مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

الإخوان والأملاك المصادرة كلمة السر في إقالة وزيرة مالية تونس

نشر
الأمصار

قد تكون الأموال المصادرة هى التي أفاضت الكأس في إقالة وزيرة المالية في تونس، لكن في التفاصيل يتراءى شبح الإخوان الكامن في مفاصل الدولة.

مخالب لا تزال مندسّة في المؤسسات الحكومية، تعرقل بشتى الطرق سير عملية الإصلاح التي أقرها رئيس تونس قيس سعيد منذ الإطاحة بالجماعة من سدة الحكم.

لكن تلك «الألغام» المزروعة بشكل أو بآخر لا تزال تصنع الحزام نفسه المقاوم للتغيير، مما يعرقل جهود الحكومة لتطهير مؤسساتها من الإخوان وأنصارهم.

أجندة مسمومة أكّدها -ضمنياً- رئيس تونس قيس سعيد، خلال لقائه، قبل يومين، رئيس الحكومة كمال المدوري، في اجتماع جاء عقب إقالة وزيرة المالية في تونس سهام البوغديري بسبب تعطل ملف الأموال المصادرة.

وجاء قرار الإقالة في أعقاب زيارة تفقدية أجراها رئيس تونس قيس سعيد، إلى مقرات وزارة المالية ووزارة أملاك الدولة، بما في ذلك مقر «لجنة المصادرة».

وأثناء الزيارة، وجّه رئيس تونس قيس سعيد، انتقادات لتعطّل جهود استعادة أموال الدولة، رغم مرور سنوات عديدة على أحداث 2011 والإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وقال رئيس تونس قيس سعيد، من مقر لجنة المصادرة، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية عبر حسابها الرسمي في موقع فيسبوك: «تونس لا تزال في نقطة الصفر، وهو أمر غير مقبول، ولا بد للشعب أن يسترجع أمواله المنهوبة».

وتتولى اللجنة جرد وإحصاء الممتلكات والعقارات والأموال التي تم الاستيلاء عليها من قبل أفراد نظام بن علي وبعض الدوائر المرتبطة بهم، وتعقبهم أمام القضاء.

ودعا رئيس تونس قيس سعيد، كل مسؤول إلى تحمّل مسؤوليته «لتطهير تونس من كل هؤلاء الذين يتخفون وراء الستار ويتحدثون من الخارج وهم مأجورون من الخارج، لأن دأبهم ودينهم هو العمالة والخيانة والارتماء في أحضان الاستعمار»، في إشارة إلى إخوان تونس.

وأوضح رئيس تونس قيس سعيد، أن ملف الأموال المنهوبة «لا يزال في النقطة صفر منذ 2011»، مندداً بما وصفه بالتلاعب «بأموال الشعب»، إذ لا تزال أعمال لجنة المصادرة تراوح مكانها.

كما أشار رئيس تونس قيس سعيد، إلى حدوث تلاعب في العديد من المنقولات والعقارات بأثمان بخسة.

مخالب الإخوان

يرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن أيادي الإخوان المزروعة داخل أجهزة الدولة تسببت في تعطيل ملف الأموال المصادرة وملفات أخرى، موضحين أن أسباب إقالة وزيرة المالية ترتبط بالموضوع ذاته.

ويقصد بالأملاك المصادرة، تلك الأملاك التي حصلت عليها عائلة بن علي بطرق وامتيازات غير قانونية، من شركات وعقارات وسيارات فاخرة ويخوت وطائرات خاصة.

ويرى المحلل السياسي التونسي محمد الميداني، أنه لم يسبق لرئاسة الجمهورية أن كشفت بشكل مباشر عن أسباب إقالة أحد أعضاء الحكومة أو المسؤولين.

وقال المحلل السياسي التونسي محمد الميداني، إن مقطع الفيديو أوضح أن الرئيس قيس سعيد غاضب من وزيرة المالية سهام البوغديري في علاقة بملف التصرف في الأملاك المصادرة، التي تعود بالنظر إلى وزارة المالية، حيث اعتبر أنها فشلت في إدارة هذا الملف.

وأشار المحلل السياسي التونسي محمد الميداني، إلى أن «هذا الملف تلاعبت به النهضة (الإخوانية) خلال فترة حكمها»، موضحاً أن «قيادات من الحركة وبعض رجال الأعمال استحوذوا على القصور التي كانت ملكاً للرئيس السابق زين العابدين بن علي وأصهاره بأسعار رمزية».

وبحسب المحلل السياسي التونسي محمد الميداني، فإن «صفقة بيع شركة اتصالات وصفقات بيع أخرى مثل بنك الزيتونة ودار فولكسفاغن، إضافة إلى عدة أملاك وشركات أخرى مصادرة، تمت في ظروف مشبوهة وبطرق ملتوية».

ولفت المحلل السياسي التونسي محمد الميداني، إلى أن «الإخوان المزروعين داخل الدولة ما زالوا يتحركون من أجل إفشال كل محاولات الدولة لاستعادة أموالها المنهوبة».

وأشار المحلل السياسي التونسي محمد الميداني، إلى أن «الرئيس قيس سعيد دخل منذ إجراءات 25 يوليو 2021 في حرب تطهير للدولة من الفساد الإخواني، لكن أياديهم ممتدة في كل دواليب الدولة».

 

 

الرئيس التونسي قيس سعيد
رئيس تونس قيس سعيد

مخطط التمكين

من جانبه، قال عمر اليفرني، المحلل السياسي التونسي، إن «الإخوان حكموا تونس طيلة 12 عاماً، وارتكزت فترة حكمهم على نشر رجالهم للتغلغل في مفاصل الدولة ووزاراتها، وما زالوا إلى حد الآن موجودين».

وأوضح عمر اليفرني، المحلل السياسي التونسي، أنه «في عام 2012، تم تعيين نحو 50 ألف شخص في وظائف حكومية، وحوالي 40 ألف شخص في العام التالي، أي في 2013، أغلبهم من حركة النهضة، وذلك في إطار مخطط التمكين للإخوان».

وأضاف عمر اليفرني، المحلل السياسي التونسي، أن «النهضة منذ وصولها للحكم أرادت السيطرة على مفاصل الدولة من أجل ضمان موالاة المسؤولين داخل المؤسسات الحكومية والوزارات، وهذا ما حدث حتى بعد الإطاحة بحكمهم، إذ لا تزال عناصر الحركة ترتع داخل الدولة وتواصل تنفيذ مخططاتها».

وبعد الإطاحة بنظام بن علي، أصدر الرئيس الانتقالي فؤاد المبزع، في 14 مارس 2011، مرسوماً صادرت الدولة بموجبه أملاك 114 شخصاً، هم الرئيس التونسي الراحل وزوجته ليلى الطرابلسي وعائلتيهما، إضافة إلى عدد من كبار معاوني النظام.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عقارات وممتلكات الرئيس بن علي وأقاربه تقدر بأكثر من 500 عقار مصادَر و600 شركة، فيما بلغ عدد السيارات المصادرة 96.

وخلال السنوات العشر الماضية، قام عدد من رجال الأعمال بتمويل الأحزاب، مثل حركة النهضة الإخوانية، وحزب «نداء تونس»، وحزب «تحيا تونس»، و«قلب تونس»، مقابل تمكينهم من الأملاك المصادرة بمبالغ زهيدة بعد التلاعب بهذه الملفات.