ترامب يعد بإنهاء حرب أوكرانيا.. أمل جديد بين التعهدات والتحديات الواقعية
مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثالث، يتعهد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بإنهاء النزاع خلال يوم واحد من توليه منصبه في البيت الأبيض.
وهذا الوعد يثير الجدل حول إمكانيته، في ظل التعقيدات التي تعيشها الأزمة على كافة المستويات العسكرية والدبلوماسية، خاصة وأنها أودت بحياة الآلاف وأثرت على استقرار أوروبا والعالم.
حرب بلا حسم: أهداف متباينة وتحديات مستمرة
ورغم مرور أكثر من ألف يوم على اندلاع الحرب، لم يتمكن أي من الطرفين من تحقيق أهدافه العسكرية، مما يزيد من حالة الجمود على الأرض.
وكانت قد أفادت صحيفة واشنطن بوست، في تقرير لها اليوم الأحد، بأن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نصح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين خلال اتصال بعدم تصعيد حرب أوكرانيا وذكره بوجود أمريكا العسكري بأوروبا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعرب في وقت سابق الخميس، عن "استعداده لاستئناف التواصل" مع ترامب، بعد فوزه بـ الرئاسة الأمريكية، موجهًا إليه التهنئة بذلك.
وتابع بوتين: "تأثرت بسلوك ترامب أثناء محاولة اغتياله، انه رجل شجاع، لقد كان لديَّ انطباع أنه تعرض لتنمر خلال ولايته الأولى".
أوكرانيا
- تطمح لاستعادة حدودها التي سبقت عام 2014، بما يشمل مناطق شرقي البلاد مثل دونيتسك ولوغانسك، إضافة إلى شبه جزيرة القرم.
- تسعى للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو الحصول على ضمانات أمنية صارمة من حلفائها لمنع تكرار الهجوم الروسي.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حذر من أن أي تجميد للصراع دون موقف قوي لأوكرانيا يعني أن "بوتين سيعود في غضون أعوام قليلة لتدميرنا بالكامل".
كما قدم زيلينسكي خطة من 10 نقاط تشمل قضايا رئيسية، مثل:
- انسحاب القوات الروسية.
- استعادة الحدود الأوكرانية.
- معاقبة مرتكبي جرائم الحرب.
- حماية البيئة وضمان الأمن الغذائي والطاقة.
روسيا
على الجانب الآخر، تتمسك موسكو بشروطها لإنهاء الحرب، والتي تشمل:
- انسحاب أوكرانيا من المناطق التي تطالب بها روسيا.
- التخلي عن الانضمام إلى الناتو.
- التحول إلى دولة محايدة.
- ضمان حقوق الناطقين بالروسية في أوكرانيا.
المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أكد أنه "لا بديل عن تحقيق أهداف روسيا بالكامل، وستكتمل العملية العسكرية بمجرد تحقيقها".
خطط السلام المقترحة: فرص وإنذارات
خطة ترامب
ترامب أعلن عن تعيين كيث كيلوغ مبعوثًا خاصًا للتفاوض على هدنة بين كييف وموسكو. خطة كيلوغ تتضمن:
- تقديم إنذار للطرفين لإجبارهما على التفاوض.
- استمرار الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا إذا قبلت بالمفاوضات.
- تعليق عضوية أوكرانيا في الناتو مقابل اتفاق أمني.
لكن مراقبين يرون أن روسيا قد ترفض هذه الخطة ما لم تُلَبِّ مخاوفها الأمنية.
الخطة البرازيلية-الصينية
في مايو الماضي، طرحت الصين والبرازيل مبادرة تدعو إلى:
- تجميد القتال دون تصعيد أو استفزازات.
- عقد مؤتمر دولي للسلام.
- تقديم مساعدات إنسانية وتبادل الأسرى.
زيلينسكي وصف الخطة بأنها "مدمرة"، في حين أبدت روسيا اهتمامًا مشروطًا بها، مع التشكيك في إمكانية تطبيقها.
نماذج أخرى للحل
- نموذج إسرائيل: يقضي بمنح أوكرانيا دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا من الغرب دون الانضمام للناتو. لكن هذا الحل يترك كييف معرضة لهجمات مستقبلية.
- نموذج ألمانيا: يقترح تقسيم أوكرانيا إلى مناطق غربية متحالفة مع الناتو وشرقية خاضعة للسيطرة الروسية، وهو خيار يدعمه بعض السياسيين الأوروبيين، لكنه يواجه رفضًا أوكرانيًا وروسياً.
- نموذج فنلندا: يعتمد على حياد أوكرانيا وتقديم تنازلات إقليمية مقابل إنهاء النزاع، لكنه قوبل بانتقادات واسعة، خاصة من الجانب الأوكراني.
بعد 30 شهرا على حرب أوكرانيا.. روسيا «مهددة» بظاهرة اقتصادية «مؤلمة»
مخاوف متصاعدة من أن يضرب الخطر المزدوج المتمثل في تباطؤ النمو وارتفاع التضخم (أو الركود التضخمي) اقتصاد روسيا هذا العام، إذ تؤدي الحرب الأوكرانية إلى تفاقم تباطؤ تعافي الاقتصاد.
في السنوات الأخيرة ارتفع سعر الخبز في روسيا إلى حد بات أوليغ إيفانوفيتش مضطرا إلى الاستغناء عنه في بعض الأيام، لكنه يبدي استعداده للقيام بتضحيات مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال المتقاعد البالغ 67 عاما لوكالة فرانس برس في موسكو "إننا نتعايش مع هذا الأمر، وحين تنتهي العملية العسكرية الخاصة ستعود الأسعار إلى مستواها الاعتيادي".
والتضخم الحاد الذي تخطى 9% في أغسطس هو من النتائج المباشرة للحرب الروسية الأوكرانية التي مر على انطلاقها خلال سنتين ونصف سنة.
وأنفقت السلطات في روسيا مليارات الدولارات على الجيش والجنود وعائلاتهم وشركات الأسلحة، ووظفت استثمارات طائلة سمحت لها حتى الآن بالحد من تبعات العقوبات الغربية التي فُرضت على البلاد، بهدف تجفيف مصادر تمويل مجهودها الحربي.
غير أن البنك المركزي الروسي يتحدث حاليا عن خطر جديد يهدد الاقتصاد الوطني، وهو الركود التضخمي.
حذّرت مديرته إلفيرا نابيولينا في يوليو، بأن "نقص (اليد العاملة) قد يقود إلى وضع يشهد تباطؤا في النمو الاقتصادي رغم كل الجهود المبذولة لتحفيز الطلب، وتؤدي فيه كل هذه التحفيزات إلى تسريع التضخم".
وأضافت "أنه بشكل أساسي سيناريو ركود تضخمي لا يمكن وقفه إلا لقاء انكماش اقتصادي حاد".
الاقتصاد يتدهور
وفي حال تسجيل ركود تضخمي، تعبير يشير إلى تضخم شديد بالتزامن مع نمو ضعيف أو حتّى منعدم، فسيطرح ذلك تحديا جديدا على الكرملين.
ومذ أمر رئيس روسيا فلاديمير بوتين ببدء العملية العسكرية في أوكرانيا قبل أكثر من سنتين ونصف سنة، ارتفعت النفقات الفيدرالية بنحو 50%، متسبّبة بارتفاع في الأجور وإنفاق الأسر.
وتراجعت البطالة إلى أدنى مستوياتها التاريخية فيما ارتفعت ثقة المستهلك إلى أعلى نسبة منذ 15 عاما.
لكن مع هجرة عمال مهرة وغير مهرة فروا إلى الخارج هربا من التجنيد أو التحقوا بالجيش طلبا للأجور المغرية، باتت ملايين المناصب شاغرة.
كما أن العقوبات التي حرمت روسيا من التكنولوجيا الغربية، انعكست سلبا على الإنتاجية وبلبلت سلاسل الإمداد.
وقال الأستاذ الروسي في مدرسة الاقتصاد في برشلونة روبن إنيكولوبوف لوكالة فرانس برس إنه "على المدى البعيد ستؤدي هذه العوامل الديموغرافية وهذه المسائل التكنولوجية إلى نمو ضعيف جدا".
وتابع "من المحتمل جدا أن نشهد سيناريو ركود تضخمي عام 2025 وفي السنوات التالية".
وأقر البنك المركزي الروسي بوجود "مؤشرات إلى تباطؤ النمو".
إلا أن معدل الفائدة الرئيسية وصل إلى 18%، ما يثير استياء أرباب العمل الذين يشكون من تزايد تكاليف القروض المصرفية، ما يعيق بشكل إضافي النمو في قطاعات غير مرتبطة بالجيش.
وأوضح ماكسيم بويف، من معهد الاقتصاد الجديد في موسكو، أن روسيا عالقة في "حلقة مفرعة من التضخم والكينيزية العسكرية، إذ إن التحفيزات تذهب إلى الحرب، فيما بقية الاقتصاد يسجل ارتفاعا في الأسعار".
وأكد بوتين، من جهته أن الإنفاق العسكري يمثل "موردا كبيرا" يمكن أن يحرك النمو في روسيا، غير أن العديد من المراقبين يشكّكون فيما إذا كانت فوائد هذه الاستثمارات العسكرية كافية للتعويض عن التكاليف الباهظة.
وقال فلاديسلاف إنوزمتسيف، أحد مؤسسي مركز التحليل والاستراتيجيات في أوروبا، مكتب الدراسات المتخصص في شؤون روسيا إن "الاقتصاد يتدهور، إنه يبتعد عن النمط العصري".
نزاع طويل الأمد
وعلى الرغم من أن الخبراء يعتقدون أن هذا النظام لا يمكن أن يستمر على المدى الطويل، لكنه في المقابل لا يحدّ من قدرات روسيا العسكرية.
ويعتقد سيرغي ألكساشنكو، نائب وزير المال السابق، أنه ينبغي الانتظار لمدة عقد قبل أن "تظهر" فعليا مفاعيل الحظر على تصدير التكنولوجيا إلى روسيا.
وفي هذه الأثناء، تملك موسكو الموارد لخوض نزاع طويل الأمد، فلديها نحو 300 مليار دولار من الاحتياطات التي لم يجمدها الغرب، ونسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي متدنية بنسبة تقارب 15%، كما أعلن الكرملين زيادات كبيرة في الضرائب ستجني له عائدات إضافية بمليارات الدولار في السنوات المقبلة.
وقال إنيكولوبوف "ما زال هناك هامش كبير لإعادة توزيع الموارد، لن يوقفوا الحرب لنفاد الإمدادات".
ورأى إنوزمتسيف أن روسيا "قد لا تستمر إلى ما لا نهاية" في الحرب، "لكن لديها بالتأكيد المال والموارد الكافية لمواصلتها لسنوات عدة بالكثافة ذاتها التي هي عليها اليوم".
مستقبل غامض للصراع
رغم تعدد المبادرات والخطط، يبقى حل الأزمة معلقًا بمفاوضات شاقة قد تتطلب تنازلات مؤلمة من الأطراف كافة.
ويظل السؤال مطروحًا: هل يمكن لترامب أو أي طرف دولي آخر إنهاء الحرب التي باتت تهدد أمن العالم واستقراره؟.