د.شهيناز حفصي تكتب: الفساد الإداري داء يُعرقل عجلة التنمية.. متي تستأصل الأورام الإدارية؟
ربما الجرأة ولوم النفس قبل الموظف هي من اهم الاسباب التي جعلت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينجح في إدارة دولة بأكملها، فالإدارة كمفهوم هي فن التخطيط، التنظيم ورقابة اليات تطبيقها وتسخير كل ما هو موارد بشرية ومادية ومعلوماتية لتحقيق اهداف تنظيمية لأي مؤسسة ادارية.
فالطاقة البشرية التي يقودها عنصر بشري قادر على تولي مهام القيادة بكل نزاهة ومصداقية ويتحلى بالاستقامة والروح السليمة في الادارة، يمكنها أن تذلل كل الصعوبات الادارية وتحسن المستوى المهني والمعيشي للموظف الذي يعتبر عجلة الاساسية للتنمية الحضرية، والإدارة العادلة الخالية من الشوائب هي التي ترتقي بالمستوى الفكري للإنسان الذي يعتبر بدوره المحور المحرك لتحقيق سياسات وخطط على ارض الواقع تهدف الى تلبية حاجيات المواطن والمجتمع فالمسؤولية هي عامة يتحملها كل فرد في تطبيق قوانين الدولة و تحقيق الاهداف المرسومة والذي هو الجزء الاهم والمهم في الاصلاح الذي يدفع عجلة الانتاج ويسرع وتيرة التنمية.
كما أن الفساد الاداري هو داء خبيث معرقل للتنمية الحضارية و الاقتصادية، ينطلق بوضع خطط وقرارات تلبي اطماع شخصية محدودة كاختلاسات وتلاعب بالأرقام أو غياب شخصية قيادية كفئ يخلق فراغا يرفع قدر الاشخاص الانتهازيين إلى أعلى المراتب لتتشكل بذلك منظومة من الفساد تغذي تأخر في تقدم المؤسسات الادارية، فالفساد الاداري كمفهوم عام حسب الصندوق النقد الدولي لعام 1996 أنه: "هو سوء استخدام السلطة العامة من أجل الحصول على مكسب خاص يتحقق حينما يتقبل الموظف الرسمي الرشوة أو يطلبها أو يستجديها أو يبتزها" فهو ظاهرة مركبة تحمل ابعاد اجتماعية واقتصادية تنتج سلوكا منحرفا للموظف في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية لتخلق علاقات سلبية بين الموظفين يجعل من تقدم نحو الخلف.
ومن الطبيعي انه ينتج عن الفساد الاداري العديد من الاثار المدمرة بداية بمخالفة حكم الله وإلحاق الضرر بالصالح العام لقوله تعالى :" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون " سورة البقرة الاية 188: ,كما حذرنا من عواقب هذه الافعال لقوله تعالى :" وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا و جعلنا لمهلكهم موعدا " سورة الكهف الاية 59: فهو يؤدي الي انحراف في قيم وأخلاقيات العمل والتي تعتبر خط الدفاع الاول ضد كل فساد معرقلا بذلك عملية التنمية ومضر للاستقرار والتوازن العام، وكذا مسربا للكوادر والكفاءات البشرية المتميزة.
فمكافحة هذه الافة المعقدة والمتشعبة الجوانب تعتمد على مجهدات مكثفة وخطة شاملة ومدروسة تبدأ بحل المشاكل بكل شفافية، ووضع قرارات صائبة وقوانين صارمة لردع المخالفين, وكذا التفعيل الذكي لدور الشريك الاجتماعي ( النقابات، المنظمات والمجتمع المدني ) في تعزيز المشاركة, الشفافية، المساءلة و حلحلة النزاعات، كما تلعب اتاحة الفرص دورا مهما في بناء ادارة تشاركية ترفع المعنويات وتحسن من الكفاءات لتحقق الاهداف والمستهدفات.