عام جديد يبدأ.. الصراع بين الحوثيين وإسرائيل ما زال مستمرًا
شهد عام 2024، هجمات غير مسبوقة على السفن في البحر الأحمر، وزادت الحروب البحرية مع تنفيذ جماعة الحوثي اليمنية هجمات في البحر الأحمر، مما تسبب في حدوث اضطرابات وتوترات واسعة النطاق.
أزمة البحر الأحمر
أزمة البحر الأحمر وأطلق عليها المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين اسم معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس هي هجمات شنتها القوات المسلحة اليمنية الموالية لحركة أنصار الله اليمنية على إسرائيل خلال الحرب الفلسطينية الإسرائيلية بهدف الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها على قطاع غزة الذي قُتِل فيه أكثر من 54 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال.
وتضمنت الهجمات عمليات قصف لجنوب إسرائيل باستخدام الصواريخ الباليستية والجوالة والطائرات المسيرة، وأعلنت منع مرور السفن الإسرائيلية والتابعة لاسرائيلين من العبور من مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي وشنَّت هجمات على السفن الإسرائيلية باستخدام المسيرات البحرية والصواريخ البحرية واحتجزت سفينة واحدة على الأقل.
وفي التاسع من ديسمبر أعلنت منع مرور جميع السفن من جميع الجنسيات المتوجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية في حال عدم دخول احتياجات قطاع غزة من الدواء والغذاء، وشنَّت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة سلسلة هجمات على مناطق سيطرة حركة أنصار الله في اليمن ردًا على استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وعلى إثر الهجمات الأمريكية والبريطانية على اليمن أعلن قائد حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي توسيع دائرة الاستهداف لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية.
حركة أنصار الله الحوثيين
حركة أنصار الله الحوثيين هي حركة إسلامية سياسية يمنيَّة تعتمد عقيدتها على المذهب الزيدي وهو أحد مذاهب الشيعة والأقرب فقهيًا إلى مذاهب السنة، تسيطر الحركة منذ 2014 على العاصمة صنعاء ومعظم محافظات شمال اليمن، وشكلت مجلس سياسي وحكومة غير معترف بها لإدارة مناطقها، وتعد طرفًا رئيسيًا في الحرب الأهليّة اليمنيّة التي تخوضها منذ عام 2014 ضد الحكومة المعترف بها دوليًا المدعومة من السعودية وضد التحالف العربي بقيادة السعودية، تتهم السعودية والحكومة المعترف بها دوليًا إيران بتمويل ودعم حركة أنصار الله الحوثيين، ترفع الحركة شعارها المعروف باسم الصرخة وهو «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام».
عقب عملية طوفان الأقصى أعلنت حركة أنصار الله الحوثيين وحكومتها في صنعاء دعمهم الكامل للفلسطينيين وللفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذّر قائد الحركة عبد الملك الحوثي الولايات المتحدة من المشاركة المباشرة في الحرب إلى جانب إسرائيل وهدد بقصف إسرائيل بالطائرات المسيّرة والصواريخ واتخاذِ إجراءاتٍ عسكرية أخرى.
أسلحة حركة أنصار الله الحوثيين
تمتلك القوات الموالية لحركة أنصار الله الحوثيين العديد من الأسلحة منها أسلحة الجيش اليمني حيث سيطرت الحركة على أغلب القوات بما فيها القوات الجوية ومجموعة ألوية الصواريخ، وتقول الحركة إنها تقوم بصناعة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وزوارق بحرية مسيرة هجومية وغواصات مسيرة محليًّا بينما يقول خصومها وعلى رأسهم السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أن إيران تقوم بتزويد الحركة بالتقنيات والصواريخ والطائرات المسيرة.
تصعيد عسكري ورسائل سياسية متبادلة
تصاعدت المواجهات العسكرية بين إسرائيل وجماعة الحوثيين اليمنية، مما يعكس تعقيدا متزايدا في المشهد الإقليمي، مع استمرار التصعيد المتبادل وتداخل المصالح الإقليمية والدولية.
خلال الأسابيع الأخيرة، استهدفت جماعة الحوثيين الأراضي الإسرائيلية بخمس هجمات، كان أبرزها استخدام صواريخ بالستية فائقة السرعة، مما تسبب في إطلاق صافرات الإنذار وإصابة 9 أشخاص على الأقل خلال التدافع إلى الملاجئ، وفقا لهيئة الإسعاف الإسرائيلية.
وأعلن المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع، أن الجماعة استهدفت موقعا عسكريا في يافا، مؤكدا أن الهجوم يأتي في إطار مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.
رد إسرائيلي متصاعد
إسرائيل، التي وصفت الحوثيين بأنهم "الذراع الأخيرة لمحور الشر الإيراني"، شنت غارات مكثفة على مواقع الحوثيين في الحديدة وصنعاء، شملت موانئ وبنية تحتية عسكرية، وأطلق الجيش الإسرائيلي على العملية اسم "الذراع الطويلة 2"، في إشارة إلى استراتيجيته لاستهداف الأذرع الإيرانية في المنطقة.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هدد الحوثيين بدفع "ثمن باهظ"، مؤكدا أن إسرائيل لن تتهاون مع أي تهديد أمني، كما تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بالتعامل مع قادة الحوثيين بالطريقة ذاتها التي تعاملت بها إسرائيل مع قادة حماس وحزب الله، مشيرا إلى خطط لتوسيع بنك الأهداف لتشمل تدمير البنية التحتية للحوثيين بالكامل.
وتقول إسرائيل إن الحوثيين أطلقوا، منذ أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، المئات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة والصواريخ على أراضيها، مستهدفين مدناً ومدارس ورياض أطفال، كما شنوا اعتداءات على نحو 100 سفينة كانت تبحر في مضيق باب المندب.
وقد نفّذت إسرائيل أعنف ضربات لها ضد الحوثيين، الخميس، بالتزامن مع الخطبة الأسبوعية المُتلفزة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، مستهدفة مطار صنعاء، ومنشآت طاقة في صنعاء العاصمة اليمنية المختطَفة، وفي محافظة الحديدة الساحلية.
تأثير هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر على تكلفة التأمين للسفن
قال جون لين، رئيس اللجنة المعنية بالحقائق والأرقام في الاتحاد الدولي لشركات التأمين البحري، في فبراير/شباط إن حركة الملاحة في البحر الأحمر انخفضت 50%، وهو ما صاحبته زيادة موازية في حركة المرور عبر طريق رأس الرجاء الصالح.
وجاء هذا الانخفاض في حركة الملاحة مصحوبا بارتفاع كبير في تصنيف علاوة مخاطر الحرب الإضافية في البحر الأحمر.
وقالت شركة جالاجر للخدمات التأمينية في نشرتها لشهر فبراير/شباط إن متوسط أسعار السوق ارتفع من مستوى ما قبل الصراع وهو 0.02 إلى 0.03% إلى متوسط 0.75% في ذلك الوقت.
وارتفعت الأسعار بعد ذلك إلى 1% مع مطالبات من بعض الأسواق بزيادتها إلى 1.5% بالنسبة للسفن المرتبطة بالمملكة المتحدة أو الولايات المتحدة، بعد أن ضرب صاروخان أطلقهما الحوثيون سفينة الشحن روبيمار مما أدى إلى إغراقها.
وبين شهري مارس ويوليو، خسرت السوق البحرية السفينتين ترو كونفيدنس وتوتور. وأشارت خدمة (ذا انشورار) التابعة لرويترز إلى أن شركة (إم.جي.إيه نفيام مارين) تقود جهود تغطية التأمين على السفينة ترو كونفيدنس ضد مخاطر الحرب بقيمة 23 مليون دولار، بينما تقود شركة (ترافيلارز) تغطية التأمين على السفينة توتور بقيمة 40 مليون دولار.
واستهدف الحوثيون أيضا السفينة لاكس التي ترفع علم جزر مارشال والسفينة سونيون. وتقود شركة (إس.آي.إيه.تي) جهود تغطية التأمين على السفينة لاكس ضد مخاطر الحرب بقيمة 36 مليون دولار، في حين تقود شركة (كيل كونسورتيوم) تغطية التأمين على السفينة الثانية بقيمة تزيد على 60 مليون دولار.
وقبل الهجوم على السفينة سونيون في أواخر أغسطس/آب، انخفضت أسعار التأمين على السفن ضد مخاطر الحرب إلى 0.4% تقريبا، لكن هذا الهجوم أدى إلى ارتفاعها مجددا إلى 0.75%.
وتفاقمت هذه الخسائر مع مضي 12 شهرا على احتجاز السفينة جالاكسي ليدر، مما يؤكد أنها الخسارة الثالثة للسفن جراء هجمات الحوثيين.
وتصل فاتورة التأمين على السفينة جالاكسي ليدر إلى 65 مليون دولار.
ومن المتوقع أن تستمر هجمات الحوثيين على الأرجح مع استمرار الوجود العسكري الإسرائيلي في غزة….