مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

«ماكرون» في مأزق بعد سحب الثقة من الحكومة الفرنسية وسط مطالبات باستقالته

نشر
ماكرون
ماكرون

وجد الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» نفسه في مأزق، بعدما أسقط نواب المعارضة حكومة رئيس الوزراء «ميشيل بارنييه»، مما دفع ثاني أكبر قوة اقتصادية في «الاتحاد الأوروبي» إلى أزمة سياسية أكثر خطورة تُهدد قدرتها على التشريع والسيطرة على عجز ضخم في الميزانية، وبذلك تُصبح الحكومة الأقصر مُدة في تاريخ الجمهورية الخامسة وثاني حكومة تسقط بعد حجب الثقة عنها مُنذ الستينيات.

حجب الثقة عن حكومة بارنييه تضع «ماكرون» في مأزق

وقد حصل اقتراح «حجب الثقة» الذي قدمه حزب التجمع الوطني (أقصى اليمين) وتحالف الجبهة الشعبية الجديدة (اليسار) على 331 صوتًا، أي أكثر من الأغلبية اللازمة لإسقاط الحكومة بـ 43 صوتًا.

ولم يكن انهيار حكومة «بارنييه» مُفاجأة، حيث إن البرلمان الفرنسي يفتقر إلى أغلبية مُحددة مُنذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي دعا إليها الرئيس «ماكرون» في يوليو الماضي عقب حله البرلمان، ومع عدم قدرة أي تكتل على فرض هيمنته، باتت المشاريع المعروضة على البرلمان تجد صعوبات كبيرة من أجل تبنيها.

ورغم محاولات «بارنييه»، التوصل إلى حلول وسط عبر تقديم تنازلات تتعلق بمشروع ميزانية الضمان الاجتماعي، ومنها التراجع عن إلغاء تعويضات الأدوية لتلبية مطالب اليمين المتطرف، فإن هذه الخطوات لم تُقنع زعيمة التجمع الوطني مارين لوبين، التي قالت بأن ما قدمته الحكومة عبارة عن «فتات».

حكومة بارنييه

وتعتبر «حكومة بارنييه»، التي استمرت ثلاثة أشهر فقط، الأقصر في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة. وقد سبقتها مفاوضات طويلة استغرقت أكثر من خمسين يومًا لتعيين رئيس الحكومة ميشيل بارنييه عقب الانتخابات التشريعية. وهي المرة الثانية في تاريخ فرنسا التي يتم فيها حجب الثقة عن الحكومة مُنذ 1962.

ماكرون و بارنييه

وكان يستهدف مشروع الميزانية المقترح لعام 2025، خفض الإنفاق العام بنحو 40 مليار يورو عبر زيادة الضرائب وتقليص النفقات فيئ بعض القطاعات مثل الصحة والتعليم. لكن هذه الإجراءات لُقيت معارضة قوية من أحزاب المعارضة.

وفي البداية، كانت هذه الحكومة تُمثّل أقلية سياسية، فبعد حل البرلمان في يونيو الماضي، وإجراء انتخابات مُبكرة، لم يحترم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نتيجة الانتخابات التي فازت بها القوى اليسارية فاختار رئيسًا للحكومة من اليمين وهو «ميشال بارنييه.

ولم يكن لبارنييه أكثرية برلمانية، وبالتالي راهن على تأييد اليمين المتطرف لتمرير مشاريعه. لكن ميزانية عام 2025 أثارت أزمة سياسية كانت مُرتقبة. وعلى إثرها، قرّر بارنييه استعمال المادة 49.3 من الدستور الفرنسي لتمرير قانون الضمان الاجتماعي بدون تصويت، ما دفع أحزاب اليسار واليمين المتطرف إلى اقتراح حجب الثقة.

مارين لوبن دعمت ائتلاف اليسار في التصويت

واعتقد «بارنييه» أن «مارين لوبن» زعيمة التجمع الوطني لن تجرؤ على حجب الثقة، لا سيما وأنه قدم بعض التنازلات التي كانت قد طالبت بها، لكنها دعمت ائتلاف اليسار في التصويت فسقطت الحكومة.

وكان حزب لوبن قد طرح شروطًا جديدة لعدم التصويت على مذكرة حجب الثقة، التي وافق عليها رئيس الوزراء حتى الآن، وهي: عدم زيادة الضرائب على الكهرباء، وخفض المساعدات الطبية الحكومية للأجانب، والتخلّي عن سداد أقل لكلفة الأدوية.

والإثنين الماضي، طالب اليمين المتطرّف باتخاذ إجراءات بشأن زيادة معاشات التقاعد لعدم حجب الثقة عن الحكومة.

إلى ذلك، طالب حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي مساء الأربعاء، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاستقالة بُعيد حجب الثقة عن الحكومة في الجمعية الوطنية.

وطلبت رئيسة مجموعة حزب فرنسا الأبية في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو، من «إيمانويل ماكرون الرحيل»»، داعية إلى «انتخابات رئاسية مُبكرة».

إلا أن مصير ماكرون، الذي تستمر ولايته حتى 2027، غير مُرتبط دستوريًا بحجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه.

خيارات «ماكرون» للخروج من الأزمة

يمنح الدستور الفرنسي الرئيس صلاحية تعيين رئيس حكومة جديد أو إعادة تكليف بارنييه، رغم هشاشة التحالفات الحالية. كما يُمكن لماكرون الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، إلا أن ذلك يتطلب الانتظار ستة أشهر على الأقل قبل إجرائها.

وأفادت تقارير إعلامية برغبة ماكرون في تسريع تشكيل حكومة جديدة لتجنب تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية، مع تداول أسماء مرشحين مقربين منه، مثل وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو، وفرانسوا بايرو، رئيس حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية.

سيناريوهات مُحتملة

وفي حال تأخر تعيين حكومة جديدة، قبل نهاية السنة، سيُعمل بميزانية عام 2024 لضمان استمرار القطاعات الحيوية ودفع أجور الموظفين.

لكن الخبراء يُحذرون من أن طول الأزمة قد يُؤدي إلى تباطؤ اقتصادي ينعكس سلبًا على الاستثمار والإنفاق، مما قد يُهدد ثقة المستثمرين في فرنسا ويُفاقم عجز الدولة التي وصلت ديونها مستوى قياسي بلغ 3.228 تريليون يورو، أي ما يُعادل 112 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

«ماكرون» يرد من السعودية على مطالب استقالته ومغادرة قصر الإليزيه

وكان وصف الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، الدعوات التي أطلقها معارضوه لاستقالته بالـ«خيال السياسي»، مُؤكدًا أنه «يعتزم خدمة فرنسا حتى اللحظة الأخيرة»، حسبما أفادت وكالة «فرانس برس»، الأربعاء.

وقال ماكرون أمس الثلاثاء للصحفيين خلال زيارته للسعودية: «إن الدعوات التي أطلقها معارضوه لاستقالته هي «خيال سياسي»، مُؤكدًا أنه «لم يفكر قط في مغادرة قصر الإليزيه قبل انتهاء ولايته عام 2027».

وأضاف: «ليس من اللائق أن أقول مثل هذه الأشياء، ولكن أنا أقف أمامكم لأنني انتخبت مرتين من قبل الشعب الفرنسي. وأنا فخور للغاية بهذا وسأصون هذه الثقة بكل الطاقة التي أملكها لخدمة البلاد حتى اللحظة الأخيرة».

مطالب باستقالة ماكرون

ودعا مؤسس حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلينشون، رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون إلى الاستقالة لتجاوز وضع البلاد المتأزم.

كما قدم التحالف اليساري في الجمعية الوطنية اقتراحا يوم الاثنين الماضي بحجب الثقة ضد حكومة رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه. ومن الممكن أن يجري التصويت على هذا الاقتراح اليوم الأربعاء.

وإذا اتفق القوميون اليمينيون والتحالف اليساري الذي يضم الشيوعيين والاشتراكيين واليساريين والخضر بشأن التصويت بحجب الثقة، سيكون بإمكانهم إسقاط الحكومة.

وفي حال سقوط حكومة بارنييه، سيواجه ماكرون ضغوطا كبيرة.

استطلاع فرنسي: «شعبية ماكرون تهبط إلى أدنى مستوياتها»

من جهة أخرى، أظهرت نتائج استطلاع رأي في «فرنسا»، انخفاضًا لشعبية الرئيس الحالي «إيمانويل ماكرون»، حيث حل في أدنى مركز له في ترتيب السياسيين الفرنسيين مُنذ عام 2017، حسبما أفادت وسائل إعلام فرنسية، الأربعاء.

ووفقًا لنتائج الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة Ifop-Fiducial بطلب من صحيفة «باريس ماتش» وإذاعة «سود راديو»، فإن ماكرون حل في المركز الـ 44 من بين السياسيين الـ 50 الأكثر شعبية في فرنسا.

وأشارت "باريس ماتش" إلى أن ذلك يعتبر أدنى مستوى لماكرون في هذا الترتيب منذ عام 2017، حين ترشح ماركون لرئاسة فرنسا لأول مرة.

وحظي ماكرون بتأييد 31% من المشاركين في الاستطلاع والذين بلغ عددهم ألف شخص.

وفي الترتيب الذي وضعته المؤسسة ذاتها في يوليو الماضي كان ماكرون في المركز الـ 40، فيما أيده 27% فقط من المشاركين في الاستطلاع.

وتصدر ترتيب سبتمبر الجاري رئيس الوزراء الجديد ميشيل بارنييه، الذي أيده 57% من المصوتين.

وفي المركز الثاني حل رئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب، الذي أعلن عن طموحاته للترشح للرئاسة الفرنسية في الانتخابات القادمة. وأيده 55% من المشاركين في الاستطلاع، ما يزيد عن نتائجه في استطلاع يوليو بنسبة 5%.

ويأتي ذلك على خلفية مصادقة مكتب الجمعية الوطنية على مشروع القرار حول إطلاق إجراءات مساءلة الرئيس ماكرون، التي قد تؤدي إلى عزله من منصب الرئاسة.

فرنسا.. 81 نائبا يُوقّعون على اقتراح يُطالب بإقالة «ماكرون» من منصبه

وفي وقت سابق، وقّع  أكثر من 80 نائبًا فرنسيًا، على اقتراح يُطالب بإقالة الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» من منصبه، حسبما أفادت إذاعة «فرانس إنفو»، الخميس.