«ترامب» يُحقق أعظم عودة سياسية في تاريخ أمريكا الحديث ويستعد لبدء فصل رئاسي جديد
حقق المرشح الجمهوري «دونالد جون ترامب»، أعظم عودة سياسية في تاريخ أمريكا الحديث، بعدما هزم المرشحة الديمقراطية «كامالا هاريس» وفاز بما يكفي من الأصوات الانتخابية للعودة إلى «البيت الأبيض» لولاية ثانية، حيث يستعد لبدء فصل رئاسي جديد بعد إعلان فوزه في السباق الذي وصُف بـ «التاريخي». وقد وعد الرئيس المنتخب في خطاب النصر، «بإصلاح الاقتصاد ومساعدة البلاد على التعافي وإنهاء الحروب».
ترامب يتعهد بإصلاح اقتصاد أمريكا وإنهاء الحروب
وأعلن «ترامب» فوزه في خطاب ألقاه من فلوريدا وهو مُنتشيًا وعلى وجه تعلو ابتسامة جلية، قائلًا إنه «كان العقل المُدبر وراء أعظم حركة سياسية على الإطلاق»، مُتعهدًا بمساعدة بلاده على التعافي، بعد أن تعهد خلال حملته الانتخابية بـ «الانتقام» من أعدائه السياسيين. وسيتولى الرئيس المنتخب منصبه والرياح تدعمه، إذ استعاد الجمهوريون السيطرة على مجلس الشيوخ، ما يعني أن «تعييناته الوزارية والقضائية من المرجّح أن تُواجه مُقاومة ضئيلة».
وقالت مجلة «نيوزويك» الأمريكية، إن «فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، بمثابة نهاية لفترة من المتاعب للمرشح الجمهوري، الذي رفض الاعتراف بالهزيمة قبل أربع سنوات. وتبع ذلك هجوم عنيف على مبنى الكابيتول من قِبل حشد من أنصاره، أعقبه أربع لوائح اتهام جنائية، وإدانة بجناية في 91 تُهمة، وحُكم بقيمة 354 مليون دولار في قضية مدنية ضده وضد أعماله، وهيئة محلفين أخرى وجدته مسؤولًا عن الاعتداء الجنسي والتشهير. والآن إما أن القضايا القانونية المعلقة ضده قد وصلت ميتة أو تعطلت بشدة».
وأوضحت مجلة «تايم»، أن «ترامب فاز بالانتخابات على الرغم من إدانته بـ 34 تُهمة احتيال من قبل هيئة محلفين في نيويورك، ومواجهته اتهامات بالتدخل في انتخابات 2020 في جورجيا، وكونه موضوع تحقيقات جنائية فيدرالية في جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020، وتعامله مع وثائق سرية. وعلى الرغم من أنه لا يملك السيطرة على التُهم الموجهة إليه من قبل الولاية، فمن المُرجح أن يُغلق ترامب القضايا الفيدرالية المرفوعة ضده».
وقال ترامب في وقت سابق من هذا العام: «إن الحكم الحقيقي سوف يأتي في الخامس من نوفمبر، من قِبل الشعب». وبالفعل، جاء الحكم لصالحه، مُضيفًا أمام حشد من المؤيدين الذين تجمعوا في مركز المؤتمرات بالقرب من منتجعه في مار إيه لاجو: «لقد تغلبنا على عقبات لم يعتقد أحد أنها ممكنة». وبعد أن شكر الناخبين، قال إنه لن يرتاح حتى يُحقق العصر الذهبي لأمريكا.
وأطلق ترامب العديد من التعهدات في خطابه ابزرها «سعيه إلى إصلاح الاقتصاد ومساعدة الولايات المتحدة على التعافي وجعل أمريكا أكثر قوة وأمنا وحرية وازدهارا وإنهاء الحروب»، مُعترفًا بأن رئاسته الثانية لن تكون «سهلة»، لكنه تعهد بأنه سوف «يبذل كل طاقته كما فعلت في رئاسته الأولى».
كيف فاز ترامب؟
وكما توقع ترامب، فإن ولاية بنسلفانيا كانت بوابته للدخول البيت الأبيض مُجددًا. ومع فتح مراكز الاقتراع، قال ترامب بإنه "إذا فاز بولاية بنسلفانيا، فسوف يفوز بالصفقة بأكملها"، في إشارة إلى السباق الرئاسي.
وجاء خطاب ترامب عقب ما ذكرته شبكات "فوكس نيوز" و "سي.إن.إن" و "إن.بي.سي" عن فوزه بولاية بنسلفانيا استنادا إلى استطلاع رأي الناخبين وعمليات فرز الأصوات الأولية.
وكانت شبكة "فوكس نيوز" المحافظة قد أعلنت بالفعل أن ترامب هو الفائز في الانتخابات الرئاسة الأمريكية.
وبفوه بولاية بنسلفانيا، فإن ترامب اقترب من أصوات المجمع الانتخابي الـ270، اللازمة لضمان الفوز في الانتخابات الرئاسية. وكان ترامب قد فاز في الولايتين المتأرجحتين، نورث كارولينا وجورجيا، مما منحه تقدما قويا على منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس.
ومُنذ جروفر كليفلاند في عام 1892، لم يتم انتخاب رئيس للولايات المتحدة لفترتين غير متتاليتين. وفي النهاية، تمكن ترامب من تحقيق هذا الإنجاز ليس من خلال استراتيجية حشد قاعدته فحسب، بل من خلال توسيع الخريطة الانتخابية الجمهورية بالفعل.
وكانت استراتيجية حملته تتجنب في الغالب الصحافة السائدة، وركزت بدلًا من ذلك على جذب الشباب والناخبين الساخطين من الأقليات من خلال ظهورات رفيعة المستوى في البرامج الصوتية الشعبية، بدعم من المؤثرين الذين حلوا محل وسائل الإعلام التقليدية بين هؤلاء الناخبين.
الاستراتيجية عالية المخاطر
ومع حلول الليل يوم الثلاثاء، أصبح من الواضح أن الاستراتيجية عالية المخاطر كانت تُؤتي ثمارها. فقد تفوق ترامب على نتائج عام 2020 في جميع أنحاء الخريطة، في حين كان أداء هاريس أقل من أداء بايدن في المقاطعات الرئيسية وبين الكتل التصويتية الرئيسية، بما في ذلك اللاتينيون والرجال البيض.
وبفضل القوة المطلقة، تغلب ترامب على منافسته التي أنفقت مليار دولار لهزيمته، وكانت تمتلك لعبة أرضية كان يُعتقد أنها الأفضل في السياسة.
وقال جون كينج لشبكة "سي إن إن": "الرئيس الأمريكي السابق الذي كان يعتبر ميتًا بعد السادس من يناير 2021، أصبح الآن أقوى مما كان عليه في الحملة الأخيرة"، مُشيرًا إلى أن ترامب يتقدم على أدائه في عام 2020 بثلاث نقاط على المستوى الوطني.
وقال الخبير السياسي ستيف شير، لنيوزويك: "لقد تحدى ترامب التاريخ وأنشأ تحالفًا جديدًا ومتنوعًا. إنه إنجاز غير عادي في تاريخ الرئاسة".
والآن، بدلًا من إنهاء مسيرته المهنية على نغمة خاسرة، كرئيس تم عزله مرتين، ورئيس لفترة واحدة ومُجرم مُدان، سيكون أمام ترامب أربع سنوات أخرى لإعادة تشكيل الحكومة، وفرصة لتعزيز إرثه باعتباره الرئيس الجمهوري الأكثر أهمية منذ رونالد ريجان.
ولكن على النقيض من الانتصار الساحق الذي حققه ريجان قبل أربعين عامًا، قد لا يعود ترامب إلى البيت الأبيض بتفويض حكم شامل. لكن إذا كان يرى انتصاره تفويضًا، فهذه قصة أخرى، وفق "نيوزويك".
ومن المفارقة أن هاريس باعتبارها نائبة للرئيس، ستتولى رئاسة عملية تصديق الكونجرس على فوز ترامب في السادس من يناير من العام المقبل، بعد أربع سنوات من أعمال الشغب في الكابيتول التي بدت في ذلك الوقت وكأنها سترسل خصمها إلى سلة المهملات.
الولاية الثانية لدونالد ترامب
ومن المُرجح أن تكون الولاية الثانية لدونالد ترامب كرئيس مليئة بالمفاجآت، حيث تمتع بفارق مُريح على مُنافسته الديمقراطية كامالا هاريس، وستكون سيناريوهات العام 2016 على ما يبدو مرفوضة من ترامب رفضا تامًا، فحجم انتصاره لن يترك مجالًا هذه المرة لمقاومة تمرير سياساته أو معارضتها أو إحباطها بالنقاشات المستفيضة داخل الحزب الجمهوري.