مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حرب أوكرانيا في 2024.. حصاد بين رهان وخذلان

نشر
الأمصار

عام اختبرت فيه أوكرانيا جميع «الروشتات» لتتقدم على الأرض ومع ذلك فشلت لتعلق بين رهان جريء لم يثمر وجبهات متعثرة خذلها العتاد والشتاء.

ففي 2024، حاولت كييف قلب المعادلة الميدانية وكبح التقدم الروسي بهجوم مباغت على منطقة كورسك الحدودية.

لكن يبدو أن حتى هذا الرهان الجريء الذي كان يهدف إلى إرغام موسكو على تحويل وحدات من قواتها من الشرق الأوكراني، قد فشل.

ولم يكن الميدان المجال الوحيد الذي ناورت فيه كييف بقوة، بل لعبت على أكثر من نقطة، من أجل كسب التعاطف وضمان استمرار شحنات الدعم العسكري من الحلفاء.

وطالبت في أكثر من مرة بالانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وإن بشكل جزئي، مشددة على أن الخطوة تشكل ضمانة أمنية بالنسبة لها ولأوروبا والغرب بشكل عام.

وفي هذا العام أيضا، حصلت أوكرانيا على أكثر مطالبها إلحاحا، وهو الضوء الأخضر الأمريكي لضرب روسيا بأسلحة واشنطن، في خطوة كشفت تقارير إعلامية أن بريطانيا حذت حذوها.

لكن لندن لم تؤكد أيا من الأخبار المتداولة بهذا الشأن، كما أن التفويض لم يثمر نتائجها المرجوة بالنسبة لكييف، بل بالعكس، فتح عليها نار غضب روسي بصاروخ باليستي عابر للقارات استهدف أراضيها لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

ولم تكن تلك آخر كوابيس كييف، حيث فاجأها العام في نهايته بعودة مدوية لدونالد ترامب للبيت الأبيض، في حدث يرسم نقطة ارتكاز حادة في الدعم الأمريكي المقدم لها.

وبذلك، تودع أوكرانيا 2024 بحصاد مرتبك يجمع في طياته خطوات وأحداث اتحدت ضدها لتعزز أسبقية الروس على الميدان وتجبرها على «تنازلات» قد ترسم الطريق نحو مفاوضات تنقذ ما تبقى من جبهات.

كورسك.. المنعطف

في أغسطس/آب الماضي، شنت القوات الأوكرانية هجوما مفاجئا على كورسك أجبر آلاف المواطنين الروس على الفرار من المنطقة الحدودية.

وشكل الهجوم نقطة ارتكاز بالحرب، حيث كانت المرة الأولى منذ اندلاع الحرب التي تتوغل فيها القوات الأوكرانية بالأراضي الروسية.

في البداية، منح التوغل شبه انطباع بأن كييف قد تغير المعادلة على الأرض، لكن ورغم سيطرتها على بعض القرى، إلا أن الهجوم لم يمنحها أي مجال للتقدم.

ولاحقا، وتحديدا في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي، قال الجيش الأوكراني إنه يسيطر على 800 كلم مربع من أراضي المنطقة.

لكن موسكو أعلنت، مؤخرا، أنها استعادت السيطرة على بلدتين في منطقة كورسك بجنوب روسيا، وقالت وزارة الدفاع إن وحداتها "حررت تجمّعي دارينو وبليوخوفو خلال العمليات الهجومية".

ضوء أخضر بـ«منطقة حمراء»

قبل أن يغادر جو بايدن البيت الأبيض، قرر رفع القيود التي كانت تمنع أوكرانيا من استخدام الأسلحة التي تزودها بها الولايات المتحدة لضرب عمق الأراضي الروسية.

وبالفعل، استخدمت أوكرانيا صواريخ "أتاكمز" الأمريكية لضرب الأراضي الروسية مستفيدة من تصريح بايدن.

وشكل التفويض انقلابا كبيرا في السياسة الأمريكية، فحتى وقت قريب، قاومت إدارة بايدن السماح لكييف بإطلاق صواريخ أمريكية بعيدة المدى على الأراضي الروسية خوفا من أن يؤدي ذلك إلى مواجهة مباشرة مع موسكو.

ويبدو أن بايدن بقراره ذاك أراد منح كييف الهدية الأخيرة قبيل تسليم الرئاسة لدونالد ترامب الذي ينتقد بشدة المساعدات الأمريكية لكييف.

وأعرب بعض المسؤولين الأمريكيين عن شكوكهم في أن تساهم هذه الضربات بعيدة المدى في تغيير مسار الحرب.

لكنهم اعتبروا أن القرار يمكن أن يساعد أوكرانيا في وقت تحقق فيه القوات الروسية مكاسب، كما قد يجعلها في وضع أفضل في حال تدشين مفاوضات لوقف إطلاق النار.

ولم يكن الصاروخ الباليستي العابر للقارات، والذي أطلقته روسيا على أوكرانيا مجرد رد موجه لكييف، وإنما حمل على أجنحته رسائل للحلفاء، وخصوصا لواشنطن.

استهدف الصاروخ مدينة دنيبرو في صباح باكر من أواخر أيام نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في تصعيد مثل منعطفا بعد إطلاق كييف صواريخ أمريكية طويلة المدى على روسيا.

وكانت تلك المرة الأولى التي تستخدم فيها موسكو سلاحا مماثلا منذ إطلاق العملية العسكرية في عام 2022.

في المقابل، رفض الكرملين، الخميس، التعليق على اتهام أوكرانيا لموسكو بإطلاق صاروخ عابر للقارات للمرة الأولى على أراضيها.

وحينها، جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيره للدول الغربية من خطوة التفويض، معتبرا أنها ستمثل "مشاركة مباشرة" لحلف الناتو في حرب أوكرانيا.