ليبيا تحتل المرتبة الأدنى على مستوى العالم والاستثمارات الأجنبية تتراجع
نشرت شبكة الخدمات المهنية الدولية “ديلويت” ومقرها لندن، اليوم السبت، تقريرها بعنوان "حتميات الرؤية الوطنية لـ ليبيا"، حيث ذكرت أن اقتصاد ليبيا الذي يعتمد بشكل كبير على احتياطياتها النفطية الضخمة يشهد تقلبات كبيرة مدفوعة في المقام الأول بتقلبات أسعار النفط العالمية وعدم الاستقرار السياسي المتكرر.
وبحسب "ديلويت" أدى اكتشاف النفط في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي إلى تحويل ليبيا بشكل كبير إلى موقع غني بالنفط، وإن كان ذلك قد أدخلها في اعتماد جعلها عرضة للقوى السوقية والجيوسياسية إلا أن يتناقض هذا الاعتماد بشكل صارخ مع النهج الاقتصادي الأكثر تنوعًا لأقرانها الإقليميين الذين على الرغم من وفرة الهيدروكربونات المتشابهة حققوا خطوات ملحوظة في قطاعات مثل السياحة والتمويل والتكنولوجيا.
وأشارت الشركة إلى أن تهيمن ديناميكيات إنتاج الهيدروكربون والاستقرار السياسي المحلي على التوقعات الاقتصادية لـ ليبيا على المدى القصير والمتوسط حيث لم يتبع النمو الاقتصادي والتنويع في ليبيا المسارات الأكثر ثباتًا تصاعديًا التي شهدتها الدول المماثلة وبدلاً من ذلك شهد الناتج المحلي الإجمالي الليبي ارتفاعات وانخفاضات غير منتظمة مع استمرار قطاع النفط والغاز في كونه المحرك الاقتصادي الرئيسي متغلبًا على مجالات النمو المحتملة مثل قطاعات الزراعة والسياحة والنقل والخدمات اللوجستية.
التنوع الاقتصادي والاستثمار الأجنبي
وأضافت ديلويت أن هذه التحديات أعاقت القدرة على التكيف مما منع الاقتصاد من الاستقرار أو الاستفادة باستمرار من المزايا المحلية الأخرى في خضم التحولات الاقتصادية العالمية ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 8٪ في نهاية عام 2024 مدفوعًا بإنتاج النفط ومن المتوقع أن يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2026 وهو هدف يعتمد إلى حد كبير على الاستقرار السياسي .
وبالمقارنة ازدهرت الدول العالمية المناظرة التي تمتلك موارد طبيعية أقل مثل سنغافورة من خلال التنويع الاستراتيجي مع التركيز على تنمية رأس المال البشري والتكنولوجيا ولا تزال إمكانات ليبيا في مختلف القطاعات غير النفطية غير مستغلة إلى حد كبير بحسب وصف "ديلوت".
وتطرقت الشركة، إلى أن حققت الدول المجاورة تقدماً إيجابياً في مؤشر الأداء اللوجستيفي حين تراجع ترتيب ليبيا إلى أدنى مستوى على مستوى العالم
وأوضحت ديلويت أيضا أن محدودية التنوع الاقتصادي والاستثمار الأجنبي في ليبيا تأثرت بشكل كبير بترتيبها في مؤشر الأداء اللوجستي وحالة مرافقها الأساسية وتختلف البلاد عن جيرانها بسبب الاختناقات البيروقراطية والأطر التنظيمية المعقدة والمخاوف بشأن الاستقرار السياسي وكلها عوامل تساهم في بيئة أعمال مقيدة ويتضح هذا السيناريو بشكل صارخ في مؤشرات الأداء اللوجستي العالمي حيث احتلت ليبيا المرتبة الأدنى على مستوى العالم وتعمل مثل هذه العوامل على ردع الاستثمار الأجنبي وتعوق تنمية القطاعات الجديدة حيث تعمل البيروقراطية الإجرائية والتحديات التشغيلية على تقلص كل من رواد الأعمال المحليين والمستثمرين الأجانب.
جودة البنية الأساسية
وقالت الشركة، إن جودة البنية الأساسية التي تشمل النقل والخدمات اللوجستية مثل المطارات والمرافق البحرية وشبكات الطرق تشكل أهمية محورية لتنويع الاقتصاد وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إن البنية الأساسية الحالية في ليبيا والتي تأثرت بسنوات من الصراع السياسي قد تراجعت حيث تفتقر إلى التحديث والوصول الواسع النطاق وقد استثمرت الدول المجاورة بكثافة في هذه المجالات حيث حققت حلولاً لوجستية متقدمة وأطراً أساسية قوية للبنية الأساسية وبالتالي تعزيز قدرتها التنافسية الاقتصادية العالمية.
وتابعت الشركة، بالقول إن صياغة الرؤية الوطنية لليبيا تتطلب نهجًا استراتيجيًا شاملاً يتناول المجالات الرئيسية الحاسمة للنمو والاستقرار ويمكن أن يكون أحد الأهداف الأولية المحتملة هو التنويع الاقتصادي والابتعاد عن الاعتماد على النفط لخلق اقتصاد قوي ومرن ويتضمن هذا التحول الاستثمار في التعليم لبناء قوة عاملة جاهزة لمتطلبات الاقتصاد المتنوع كما أن تحسين البنية التحتية مدرج على جدول الأعمال مما يعزز اتصال ليبيا داخل حدودها وخارجها وهو أمر ضروري للتجارة والتوسع الاقتصادي.
وعلاوة على ذلك، فإن إعطاء الأولوية للتقدم في التكنولوجيا والرعاية الصحية ضروري لتحسين مستويات المعيشة وتبسيط العمليات التجارية بعد تحديد طموح واضح يصبح الانتقال من التخطيط إلى العمل أمرًا بالغ الأهمية وفي هذه المرحلة الحرجة يعد إنشاء هياكل حوكمة قوية ووحدة مخصصة لتتبع تنفيذ الاستراتيجية أمرًا ضروريًا.
ووفقا لديلويت، أن هياكل الحوكمة ستساعد وتضمن الامتثال وتعزز بروتوكولات لصنع القرار وفي الوقت نفسه ستراقب وحدة التتبع التقدم بدقة وتوفر رؤى في الوقت الفعلي ضرورية للحفاظ على المرونة الاستراتيجية والاستجابة للتحديات أو الفرص الناشئة وستعمل هذه الهياكل معًا على ضمان بقاء المبادرات متوافقة بشكل ثابت مع الأهداف الشاملة وتسهيل التعديلات السريعة على التكتيكات والاستراتيجيات حسب الضرورة ويشكل هذا التحدي بين الحوكمة والمراقبة أهمية محورية في توجيه الرحلة نحو المعالم المتصورة مما يضمن ليس فقط التقدم بل وأيضًا مرونة وسلامة تنفيذ الرؤية.