من أبوظبي للكويت.. قمم فارقة في مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية
تنطلق بالكويت، الأحد، ثامن قمة خليجية تستضيفها، من بين 45 قمة اعتيادية شهدتها مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي انطلقت في دولة الإمارات مايو 1981.
قمة، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، عن التفاؤل والثقة الكبيرة في أن تكون محطة بارزة في مسيرة العمل الخليجي المشترك.
وتعد هذه أول قمة خليجية تستضيفها الكويت في عهد أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي تولى مقاليد الحكم ديسمبر الماضي.
وبمناسبة استضافة القمة، أطلقت وزارة الإعلام في الكويت حملة إعلامية شاملة تحت شعار (المستقبل.. خليجي)، في إشارة إلى الجهود الخليجية المشتركة لبناء مستقبل واعد وأفضل للجميع.
وتعقد القمة الخليجية الـ45 في وقت أضحى فيه مجلس التعاون شريكا فاعلا وموثوقا به على المستوى الدولي لترسيخ الأمن والاستقرار الدولي، وتحقيق الرخاء والازدهار لدوله وشركائه حول العالم، الأمر الذي توج بعقد أول قمة خليجية أوروبية 16 أكتوبر الماضي.
ومنذ ميلاد مجلس التعاون في أول قمة خليجية عقدت في العاصمة الإماراتية أبوظبي مايو 1981، عمل مجلس التعاون على صياغة مواقف مشتركة وموحدة تجاه القضايا السياسية التي تهم دوله الست (السعودية والإمارات والكويت وعمان وقطر والبحرين) في الأطر العربية والإقليمية والدولية، والتعامل كتجمع واحد مع العالم، في إطار الأسس والمرتكزات القائمة على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة المصالح المشتركة، بما يصون مصالح دول المجلس، ويعزز أمنها واستقرارها ورخاء شعوبها.
ومنذ قمة أبوظبي 1981 وحتى قمة الكويت 2024، مرت مسيرة مجلس التعاون الخليجي بـ45 قمة اعتيادية (بما فيها قمة اليوم)، شهدت قرارات بارزة على طريق تحقيق الأهداف التي أنشئ من أجلها مجلس التعاون الخليجي.
في التقرير التالي نستعرض أبرز تلك القمم الخليجية الاعتيادية، التي تعد محطات فارقة، على طريق تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي، وأهم قراراتها:
أبوظبي 1981.. قمة التأسيس
أبرز القمم الخليجية، هى أولى القمم الخليجية والتي عقدت في أبوظبي في مايو 1981، بدعوة من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واتفق خلالها قادة دول الخليج رسميا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وخلال نفس القمة، قام قادة دول الخليج بالتوقيع على النظام الأساسي للمجلس الذي يهدف إلى تطوير التعاون بين هذه الدول، واتفقوا على أن تكون مدينة الرياض بالسعودية مقرا دائما للمجلس.
الرياض 1981.. أسرع قمة
عقدت ثاني قمة بالرياض في نوفمبر 1981، وتعد أسرع قمة اعتيادية في تاريخ انعقاد القمم الخليجية، إذ عقدت بعد 5 أشهر فقط من انعقاد القمة الأولى في أبوظبي، وتم خلالها الموافقة على الاتفاقية الاقتصادية، بهدف إزالة الحواجز بين الدول الأعضاء بالمجلس وتقوية الترابط بين شعوب المنطقة.
1984.. أول قمة بالكويت
تعد أول قمة خليجية بالكويت، وكان من أبرز قراراتها الموافقة على الصيغة التي تنظم حق التملك للمواطنين الخليجيين في الدول الأعضاء، واستضافت الكويت القمة الثانية عقب تحرير البلاد من الغزو العراقي عام 1991.
الكويت 1997.. إنجازات اقتصادية
تعد تلك ثالث قمة تستضيفها الكويت، وكان من أبرز قراراتها السماح للبنوك الوطنية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء وفق ضوابط معدة لذلك والسماح لبنك الخليج الدولي بفتح فروع له في دول المجلس.
أبوظبي 1998.. قمة القرن
ومن القمم الهامة أيضا، قمة أبوظبي عام 1998، والتي تم خلالها الاتفاق على عقد لقاء تشاوري نصف سنوي لقادة دول مجلس التعاون فيما بين القمتين السابقة واللاحقة، وتم اعتماد قرارات تطوير قوة "درع الجزيرة".
عقدت تلك القمة بحضور إقليمي ودولي كبيرين.
وبحثت هذه القمة التي أطلق عليها "قمة الإعداد للقرن المقبل" مجمل تطورات الأوضاع السياسية والأمنية على المستويين الإقليمي والدولي وسبل دعم وتعزيز مسيرة مجلس التعاون في المجالات كافة.
المنامة 2000.. الدفاع المشترك
أيضا من القمم البارزة، قمة المنامة عام 2000، والتي شهدت التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك، إيذانا ببدء مرحلة جديدة من العمل العسكري المشترك، وذلك بالتحول من مرحلة التعاون العسكري التي دامت عقدين من الزمن، إلى مرحلة الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون.
المنامة 2004.. قمة زايد
عقد تلك القمة في المنامة ديسمبر 2004 بعد نحو شهر من وفاة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتم إطلاق اسم (قمة زايد) عليها تقديرا لدور الفقيد الراحل في تعزيز مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وإسهامه الكبير في تأسيسه.
وأقرت تلك القمة مد المظلة التأمينية لمؤسسات التقاعد والتأمينات الاجتماعية لتغطية مواطني دول المجلس العاملين خارج دولهم في دول المجلس الأخرى؛ لما في ذلك من ضمان اجتماعي لهم ولأسرهم.
الدوحة 2007 ومسقط 2008.. السوق الخليجي
أقرت قمة الدوحة التي عقدت في ديسمبر 2007، إعلان الدوحة لقيام السوق الخليجية المشتركة.
ولإيجاد مرجعية لقوانين وإجراءات السوق الخليجية المشتركة، تم إصدار "وثيقة السوق الخليجية المشتركة" التي أقرها المجلس الأعلى في دورته التاسعة والعشرين في مسقط، في ديسمبر 2008.
الكويت 2009.. الاستراتيجية الدفاعية
شهدت قمة الكويت 2009، موافقة قادة دول مجلس التعاون، على الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون، في خطوة على طريق بناء المنظومة الدفاعية المشتركة لمجلس التعاون.
وأقرّت القمة الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتطوير قدرات قوات درع الجزيرة المشتركة، والمشاريع العسكرية المشتركة.
الرياض 2011.. قمة الاتحاد
أيضا تعد قمة الرياض 2011 من القمم الهامة في تاريخ مجلس التعاون، إذ شهدت ترحيب قادة دول مجلس التعاون بالاقتراح المقدم من العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، ووجهوا بتشكيل هيئة متخصصة لدراسة المقترح.
كما تم الاتفاق على اعتماد الهوية الشخصية كإثبات هوية لمواطني دول المجلس في القطاعين العام والخاص في جميع الدول الأعضاء، واعتماد القواعد الموحدة لإدراج الأوراق المالية في الأسواق المالية بدول المجلس.
الكويت 2013.. قيادة عسكرية موحدة
شهدت قمة الكويت الموافقة على إنشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس، وتكليف مجلس الدفاع المشترك باتخاذ ما يلزم من إجراءات للبدء في تفعيلها.
الرياض 2015.. رؤية الملك سلمان
شهدت تلك القمة، التوجيه بالاستمرار في مواصلة الجهود للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتبني رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتعزيز التكامل بين دول المجلس والعمل الجماعي المشترك، وإقرار إمكانية الاتفاق بين عدد من الدول الأعضاء على أي إجراءات تكاملية تراها، في إطار المجلس على أن تتبعها بقية الدول متى ما كان الوقت مناسبا لها.
الرياض والإمارات 2019.. مواجهة كورونا
قمة الرياض عقدت في ديسمبر/كانون الأول 2019، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، فيما ترأست دولة الإمارات الدورة الأربعين لمجلس التعاون الخليجي.
وصدر عن القمة الخليجية بيان ختامي مطول من 91 بندا، تضمن رؤية دول الخليج لتعزيز العمل المشترك ومواقفها من مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وفي البيان، أكد قادة دول الخليج حرصهم على "قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون ووحدة الصف بين أعضائه"، مشددين "على وقوف دولهم صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس".
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد أسست خلال رئاستها الدورة الـ40 لمجلس التعاون على مدار عام 2020، التي تزامنت مع العام الأول لانتشار جائحة كورونا، أسسا وقواعد لقيادة المجلس في تلك الظروف، كانت محل تقدير وإشادة دائمين.
ورغم انتشار جائحة كورونا، قادت دولة الإمارات خلال رئاستها لتلك الدورة أكثر من 733 اجتماعا خليجيا، معظمها عبر تقنية الاتصال المرئي، لمواجهة الوباء وتداعياته على دول مجلس التعاون، وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك.
العلا 2021.. تعزيز التضامن
شهدت القمة الخليجية الـ41 التي أقيمت في محافظة العلا غربي السعودية 5 يناير 2021، رأب الصدع الخليجي، وطي صفحة الخلاف بين قطر من جانب ودول الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) من جانب آخر.
قمة الرياض 2022.. خارطة طريق
اختتمت القمة الخليجية الـ43 التي عقدت بالرياض ، بإصدار بيان ختامي رسم خارطة طريق شاملة لتحقيق التكامل وتوحيد صف دول المجلس.
وأكد قادة دول الخليج التنفيذ الكامل والدقيق والمستمر لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود التي أقرها المجلس الأعلى في دورته الـ36 في ديسمبر 2015، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وتنسيق المواقف بما يعزز من تضامن واستقرار دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والحفاظ على مصالحها، ويُجنّبها الصراعات الإقليمية والدولية، ويلبي تطلعات مواطنيها وطموحاتهم، ويعزز دورها الإقليمي والدولي من خلال توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات الاستراتيجية مع المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية والدول الشقيقة والصديقة.
وجدد قادة دول الخليج حرصهم على قوة وتماسك مجلس التعاون، مؤكدين وقوف دولهم صفاً واحداً في مواجهة أي تهديد تتعرض له أي من دول المجلس.
قمة الدوحة 2023.. إشادة بإنجازات الإمارات
اختتمت القمة بإصدار بيان حمل اسم "إعلان الدوحة"، إضافة إلى بيان ختامي مطول يتكون من 122 بندا يتناول رؤية دول الخليج لتعزيز التعاون المشترك، ومواقف دوله من مختلف القضايا الدولية.
وأشاد كلا منهما (الإعلان والبيان الختامي) بإنجازات دولة الإمارات التاريخية في قطاع الفضاء، ودورها الرائد في مواجهة ظاهرة التغير المناخي، عبر استضافة مؤتمر "COP28" وغيرها من المجالات
وخصص البيان جانبا كبيرا منها لسبل النهوض بتعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي عبر تعزيز العمل الخليجي المشترك، والعمل العسكري والأمني المشترك، إضافة إلى رؤيته لتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الدول والمجموعات الأخرى.
وأكد قادة دول الخليج "على التنفيذ الكامل والدقيق والمستمر لرؤية خادم الحرمين الشريفين، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة، وتنسيق المواقف بما يعزز من تضامن واستقرار دول مجلس التعاون، والحفاظ على مصالحها، ويُجنّبها الصراعات الإقليمية والدولية".
أيضا تناول البيان الختامي الوضع في غزة عبر أكثر من بند، حيث أدان المجلس الأعلى "العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة"، وطالب "بالوقف الفوري لإطلاق النار والعمليات العسكرية الإسرائيلية، وضمان توفير وصول كافة المساعدات الإنسانية والإغاثية والاحتياجات الأساسية".
وأكد قادة دول الخليج "دعم ثبات الشعب الفلسطيني على أرضه ورفض الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف لتشريد سكان غزة أو تهجيرهم".
وجدد البيان التأكيد على "المواقف الثابتة من مركزية القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ودعم سيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967م، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية"، داعياً مجلس الأمن إلى "إصدار قرار باستكمال الاعتراف الدولي بدولة فلسطين المستقلة وأن تنال العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة".