مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بعد ظهوره بكوريا الجنوبية.. الذكاء الاصطناعي في الحروب بين الفرص والمخاطر

نشر
الأمصار

مع تسارع تطور الذكاء الاصطناعي، أصبح له تأثير كبير في المجال العسكري، حيث باتت الجيوش تعتمد على التكنولوجيا الذكية لتحديد الأهداف، اتخاذ القرارات، وتنفيذ العمليات العسكرية. 

وهذا الاعتماد يثير تساؤلات حول تأثير هذه التقنيات على الحروب ومصير البشرية، خاصة مع بروز ميزات وعيوب واضحة لهذه التكنولوجيا. 

مميزات الذكاء الاصطناعي في الحروب

1. الدقة في الاستهداف:
باستخدام الخوارزميات المتقدمة، يمكن تحديد الأهداف بدقة عالية، مما يقلل من الأضرار الجانبية والخسائر بين المدنيين.
2. السرعة في اتخاذ القرارات:
الأنظمة الذكية قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات في ثوانٍ، ما يسمح بردود فعل أسرع مقارنة بالبشر، خاصة في المواقف الحرجة.
3. تقليل الخسائر البشرية:
الاعتماد على الطائرات المسيّرة والروبوتات بدلاً من الجنود يقلل من المخاطر على الأرواح البشرية في ساحات القتال.
4. خفض التكاليف على المدى البعيد:
رغم التكلفة الأولية المرتفعة لتطوير الأنظمة الذكية، إلا أن استخدامها يقلل من الحاجة إلى الجيوش الكبيرة والإمدادات اللوجستية.
5. التنبؤ وتحليل البيانات:
الذكاء الاصطناعي يساعد في تحليل الأنماط واستشراف تحركات العدو، مما يعزز من قدرة الجيوش على التخطيط المسبق واتخاذ خطوات استباقية.
6. المراقبة المستمرة:
باستخدام الأقمار الصناعية والطائرات المسيّرة، يمكن تنفيذ مراقبة دقيقة ومستدامة لمناطق النزاع، مما يساعد على جمع معلومات استخباراتية مهمة.

عيوب ومخاطر الذكاء الاصطناعي في الحروب

1. الافتقار إلى الإنسانية:
الآلات لا تمتلك القدرة على التعاطف أو فهم الظروف المعقدة، مما يجعلها قد تتخذ قرارات قاسية أو غير أخلاقية.
2. الأخطاء التكنولوجية:
أي خلل أو خطأ في البرمجيات قد يؤدي إلى كوارث، مثل استهداف المدنيين أو المواقع الحساسة.
3. التحيز في القرارات:
الأنظمة الذكية تعتمد على بيانات سابقة، وإذا كانت هذه البيانات متحيزة، فقد تتخذ القرارات بشكل غير عادل.
4. انتهاك الخصوصية:
الأنظمة الذكية تراقب كل شيء في ساحة المعركة، ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الأفراد والمجتمعات.
5. الاختراق السيبراني:
الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي عرضة للاختراق، مما يسمح للعدو بالسيطرة عليها واستخدامها ضد الجهة المالكة.
6. تصعيد النزاعات:
استخدام التكنولوجيا الذكية قد يجعل الحروب أكثر دموية إذا استُخدمت بشكل عشوائي أو من دون رقابة.
7. إقصاء العنصر البشري:
الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى إبعاد الإنسان عن اتخاذ القرارات المصيرية، مما يثير مخاوف بشأن فقدان السيطرة.
8. صعوبة وضع قوانين دولية:
التطور السريع للذكاء الاصطناعي يجعل من الصعب على المجتمع الدولي وضع قوانين تحدد استخدامه، ما يفتح الباب أمام استغلاله بطرق غير أخلاقية. 

التوازن بين الفوائد والمخاطر

مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الحروب، يبرز التحدي الأكبر في تحقيق توازن بين الاستفادة من مزاياه وتقليل مخاطره. الخبراء يؤكدون ضرورة:

  • إبقاء العنصر البشري في مركز القرار.
  • تطوير أنظمة أمان تمنع الاختراق أو الأخطاء الفادحة.
  • تحديث القوانين الدولية للحد من الاستخدام العشوائي.
  • تعزيز التعاون الدولي للسيطرة على سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي.

ومن جانبه، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، تحذيرًا من أن الذكاء الاصطناعي غير المراقب قد يزعزع استقرار الأنظمة الديمقراطية من خلال نشر المعلومات المضللة، وإثارة خطاب الكراهية، وتشويه الرأي العام عبر التزييف العميق.

وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة -في رسالة بمناسبة اليوم الدولي للديمقراطية الأحد- أن هذه المخاطر تتجلى بشكل خاص العام الحالي، في الوقت الذي تجري فيه الانتخابات في أكثر من 50 دولة – تمثل نصف سكان العالم، وفقا للموقع الرسمي للامم المتحدة.

وشدد على أهمية دعم حرية التعبير والحريات المدنية وسيادة القانون، بالإضافة إلى ضمان وجود مؤسسات مسؤولة وحماية حقوق الإنسان.

وقال "ومع ذلك، فإن هذه الحقوق والقيم تتعرض للهجوم في جميع أنحاء العالم. يتم تقويض الحريات، ويتقلص المجال المدني، وتتزايد الاستقطاب، وتنمو مشاعر عدم الثقة".

وتابع أنه على الرغم من المخاطر، فإن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على أن يلعب دورا إيجابيا في تعزيز الأنظمة الديمقراطية، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز المشاركة العامة الكاملة والنشطة، ويعزز المساواة، ويساهم في التنمية البشرية.

وأضاف الأمين العام أنطونيو جوتيريش "يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز التعليم حول العمليات الديمقراطية، ويشكل فضاءات مدنية أكثر شمولية حيث يكون للناس رأي في القرارات ويمكنهم محاسبة صانعي القرار".

وتابع أنه من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي للحكم الرشيد، يمكن للدول إنشاء أنظمة أكثر شفافية ومسؤولية، تتيح للمواطنين المشاركة بشكل أكثر فعالية. ومع ذلك، سيتطلب ذلك حكما فعالا للذكاء الاصطناعي على جميع المستويات، بما في ذلك دوليا.

كما أبرز الأمين العام للامم المتحدة التقرير الأخير للهيئة الاستشارية الرفيعة المستوى للذكاء الاصطناعي بالأمم المتحدة مع توصيات حول الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي مع التخفيف من المخاطر.

وأكد أن "الرسالة واضحة: يجب أن يخدم الذكاء الاصطناعي البشرية بشكل عادل وآمن"، مضيفا أن القمة القادمة حول المستقبل ستكون منصة حيوية للدول لمناقشة طرق تعزيز التعاون الدولي بشأن الذكاء الاصطناعي.

ختامًا: إلى أين يتجه العالم؟

بينما يقدم الذكاء الاصطناعي فرصًا واعدة لتحسين الكفاءة العسكرية وتقليل الخسائر البشرية، إلا أن مخاطره الأخلاقية والأمنية تجعل من الضروري تبني نهج متوازن ومدروس.

ويبقى السؤال: هل يمكن للإنسان أن يسيطر على هذه التكنولوجيا قبل أن تتحكم هي فيه؟ الإجابة قد تحدد مصير الحروب ومستقبل السلام في العالم.