مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

في عيد الشرطة المصرية الـ 73.. معركة الإسماعيلية 1952 رمزًا للكرامة المصرية

نشر
الأمصار

تحتفل مصر في 25 يناير من كل عام بـ"عيد الشرطة"، والسبب في اختيار هذا التاريخ بالتحديد هو أهمية هذا اليوم إلى ذكرى أحداث 25 يناير 1952، عندما رفضت الشرطة المصرية في مدينة الإسماعيلية تسليم أسلحتها للإنجليز خلال مقاومة الاحتلال البريطاني.

وبالطبع لم يمر هذا “العصيان” - من وجهة النظر البريطانية - بالسهل بل تسببت في مواجهات بين الفريقين البريطاني والمصري.

وأسفرت تلك المواجهات عن استشهاد 50 شرطيًا وسقوط 80 مصابًا لتصبح معركة الإسماعيلية فيما بعد رمزًا لصمود الشرطة المصرية وأيقونة للاحتفال بيومها من كل عام.

وقدمت قوات الشرطة بمساندة المواطن المصري يوم 25 يناير 1952 درسًا في التضحية وحب الوطن عندما واجه رجالها قوات الاحتلال الإنجليزي الغاشم، وظلوا في أماكنهم رافضين رفع الراية البيضاء داخل مبنى المحافظة.

كانت البداية للمعركة، بعد وصول حالة التوتر بين مصر وبريطانيا إلى الذروة عقب زيادة أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم في منطقة القناة، بالتزامن مع ترك أكثر من 91 ألف عامل مصري معسكرات البريطانيين للمساهمة في حركة الكفاح الوطني، كما امتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية.

وجاءت تلك الأعمال بعد استجابة حكومة الوفد، لمطلب الشعب بإلغاء معاهدة 1936‏،‏ حيث أعلن رئيس الوزراء مصطفى النحاس، في مجلس النواب، يوم 8 أكتوبر 1951، إلغاء المعاهدة، التي فرضت على مصر الدفاع عن مصالح بريطانيا.

وبالطبع تلك الأفعال لم تنال إعجاب حكومة لندن ، فهددت باحتلال القاهرة، إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، غير أن الشباب لم يهتم بهذه التهديدات ومضوا في خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربي البريطاني، واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة‏.‏

واستدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام"، ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية، أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن مبنى المحافظة ومنطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة.

وجاء هذا الإنذار بعد أن أدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة‏،‏ لذا خطط الاحتلال على تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الاستفراد بالمدنيين وتجريدهم من أي غطاء أمني‏.

غير أن قوات الشرطة المصرية رفضت الإنذار البريطاني، وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية، في هذا الوقت، والذي طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، ليشتد غضب القائد البريطاني في القناة، ويأمر قواته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية، وإطلاق النيران مدافعهم بطريقة وحشية لأكثر من 6 ساعات، في الوقت التي لم تكن قوات الشرطة المصرية مسلحة إلا ببنادق قديمة الصنع.

وحاصر أكثر من 7 آلاف جندي بريطاني مبنى محافظة الإسماعيلية، والثكنات التي كان يدافع عنهما 850 جنديًا فقط، مما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة، التي دافعت ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت، حتى سقط منهم 50 شهيدًا والعديد من الجرحى الذين رفض العدو إسعافهم.

وقد أصبح عيد الشرطة؛ تخليدًا لذكري موقعة الإسماعيلية 1952 التي راح ضحيتها خمسون قتيلًا وثمانون جريحًا من رجال الشرطة المصرية علي يد الاحتلال الإنجليزي في 25 يناير عام 1952 بعد أن رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبني المحافظة للاحتلال الإنجليزي، وكان من الضباط النقيب حينئذٍ صلاح ذو الفقار. 

تم إقرار هذه الإجازة الرسمية لأول مرة بقرار من الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك باعتبار هذا اليوم إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام المصري تقديرًا لجهود رجال الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن واعترافًا بتضحياتهم في سبيل ذلك وتم الإقرار به في فبراير 2009.

اختار عدد من المجموعات المصرية المعارضة هذا اليوم لبدء احتجاجات شعبية في 2011 تحولت هذه الاحتجاجات إلى ثورة شعبية عارمة عمت أرجاء البلاد في 28 يناير، عرفت هذه الثورة باسم ثورة 25 يناير. وعلى أثرها تنحى الرئيس حسني مبارك عن منصبه، وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة قيادة البلاد.

تعرف على شهداء الشرطة المصرية في مجزرة الإسماعيلية 1952

وتوجد فى متحف الشرطة بالإسماعيلية لوحة تخلد أسماء شهداء مجزرة الإسماعيلية من جنود الشرطة المصرية وهم: 

السيد محمد الفحل، وعلى السيد على، وعبد الحكيم أحمد جاد، وثابت مصطفى، وأحمد مراد أحمد، وعبد ربه عبد الجليل عامر، ومحمد أحمد إبراهيم المنشاوى، وفتحى بدوى أحمد الحليوى، وعبد الله عبد المنعم فرج، ومصطفى عبد الوهاب محمود ومحمد الطوخى رمضان، وسيد على حسين، وحسين عبد السلام قرنى، والسيد مجاهد على الزيات، وعبد النبى سالم جمعة، ومحمد أحمد حمدى، وعبد الحميد عبد الرازق، وأبو المجد محمد مصطفى، وعبد السلام سليم صالح، ورضوان أحمد محمد حيدر، وكامل مازن حسين، وفؤاد عبد الرازق على، وأحمد أبو زيد منياوى، وعبد الحميد معوض حشيش، وعبد الفتاح شاهين، وعبد الله مرزوق عبد الله، ومحمد إبراهيم أحمد، ومحمد محمود بدوى، وفرج السيد إسماعيل، وعبد الحميد مسلمى أحمد، وعبد السلام أحمد إبراهيم، ومحمد الجندى إبراهيم، وفتحى أمين جمعة، ورياض عبود أسعد، وعبد الغنى محمد خليفة، واليمانى إسماعيلى إبراهيم، وعبد الفتاح عبد الحميد، وبسيونى على الشرقاوى، ومحمد محمد البياعة، وأمين عبد المنعم السيد، ومحمد حسن محمود حسن، ومحمد المليجى أحمد مصيلحى، وبهى الدين على حجازى، وعبد الفتاح عبد النبى العطار، وعبد المنعم بيومى على البنا، ومحمد عبد المعطى حسن عيد، ومحمود محمد عبد الرحمن فودة، وحسن عبد السلام عبد المنعم، ومحمود حسن عفيفى عمارة، ومحمد عبد الغنى السيد الفيشاوى، ومحمد أحمد على زايد، وعلى محمد منصور الطبال، وأحمد محمد فريد، وأبو الفتوح أحمد أبو الفتوح، وعبد الحميد إبراهيم على منصور، وسعد على السايس.
 

لم تكن المعركة مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت رمزًا للكرامة المصرية، حيث دافع رجال الشرطة بكل ما أوتوا من قوة عن أرضهم ووطنهم، وبينما كانت القوات البريطانية تحاول فرض هيمنتها، كان ضباط وأفراد الشرطة يواجهون ببسالة، يقاومون بكل ما لديهم من إرادة، حتى سقط منهم العشرات شهداء، وتبقى أرواحهم تسكن كل زاوية من زوايا تاريخ هذا الوطن.