تأثير الانتخابات الأمريكية 2024 على منطقة الشرق الأوسط
مع بدء انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024، تتجه الأنظار إلى نتائج هذه الانتخابات ليس فقط في الولايات المتحدة بل أيضًا في الشرق الأوسط، إذ يعكف المراقبون على استشراف تأثير فوز أي من المرشحين، دونالد ترامب الجمهوري وكامالا هاريس الديمقراطية، على المنطقة.
منذ تولي ترامب الرئاسة سابقاً، كان لإدارته مواقف داعمة لإسرائيل شملت الاعتراف بالقدس عاصمة لها، وسحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وأيضاً الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان.
هذه القرارات لاقت ترحيباً واسعاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لدرجة أنه أطلق اسم ترامب على إحدى المستوطنات في الجولان.
ومع هذا، يشهد الداخل الإسرائيلي حالياً انقساماً واضحاً حول الانتخابات الأمريكية؛ حيث يفضل ما يقارب ثلثي الإسرائيليين فوز ترامب مرة أخرى، فيما يعتبر آخرون أن هاريس قد توفر مقاربة مختلفة في التعاطي مع قضايا المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
موقف إسرائيل من المرشحين
إليك غولدبرغ، أحد سكان مستوطنة "ترامب هايتس"، عبّر عن رغبته في أن تدعم الإدارة الأمريكية القادمة إسرائيل بشكل واضح.
بالنسبة له ولعدد كبير من الإسرائيليين، يمثل ترامب المرشح الأكثر ملاءمة لدعم إسرائيل في مواجهة تهديدات مثل تلك القادمة من حزب الله وحماس. ويستذكر الإسرائيليون خطاب ترامب الحازم الذي لطالما دعم نتنياهو، ويصفه البعض بأنه "أفضل صديق لإسرائيل في البيت الأبيض".
أما في صفوف الداعمين لهاريس، فإن نظرتهم تركز على الدعوات المتكررة من جانبها لوقف إطلاق النار في غزة واهتمامها بالقضايا الإنسانية. وفي مقابلة سابقة، كانت قد أوضحت قلقها من حجم المعاناة التي تعيشها غزة، مما يشير إلى أنها قد تتبنى نهجاً أكثر توازناً.
اختلافات في الرؤية
بينما تتحدث هاريس عن وقف إطلاق النار والتخفيف من الأزمات الإنسانية في غزة، يميل ترامب إلى نهج يعتبر أقوى في الدفاع عن مصالح إسرائيل دون الالتفات إلى ردود الفعل الإنسانية. ففي تعليقاته السابقة، دعا إسرائيل لاتخاذ خطوات قوية تجاه إيران، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستكون داعمة لأي خطوات تتخذها إسرائيل.
من ناحية أخرى، تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبية الديمقراطيين بين مؤيدي إسرائيل، إذ إن حوالي 20% فقط من الإسرائيليين يفضلون فوز هاريس. وهذا التباين يعكس تغيّر التوجه الأمريكي في السياسة الخارجية؛ ففيما تبدي هاريس اهتمامًا بالقضايا الإنسانية، يتهمها البعض بأنها ليست داعمة بما يكفي لإسرائيل.
القضية الفلسطينية في الميزان
في المقابل، يرى الفلسطينيون أن فوز أي من المرشحين لن يحمل تغييراً جذرياً في السياسات الأمريكية تجاههم. مصطفى البرغوثي، المحلل السياسي الفلسطيني، يرى أن الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء لا يعطون الأولوية للقضية الفلسطينية. ويضيف أن الأمل الوحيد يكمن في أن تكون هاريس أكثر حساسية لتغير الرأي العام الأمريكي حول الوضع في غزة، ما قد يدفع نحو وقف إطلاق النار وفتح مجال للحوار.
ماذا عن إيران؟
الملف الإيراني يعتبر أحد أبرز الملفات التي ستؤثر فيها الانتخابات الأمريكية. وفي هذا الصدد، يشير السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة داني أيالون إلى أن سياسة ترامب قد تكون أكثر حدة تجاه إيران، بينما قد تتجه هاريس إلى اتباع نهج أكثر دبلوماسية، ولكن مع الحفاظ على التزامها بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ويرى بعض المحللين أن سياسة هاريس قد تسعى إلى اتفاق دبلوماسي جديد مع إيران، لكن ترامب قد يفضل استمرار الضغط العسكري والدبلوماسي.
علاقات أمريكا مع العالم العربي
تسعى كل من هاريس وترامب لتوسيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وخصوصاً مع السعودية، إلا أن النهج يختلف؛ حيث من المتوقع أن تركز هاريس على تعزيز العلاقات الدبلوماسية بشكل تدريجي، فيما قد يتجه ترامب إلى اعتماد سياسة أقوى تشمل كافة الأطراف الإقليمية.
من الواضح أن فوز أي من المرشحين سيحدث تغييرات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما على العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، ومسار السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ومستقبل الاتفاق النووي الإيراني.
وبينما تترقب إسرائيل عودة ترامب إلى البيت الأبيض لتحقيق المزيد من الدعم، يعوّل آخرون على هاريس لتعزيز التوازن الإقليمي والدفع نحو حلول أكثر إنسانية في المنطقة.
النظرة السائدة تؤكد أن الفائز لن يستطيع تلبية كافة التطلعات، لكن النتائج القادمة ستحدد مستقبل السياسة الأمريكية وتأثيراتها في الشرق الأوسط على مدى السنوات الأربع القادمة.