مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بدء المرحلة الثانية من مفاوضات غزة.. تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق

نشر
الأمصار

بعد أسابيع من المماطلة، وافقت الحكومة الإسرائيلية رسميًا على بدء المرحلة الثانية من مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والتي تهدف إلى تحويل التهدئة المؤقتة إلى اتفاق دائم يُفضي إلى إنهاء العمليات العسكرية وانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من القطاع. 

تأتي هذه الخطوة بعد ضغوط مكثفة من الولايات المتحدة ودول إقليمية، وسط ترقب لموقف الفصائل الفلسطينية بشأن تنفيذ بنود الاتفاق.

إسرائيل تخضع للضغوط وتوافق على المفاوضات

جاءت الموافقة الإسرائيلية خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، الذي عُقد مساء الإثنين، حيث أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، أن المفاوضات ستنطلق خلال الأسبوع الجاري، دون تحديد موعد أو مكان انعقادها.

وكان من المقرر أن تبدأ هذه المفاوضات مطلع فبراير الجاري، إلا أن إسرائيل أرجأتها وسط تباين في مواقف قياداتها السياسية والأمنية بشأن شروط المرحلة المقبلة. 

لكن التدخل الأمريكي، الذي قاده المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أجبر الحكومة الإسرائيلية على الالتزام بالمحادثات، خاصة مع تصاعد الانتقادات الدولية لاستمرار الحرب في غزة وتداعياتها الإنسانية.

تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق

وفقًا لما تم الاتفاق عليه، فإن المرحلة الثانية من المفاوضات، التي تمتد لمدة 42 يومًا، تشمل عدة بنود رئيسية، أبرزها:

1. وقف إطلاق نار دائم وإنهاء العمليات العسكرية

  • من المقرر أن يتم الإعلان عن "الهدوء الدائم"، وهو ما يعني وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، ووقف أي أعمال عدائية من جميع الأطراف، كخطوة أساسية نحو إنهاء الحرب.
  • في حال نجاح هذه المرحلة، ستكون هذه أول مرة يتم فيها فرض وقف إطلاق نار دائم منذ اندلاع الحرب الأخيرة، ما يمهد لإنهاء النزاع المسلح المستمر منذ شهور.

2. تبادل الأسرى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

  • سيتم الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين المتبقين على قيد الحياة، وهم بغالبيتهم جنود اختطفوا خلال العمليات العسكرية، مقابل إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
  • تشير التقديرات إلى أن الصفقة قد تتضمن تبادل 9 جنود إسرائيليين مقابل نحو 500 أسير فلسطيني لكل جندي، لكن العدد النهائي سيعتمد على المفاوضات الجارية.
  • تأتي هذه الخطوة بعد تنفيذ عدة صفقات تبادل سابقة خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، شملت إطلاق سراح رهائن إسرائيليين ومدنيين فلسطينيين.

3. انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة

  • ينص الاتفاق على انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من جميع مناطق قطاع غزة خلال هذه المرحلة، وهو مطلب رئيسي للفصائل الفلسطينية والدول الوسيطة في المحادثات.
  • يشكل هذا الانسحاب نقطة خلاف داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث يعارض بعض القادة العسكريين إنهاء العمليات دون ضمانات أمنية تتعلق بمستقبل القطاع.

4. مستقبل إدارة غزة بعد الحرب

  • مع انسحاب الجيش الإسرائيلي، يتعين على الأطراف التوصل إلى صيغة توافقية حول الجهة التي ستتولى إدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة.
  • تسود التكهنات حول عدة سيناريوهات، منها تولي السلطة الفلسطينية مهام إدارة القطاع، أو تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل مختلف الفصائل، أو حتى إشراف دولي تحت مظلة الأمم المتحدة.
  • لا تزال هذه المسألة محل نقاش كبير، خاصة مع رفض إسرائيل عودة حماس إلى الحكم، ومطالبة المجتمع الدولي بضمان استقرار الأوضاع وعدم تكرار سيناريو الصراع.

دور الوساطة الدولية والإقليمية

1. الولايات المتحدة تكثف ضغوطها

لعبت الإدارة الأمريكية دورًا محوريًا في دفع إسرائيل نحو الموافقة على بدء المفاوضات، حيث كثّف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، جهوده خلال الأيام الماضية لإقناع الجانب الإسرائيلي بعدم تعطيل تنفيذ الاتفاق.

تأتي هذه التحركات الأمريكية في ظل ضغوط داخلية على إدارة الرئيس جو بايدن، حيث يواجه انتقادات من الأوساط السياسية والحقوقية بسبب استمرار دعمه العسكري لإسرائيل رغم تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.

2. الدور المصري والقطري في الوساطة

  • تعتبر مصر من أبرز اللاعبين الإقليميين في هذه المفاوضات، حيث تواصل جهودها لتثبيت الهدنة كجزء من استراتيجية أوسع لتحقيق استقرار دائم في المنطقة.
  • تعمل قطر كوسيط في ملف تبادل الأسرى، نظرًا لعلاقاتها مع حركة حماس ودورها في تسهيل الاتصالات غير المباشرة بين الأطراف المعنية.

موقف الفصائل الفلسطينية وترقب لردود الأفعال

لم يصدر بعد رد رسمي من حركة حماس أو الفصائل الفلسطينية الأخرى على تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق، لكن مصادر مطلعة أفادت بأن الحركة تشترط وجود ضمانات دولية لتنفيذ البنود كافة، خاصة فيما يتعلق بإطلاق سراح الأسرى والانسحاب الإسرائيلي.

من جهتها، ترى الفصائل الفلسطينية أن نجاح هذه المرحلة يعتمد على مدى التزام إسرائيل بتعهداتها، وعدم اتخاذ إجراءات قد تعرقل تنفيذ الاتفاق، مثل عمليات الاعتقال المستمرة في الضفة الغربية، أو تصعيد الغارات الجوية في غزة.

التحديات والعقبات أمام تنفيذ المرحلة الثانية

رغم التوصل إلى اتفاق مبدئي، لا تزال هناك عدة عقبات قد تؤثر على سير المرحلة الثانية، ومنها:

  1. الخلافات الداخلية في إسرائيل، حيث يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو معارضة قوية من الأجنحة اليمينية المتشددة التي ترفض أي انسحاب من غزة دون "ضمانات أمنية".
  2. عدم وضوح آلية تنفيذ الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بموعد وجدول زمني دقيق لانسحاب الجيش الإسرائيلي.
  3. إمكانية حدوث تصعيد ميداني، في حال وقوع هجمات من الفصائل الفلسطينية، أو استئناف عمليات القصف الإسرائيلي، ما قد يهدد استمرار المفاوضات.

السيناريوهات المحتملة

مع بدء المرحلة الثانية من المفاوضات، يبرز سيناريوهان رئيسيان لمستقبل الوضع في غزة:

نجاح المفاوضات وإرساء تهدئة دائمة

  • في هذه الحالة، سيتم تنفيذ الاتفاق بشكل تدريجي، مما يؤدي إلى إنهاء العمليات العسكرية وانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل.
  • قد تفتح هذه الخطوة المجال أمام ترتيبات سياسية جديدة لإدارة غزة، وربما استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

فشل المفاوضات وعودة المواجهات

  • إذا انهارت المحادثات بسبب خلافات حول بنود التنفيذ، فقد يؤدي ذلك إلى تجدد العمليات العسكرية، وإعادة التصعيد في غزة والضفة الغربية.
  • قد تستغل الجماعات المسلحة الفراغ الأمني لشن هجمات، مما سيدفع إسرائيل إلى تصعيد ميداني، ويعيد الأزمة إلى نقطة الصفر.

تترقب الأوساط الدولية والإقليمية بحذر مسار المرحلة الثانية من المفاوضات، وسط آمال بأن تؤدي إلى حل مستدام ينهي سنوات من الصراع في غزة.

 لكن نجاح الاتفاق سيعتمد على مدى التزام الأطراف بتعهداتها، وقدرتها على تجاوز الخلافات السياسية والأمنية التي لطالما عرقلت جهود السلام في المنطقة.