مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

اقتراب وافتراق.. تاريخ العلاقات بين حركتي فتح وحماس

نشر
الأمصار

الانقسام الفلسطيني ويسميه البعض صراع الأخوة مصطلح يشير إلى نشوء سلطتين سياسيتين وتنفيذيتين في صيف عام 2007م في الضفة الغربية وقطاع غزة، إحداهما تحت سيطرة حركة فتح في الضفة الغربية والأخرى تحت سيطرة حركة حماس في قطاع غزة.

 وذلك بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، ونشوء أزمة سياسية ارتبطت بعراقيل للانتقال السلمي للسلطة داخلية وخارجية، وخضوع أجهزة السلطة الفلسطينية للحزب الذي كان تقليديا ومنذ توقيع إتفاقية أوسلو يمسك زمام الحكم الذاتي الفلسطيني؛ حركة فتح .

بداية الانقسام

وفي رام الله، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس إقالة حكومة إسماعيل هنية، وكلّف سلام فياض بتشكيل حكومة جديدة، وقد رفضت حركة حماس على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم تكليف فياض تشكيل حكومة طوارئ واعتبرته «انقلابًا ضد الشرعية وتجاوزًا لكل القوانين الفلسطينية»، وقال إسماعيل هنية أن حكومته جاءت «بإرادة شعبية ديمقراطية».

 وأنها «ستمارس عملها ولن تتخلى عن مسؤولياتها». ووصف القرارات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني بإقالته وإعلان حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية بأنها «قرارات متسرعة».

وأكّد أن حركة حماس لا تعتزم إعلان دولة في قطاع غزة. وأوضح أن «قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الوطن الفلسطيني العزيز وشعبنا في القطاع جزء لا يتجزأ من شعبنا في كامل أماكن وجوده واستمرت الأمور بحكومتين واحدة في الضفة الغربية وأخرى في قطاع غزة.

مباحثات  القاهرة

في الشهر الأخير من عام 2024، وخلال حرب غزة، توصّلت حركتا فتح وحماس الفلسطينيتان في ختام مباحثات أجريت في القاهرة إلى اتفاق مبدئي اقترحته مصر، لتشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة ما بعد الحرب المتواصلة منذ أكثر من 13 شهراً حتى ذلك الوقت.

وبعد يومين على توقيع الاتفاق، بدأت السلطة الفلسطينية حملة أمنية في مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة، قالت إنها لضبط "خارجين عن القانون" ولفرض الأمن، فيما قالت حماس إن أجهزة السلطة الفلسطينية "ترتكب جرائم وانتهاكات" تتسبب بنزيف دم وتخدم "الاحتلال الإسرائيلي" وفق وصفها.

وفدان من حماس وفتح بالقاهرة لبحث المصالحة ومعبر رفح

وبعد شهر على ذلك، صرح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الشرعية الوحيدة التي يجب أن تدير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب في القطاع، ليعيد بذلك النقاش حول الاتفاقيات السابقة التي عقدها الطرفان، ويعيد النقاش حول تاريخ العلاقة بين فتح وحماس، الذي شهد على العديد من اتفاقيات المصالحة منذ تفاقم الأزمة بينهما.

اتفاقات لم تكتمل

– في فبراير/شباط 2008، وقعت الحركتان على اتفاق مكة من أجل تشكيل حكومة انتقالية مهمتها تنظيم انتخابات، لكن كلما حدد موعد للانتخابات أرجئ.

– في 6 فبراير/شباط 2012، تفاهمت الحركتان على أن يكلف عباس بقيادة الحكومة الانتقالية، لكن هذا القرار الذي واجه معارضة داخل حماس، لم ينفذ.

– في أبريل/نيسان 2014، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة فتح، اتفاق مصالحة مع حماس لوضع حد للانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وشكلت في يونيو/حزيران من العام ذاته حكومة وحدة ضمت تكنوقراطا من الطرفين، لكنها لم تتمكن من ممارسة سلطتها في غزة. واتهم عباس حركة حماس بالإبقاء على "حكومة موازية" في القطاع.

غزة ما بعد "حماس" أفضل مع "السلطة"؟

– في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2014، أظهر الطرفان موقفا موحدا بعد شن إسرائيل حربا استمرت 50 يوما على القطاع ردا على إطلاق صواريخ. ومع ذلك وبعد أشهر، أخفقت حكومة الوحدة الوطنية.

في الأول من مايو/أيار 2017، أعلنت حماس عن توجهات سياسية جديدة في ميثاقها التأسيسي، وأوضحت أنها تخوض معركة "سياسية" لا "دينية" مع إسرائيل، وقبلت فكرة إقامة دولة فلسطينية في المستقبل تقتصر على الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.

– في السادس من الشهر نفسه، انتخب إسماعيل هنية رئيسا للمكتب السياسي لحماس خلفا لخالد مشعل.

«فتح» و«حماس» في القاهرة... لقاء «مفصلي» لحسم «ترتيبات مستقبلية»

– في مارس/آذار 2017، شكلت حماس "لجنة إدارية" اعتبرتها فتح حكومة موازية، وردا على ذلك قلصت السلطة الفلسطينية المبالغ المدفوعة إلى إسرائيل لقاء تزويد سكان القطاع بالكهرباء، وأقدمت في وقت لاحق على تنفيذ خصم في رواتب موظفي قطاع غزة.

– في 17 سبتمبر/أيلول من العام ذاته، أعلنت حماس، "تلبية للجهود المصرية"، حل اللجنة، ودعت حركة فتح إلى حوار جديد للمصالحة.

الصراع بين فتح وحماس.. فتش عن إسرائيل | الجزيرة نت

 نقل السلطات في القطاع إلى السلطة الفلسطينية

وللمرة الأولى منذ 2015، توجهت حكومة رئيس الوزراء رامي الحمد الله يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2017 إلى قطاع غزة حيث عقدت أول اجتماع لها منذ ثلاث سنوات.

– في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017، وقعت الحركتان في القاهرة اتفاق مصالحة، ووافقت حماس على نقل السلطات في القطاع إلى السلطة الفلسطينية، وسلمت حماس في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني السلطة الفلسطينية معابر قطاع غزة المحاصر من إسرائيل منذ عشر سنوات، على أن تتسلم السلطة الفلسطينية في الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول إدارة القطاع بشكل كامل.
حيث أن انتقال الإدارة على الأرض ترافق مع تشنجات، لا سيما حول مسؤولية الأمن ومصير الموظفين الذين عينتهم حماس بعد سيطرتها على القطاع.

حكومة مصطفى تفجّر أوسع خلاف بين «فتح» و«حماس»

– في 27 نوفبمر/تشرين الثاني 2017، رفضت حماس تسليم سلاحها، وفي 29 من الشهر ذاته، مُنع موظفون تابعون للسلطة الفلسطينية من دخول مقار أعمالهم الرسمية التي كانوا يعودون إليها بعد عشر سنوات إثر قرار من الحكومة الفلسطينية. وقالت النقابات التي نفذت المنع إنه لا دخول لهؤلاء ما لم تحل قضية الموظفين المعينين من حماس. وتبادل الطرفان الاتهامات بعدم الالتزام بتنفيذ الاتفاق.

– في 13 مارس/آذار 2018، نجا رئيس الوزراء الحمد الله من انفجار تزامن مع دخول قافلة مركبات إلى قطاع غزة، واتهم عباس حماس بالمسؤولية عن الانفجار، معلنا فرض عقوبات عليها، في الوقت الذي دانت فيه حماس العملية ورفضت الاتهامات الموجهة إليها.

في القاهرة.. فتح وحماس تبحثان الأربعاء حرب غزة وتحقيق المصالحة

– في 6 يناير/كانون الثاني 2019، سحبت السلطة الفلسطينية موظفيها من معبر رفح الحدودي مع مصر في جنوب قطاع غزة احتجاجا على "ممارسات وحشية" لحماس، كما قالت.

– في 14 أبريل/نيسان 2019، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية تشكيل حكومة فلسطينية جديدة استبعدت منها حماس

الوحدة بين الجانبان 

حركة حماس وغيرها من حركات المقاومة الإسلامية والوطنية، وافقت على التهدئة في العديد من المرات، وكانت تلك التهدئة بطلب من السلطة الوطنية الفلسطينية. 

وتحققت التهدئة في عام 2005، وكانت هدنة من طرف واحد، ولم تلتزم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي. والتهدئة هي مطلب لحركات المقاومة في مراحل محددة، وهي أيضا مطلب شعبي في بعض المراحل. ومعنى ذلك أن الموافقة على التهدئة في أي مرحلة من المراحل، ليست وقفا للمقاومة أو تخليا عن خيار المقاومة.

 وتلك حالة طبيعة بالنسبة لكل حركات المقاومة عبر التاريخ، فحركة المقاومة تمارس دورها صعودا وهبوطا حسب ظروفها على الأرض. ونخلص من هذا أن حركات المقاومة، ومنها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، لم ترفض كل مطالب التهدئة، بل وافقت وتجاوبت مع بعضها، وعندما تسعى حركة حماس إلى اتفاق تهدئة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، فإن هذا لا يكون خروجا على خط المقاومة، ولكنه يمثل مرحلة من مراحل الصراع مع العدو.
ولكن هناك أمر مهم في اتفاق التهدئة بين حركة حماس ودولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي جرى من خلال المفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط المصري.

 فتلك المفاوضات ارتبطت أساسا بفك الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر الحدودية، وهدفها في النهاية فتح كل المعابر خاصة معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.

 ومعنى هذا أن الهدف الرئيسي للتهدئة ليس استراحة للمقاومة، مع مشروعية ذلك، ولكن فك الحصار عن قطاع غزة، ووقف عملية تجويع شعب غزة، والذي يتعرض لعملية إبادة جماعية. 

ويضاف لهذا أن عمليات المقاومة التي تتم من داخل قطاع غزة لا يمكن لها الاستمرار بنفس القوة، مع تدني الحالة المعيشية لسكان القطاع. ويلاحظ هنا أهمية الحاضن الاجتماعي لحركات المقاومة، فالمقاومة تتم من خلال بنية تنظيمية تعتمد على السند الاجتماعي والبيئة الاجتماعية التي تحميها.

 مما يجعل استمرار عمل المقاومة مع التدهور الشديد في الأحوال المعيشية للقطاع صعبا. ولهذا تظهر أهمية ما قامت به حركة حماس، عندما حاولت التوصل إلى تهدئة متبادلة، تؤدي إلى فك الحصار وفتح المعابر. وبهذا يتحقق لقطاع غزة، بفرض نجاح التهدئة، فترة لاستعادة قدراته المعيشية، وترميم آثار الحصار، وتجنب المزيد من الضربات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي. 

والتهدئة في كل الأحوال، هي مرحلة مؤقتة، وتلك المرحلة يراد منها إعادة بناء القدرات المعيشية والحياتية، وإعادة بناء قدرات وتجهيزات المقاومة، استعدادا لمرحلة جديدة من الصراع والمواجهة.
بهذا المعنى نحاول فهم ما قامت به حركة حماس، من الموافقة على التهدئة. فقد تصرفت بوصفها حركة مقاومة تقود شعبها، وتتحمل المسئولية عنه، كما تتحمل مسئولية المقاومة ضد الاحتلال.

 وتلك صورة تختلف عن صورة النخبة التي تريد الحفاظ على السلطة. لهذا نجد أطرافا متعددة تريد إحراج حركة حماس، وذلك بإطلاق الصواريخ من قطاع غزة، حتى تدفع حماس لموقف يستغل ضدها، ويظهرها وكأنها أصبحت ضد المقاومة، وأنها تقبض على المقاومين، مثلها مثل السلطة الوطنية.

 وكأن الهدف هو الوصول إلى نتيجة مفادها أنه لا فرق بين حركة حماس، وبين النخبة الحاكمة في رام الله. تلك العملية في تصوري لن تنجح، لأن خداع الناس غير ممكن، والحقيقة تكون واضحة على الأرض، مهما روجت وسائل الإعلام لصور مغرضة.

وفي الأول من يناير/كانون الثاني 2020، نظم آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة احتفالا مركزيا إحياء للذكرى الـ55 لانطلاق حركة فتح.
و في الثاني من يوليو/تموز 2020، أعلنت الحركتان عن "توحدهما" ضد المخطط الإسرائيلي لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة.