كما يشار إلى أن روسيا قد قدمت طائرات هجومية خفيفة لطهران لتعزيز قدراتها الدفاعية.
ومن ناحية أخرى، تتخذ موسكو موقفًا متوازنًا، فهي تحتاج إلى الحفاظ على علاقاتها مع كل من إيران وإسرائيل.
إذ تخشى روسيا أن يؤدي تصاعد دعمها لإيران إلى دفع إسرائيل لتقديم مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا.
بالإضافة إلى ذلك، تشعر موسكو بالقلق من تأثير الضربات الإسرائيلية على البنية التحتية في إيران، والتي قد تعيق حركة النفط الروسي إلى الهند عبر الأراضي الإيرانية.
الصين: دعم غير مباشر لإيران وتجنب الانخراط المباشر في الصراع
تتمتع الصين بعلاقات وطيدة مع إيران على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي، إذ تعتبر إيران أحد أكبر موردي النفط للصين. رغم ذلك، تتجنب الصين الانجرار إلى صراع واسع في المنطقة، حيث عبرت بشكل دبلوماسي عن دعمها لقضية فلسطين ولبنان، داعية إلى التهدئة ووقف إطلاق النار.
وبالرغم من أنّ الصين لديها استثمارات هامة في إسرائيل، فإنها تسعى للحفاظ على توازن دقيق بين علاقتها مع إيران وارتباطاتها الاقتصادية مع إسرائيل.
ويبدو أن بكين تفضل البقاء في وضعية المتابع، دون الانحياز لأي طرف على حساب الآخر، ما يسمح لها بالحفاظ على مكانتها كقوة مؤثرة في الشرق الأوسط دون المخاطرة بخسارة أي من حلفائها الاقتصاديين.
وفي حين تدعم الصين القضية الفلسطينية، فإنها لا تزال ترى أن مصالحها الاقتصادية واستقرار إمدادات النفط من إيران أمران أساسيان.
وكانت قد أطلقت إسرائيل ما وُصف بأكبر وأخطر هجوم على إيران في تاريخ مواجهاتهما، مستخدمةً أكثر من 100 طائرة مقاتلة وطائرات تجسس وأخرى لتزويد الوقود، في عملية دقيقة حملت اسم "أيام الحساب".
جاء هذا الهجوم رداً على تصعيدات إيرانية سابقة ضد إسرائيل، وسعياً لتوجيه رسالة واضحة، دون إشعال مواجهة شاملة.
وأثار هذا الهجوم تفاعلاً واسعاً في الأوساط الدولية، حيث سعت إسرائيل لتنسيق العملية لتفادي تداعيات قد تشمل أطرافًا أخرى في المنطقة.
تفاصيل العملية والاستعدادات:
في وقت متأخر من مساء الجمعة، وبينما كانت إسرائيل تتحضر لاستقبال يوم السبت، يوم الراحة اليهودي، أطلق القادة الإسرائيليون الضوء الأخضر للعملية من مقرهم العسكري في تل أبيب، تحديداً من غرفة القيادة المعروفة بـ"الحفرة".
وسط أجواء متوترة وتحت غطاء من السرية التامة، صعد الطيارون الإسرائيليون إلى طائراتهم، واستعدوا لتنفيذ أكبر هجوم جوي على إيران.
وقد استمر التخطيط لهذه العملية لأسابيع، بمشاركة خبراء عسكريين ودبلوماسيين، لضمان تنفيذها بدقة، وتحقيق أهدافها دون إشعال نزاع إقليمي أوسع.
تم اختيار الأهداف بعناية، بحيث تجنبت الطائرات الإسرائيلية المنشآت النفطية والنووية الإيرانية، بناءً على تحذيرات دولية وأميركية خاصة من احتمالية تداعيات واسعة إذا تم استهداف هذه المنشآت. استهدفت الضربات بطاريات صواريخ روسية الصنع من طراز إس-300 في إيران، ما أدى إلى تدميرها، بحسب تصريحات مسؤولين إسرائيليين.
تفاصيل الضربات الجوية:
بدأت الضربات الإسرائيلية على شكل موجات متتالية، استُخدمت فيها طائرات إف-35 المقاتلة، المعروفة بقدرتها على التخفي عن الرادار.
استهدفت الضربات مواقع حساسة، من بينها منشآت تعمل على تطوير الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، التي سبق أن استُخدمت ضد إسرائيل.
وقد تعرضت قاعدة بارشين العسكرية، التي كانت في السابق مركزاً لتطوير الأسلحة النووية الإيرانية، لعدة ضربات دقيقة. وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أصابت الهجمات أربع مبانٍ داخل المجمع، بما في ذلك منشآت تستخدم لإنتاج الوقود الصلب للصواريخ.
وكانت المرحلة الأولى من الهجمات تركز على تدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في سوريا والعراق، لتسهيل مسار الطائرات الإسرائيلية في المراحل التالية من الهجوم.
وذكرت تقارير أن الهجمات شُنّت من خارج المجال الجوي الإيراني، فيما أشارت إيران إلى أن الطائرات الإسرائيلية اخترقت الأجواء العراقية لتنفيذ الهجوم.
ردود الفعل الإيرانية:
في الساعات التي تلت الهجوم، أكدت إيران وقوع أضرار "محدودة"، مشيرةً إلى مقتل أربعة جنود، واحتفظت بحقها في الرد في الوقت المناسب.
وقامت طهران بإبلاغ الدول العربية سراً بأن الهجوم الإسرائيلي قد أصاب أهدافاً بدقة عالية، مما زاد من حدة التوترات في المنطقة.
وتراقب إيران الأوضاع عن كثب في انتظار ما إذا كانت هذه الضربات تمثل بداية لمرحلة جديدة من المواجهات.
الأهداف السياسية الإسرائيلية من العملية:
سعت إسرائيل من خلال العملية إلى تحقيق عدة أهداف؛ أولها توجيه رسالة قوية لإيران بأن الهجمات ضد إسرائيل لن تمر دون رد.
وأوضح أحد المسؤولين الإسرائيليين أن الهجوم لم يكن يهدف إلى التصعيد، لكنه وضع إسرائيل في موقف يسمح لها بالتحرك بحرية داخل الأجواء الإيرانية إذا استمرت طهران في استفزازاتها.
كما أن هذا الهجوم تزامن مع جهود إسرائيل لاحتواء الوضع في غزة بعد اغتيال زعيم حماس، يحيى السنوار، مما يعكس رغبة إسرائيلية في تركيز جهودها على جبهات أخرى في ظل استمرار التوترات مع إيران.