مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

وزيرة الخارجية الليبية السابقة تلتقي بنظيرها الإسرائيلي: تطبيع العلاقات أم خطوة استراتيجية؟

نشر
الأمصار

عاد الجدل في ليبيا بعد لقاء جمع وزيرة الخارجية الليبية السابقة نجلاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما. 

اللقاء، الذي أثار انتقادات واسعة في الأوساط الليبية، تخللته العديد من التفسيرات والاتهامات، بما في ذلك محاولات لتطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل. 

وفي أول تعليق لها بعد أكثر من عام على الحادثة، أكدت المنقوش أن اللقاء كان بتكليف من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وأن هدفه كان مناقشة قضايا استراتيجية تخص أمن البحر المتوسط، وليس تطبيع العلاقات بين البلدين.

اللقاء والأزمة السياسية

في أول تعليق لها عبر بودكاست أثير على منصة الجزيرة 360، قالت نجلاء المنقوش إن اللقاء مع إيلي كوهين كان في إطار مناقشة قضايا استراتيجية تخص البحر المتوسط، مشيرة إلى أن الحكومة الليبية "تنصلت" من هذا اللقاء بعد تسريبه بسبب "عدم الحكمة" في التعامل مع الأزمة، وأوضحت أن اللقاء كان محدوداً ولم يكن يهدف إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وفي المقابل، علّق رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة على اللقاء قائلاً إن حكومته "ترفض بشكل كامل أي شكل من أشكال التطبيع مع إسرائيل"، موضحاً أن اللقاء "حتى وإن كان جانبياً" لا يمكن تجاوزه. 

كما أضاف أن ما حدث في روما يُعد "أمراً جللاً" ينبغي مناقشته بجدية.

إقالة المنقوش والتداعيات السياسية

في أغسطس 2023، وبعد تسريب تفاصيل اللقاء، أصدرت الحكومة الليبية قراراً بإقالة نجلاء المنقوش من منصبها وإحالتها للتحقيق.

 إلا أن المنقوش نفت أن يكون قد تم استدعاؤها للتحقيق، مشيرة إلى أن الحكومة تقدم "أعذاراً دون إجابة". 

وهذا القرار أثار موجة من ردود الأفعال داخل ليبيا، حيث اعتبر البعض أن الإقالة كانت نتيجة ضغوط داخلية وخارجية.

مواقف مختلفة من الأطراف الليبية

في شرق ليبيا، انتقد رئيس الحكومة المكلف من مجلس النواب، أسامة حماد، اللقاء مع الإسرائيليين، واصفاً إياه بأنه "سقوط أخلاقي وقانوني". 

وأكد أن اللقاء لا يعكس الموقف الشعبي الليبي الذي طالما دعم القضية الفلسطينية، موضحاً أن التشريعات الليبية "تجرم أي شكل من أشكال التطبيع".

من جهة أخرى، أكد رئيس اتحاد اليهود الليبيين، رافاييل لوزون، أن اليهود الذين كانوا يعيشون في ليبيا قد عملوا على فتح قنوات تواصل بين ليبيا وإسرائيل، وذلك في سياق محاولات ضم ليبيا إلى اتفاقات إبراهام التي تسعى لإيجاد تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.

الخلفية التاريخية لليهود في ليبيا

تشير الدراسات التاريخية إلى أن اليهود وصلوا إلى ليبيا في القرن الثالث قبل الميلاد، وخصوصاً إلى مدينة قورينا في شرق ليبيا، حيث شكلوا أحد أكبر التجمعات اليهودية في العالم القديم. 

ومع ذلك، تغيرت العلاقات بين اليهود والسلطات الليبية بعد أن فرضت إيطاليا الفاشية قوانين معادية للسامية في الثلاثينات من القرن الماضي، لتزداد مشاعر التوتر ضدهم في المجتمع الليبي.

في عام 1945، شهدت ليبيا أعمال عنف ضد اليهود في ما سُمي "أحداث ذكرى وعد بلفور"، والتي نتج عنها مقتل 140 يهودياً على الأقل. 

مع إعلان قيام دولة إسرائيل في عام 1948، بدأ اليهود في ليبيا بالهجرة إلى إسرائيل.

محاولات التواصل بين الليبيين والإسرائيليين

منذ عام 2011، ظهرت محاولات للتواصل بين الحكومات الليبية المتعاقبة وإسرائيل، خاصة في ظل الأزمات الداخلية التي شهدتها ليبيا.

 أبرز هذه المحاولات كان لقاء رئيس منظمة اليهود الليبيين، ديفيد جربي، مع مسؤولين ليبيين في عدة مناسبات، بما في ذلك ترميم المعابد اليهودية في ليبيا، مثل كنيس "دار البيشي" في طرابلس.

وفي عام 2017، جرت محادثات بين مسؤولين ليبيين سابقين ومسؤولين إسرائيليين، ما أثار مزيداً من الجدل حول إمكانية التطبيع. 

كما حاول اليهود الليبيون العودة إلى ليبيا، وهو ما واجه مقاومة من بعض الأوساط السياسية في ليبيا التي ترى أن مثل هذه المحاولات تمثل تهديداً للهوية الوطنية.

يستمر الجدل حول العلاقات بين ليبيا وإسرائيل، خاصة في ظل محاولات بعض الأطراف السياسية في ليبيا فتح قنوات تواصل مع إسرائيل.

 في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة الليبية بشكل رسمي أي تطبيع مع إسرائيل، يرى البعض أن هذا يمثل خطوة استراتيجية لتحسين العلاقات الدولية وضمان مصالح ليبيا في منطقة البحر المتوسط.

وتظل قضية تطبيع العلاقات مع إسرائيل واحدة من القضايا الشائكة في ليبيا، تترواح بين المؤيدين الذين يرون فيها ضرورة استراتيجية، والمعارضين الذين يعتبرونها خيانة لموقف ليبيا الثابت في دعم القضية الفلسطينية.