مصطفى حسين وزير البيئة الأسبق يكتب: أيها الكوكب الغاضب.. ماذا بعد؟
“هي الأسوأ منذ عقود”، هكذا صنّفت فيضانات أوروبا الغربية الصادمة والتي خلّفت وراءها حوالي 183 قتيلًا حتى الساعة والمئات من المفقودين.
“التغيّر المناخي” الى الواجهة من جديد مشكلًا الظاهرة الأشرس التي تتوعّد البشرية بمفاجآت بيئية كارثية لن يسلم من أذاها لا برّ ولا بحر.
نالت ألمانيا الحصة الأكبر من الكارثة؛ إذ تجاوز عدد ضحاياها المئة والخمسين وتليها بلجيكا التي فقدت 22 شخصًا بسبب الأحوال الجوية القاسية مرورًا بهولندا حيث حالات الذعر والخوف والاخلاء الاحتياطي.
أمطار شديدة انهمرت بغزارة غير مسبوقة نتيجة ” الاحترار” الذي يسبّبه “التغيّر المناخي” حصدت معها الأرواح البشرية والدمار والخراب المأساوي.
1,2 درجة مئوية، هي الزيادة التي طرأت على درجة حرارة الكوكب منذ بداية العصر الصناعي ستستمر في التزايد إذا ما تم اتخاذ الخطوات الجريئة والسليمة لتقليل معدل الانبعاثات من قبل الدول والحكومات.
فهل تدخل أوروبا في حداد جماعي يتوسّع خارج الدول الحالية المتضررة؟ هل تمتد هذه الفيضانات لتحصد المزيد من الأرواح والخسائر؟ هل تتكرر مشاهد المعاناة الأوروبية بين الحين والآخر؟
كلّها أسئلة افتراضية تبقى أجوبتها رهن تجاوب الدول والجهات الرسمية المعنية في اتخاذ إجراءات الحماية من أثار التغيّر المناخي.
من ألمانيا إلى بلجيكا ثم هولندا، حالات خوف وذعر تنتشر بين المواطنين، لا ينهيها إلا استنفار حكومي طارئ ومستعجل للحفاظ على الحياة البشرية.
وهنا السؤال!! أي دور كان سيلعب الإنذار المبكر عن هذه الكارثة؟ وكم من الأموات كانوا لا يزالون يتمتعون الآن بالنفس والحياة؟ مراكز أبحاث وأرصاد جوية مجهّزة بأحدث التقنيات العالية والخبراء المختصين لم تتمكن من توجيه إنذار مسبق تداركًا لكارثة كبيرة قبل فوات الأوان.
أوقات عصيبة تعيشها أوروبا الغربية اليوم، ولن تتكشف حقيقة مشهدية المأساة إلّا في الأيام المقبلة حيث تتضح الخسائر والأضرار كاملة.
القارة الأوروبية تدفع حتى الساعة أغلى الأثمان البشرية والاجتماعية والاقتصادية في حربها مع جائحة كوفيد 19، فهل حان الآن دورها على جبهة جديدة مع الطبيعة ومن نوع أخر؟ إذا كانت كوفيد 19 من الصناعة البشرية الصينية كما يزعمون وتحمل أبعاد سياسية واقتصادية لتغيير موازين القوى العالمية، فماذا تحمل الفيضانات والمياه الغزيرة من رسائل للمنطقة؟ هل اتفق الكوكب والبشر معًا على إنهاء العظمة الأوروبية كلّ بأسلوبه وأدواته؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو السلاح الفتّاك القادم؟
هل تصدق حقًا التوقعات ونتائج الدراسات والبحوث الأخيرة عن أمكانية حدوث زلازل مدمّرة حول العالم؟ وهل فيضانات اليوم هي جرس إنذار الطبيعة لما هو أسوأ؟
في باطن الأرض، صفائح تكتونية تستعد للاحتكاك معًا رافضة لكل المتغيرات التي تعبث يوميًا بنظامها الداخلي.
هذه المياه الغزيرة نتيجة التغير المناخي وذوبان ثلوج القطبين والتي رضي جوف الأرض اليوم ابتلاعها شيئًا فشيئًا ستعود لتتفجّر قريبًا في ينابيع طبيعية بفعل الزلازل القادمة.
فهل سيتنبّه العالم إلى حجم الكارثة الزلزالية المقبلة ويعلن في كل بقاع الأرض حالات الطوارئ ورفع جهوزية الحكومات وإدارات الكوارث فيها تحسبا لأي مستجد؟ وأين هي دول العالم النامية من كل ذلك وبأي وسائل ستواجه بعد أن انهكتها الجائحة الفتاكة ولم تبق لديها أدنى مقومات الصمود والنهوض من جديد.
ويبقى السؤال: “أيها الكوكب الغاضب، ماذا بعد؟”.