مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

تدفق النازحين السودانيين إلى ليبيا يفاقم الأزمة الإنسانية

نشر
الأمصار

وسط مشهد إنساني متفاقم وأوضاع معيشية شديدة التعقيد، تتدفق موجات النازحين السودانيين إلى ليبيا بحثًا عن ملاذ آمن من الصراع الذي يعصف ببلادهم، وفقًا لتقرير صادر عن "الهيئة الطبية الدولية"، تجاوز عدد الفارين من السودان إلى دول الجوار 11 مليون شخص، فيما استقبلت ليبيا وحدها قرابة 215 ألف نازح، لتتحول الأراضي الليبية إلى محطة جديدة في رحلة الهروب من الموت.


اللاجئون السودانيون، الذين فروا من ويلات الحرب في السودان، يجدون أنفسهم في مواجهة واقع أكثر قسوة في ليبيا، حيث تفتقر البلاد إلى موارد كافية لاستيعاب هذا التدفق البشري المتزايد، وبينما تتزايد الأعداد، تتعاظم التحديات، لا سيما في ظل نقص الخدمات الطبية، وغياب البنية التحتية القادرة على التعامل مع هذا الضغط المتنامي.

أوضاع صحية سيئة

في هذا السياق، يشير تقرير "الهيئة الطبية الدولية" إلى أن النازحين في ليبيا يعانون من أوضاع صحية سيئة، حيث يتعرضون لمخاطر صحية جسيمة بسبب غياب الرعاية الطبية الكافية، وشح الأدوية، وانعدام الدعم النفسي للمتضررين من الصدمة.

تعد مدينة الكفرة من أكثر المناطق تأثرًا بهذه الأزمة، إذ تشهد تدفقًا هائلًا للنازحين السودانيين، ما يجعلها بؤرة للأزمة الإنسانية المتفاقمة، والفرق الطبية التابعة للهيئة الدولية أجرت في هذه المنطقة وحدها أكثر من 18,519 استشارة طبية، في محاولة للتخفيف من معاناة النازحين، إلا أن النقص الحاد في الطواقم الطبية والإمدادات الدوائية يجعل الأمر أكثر تعقيدًا.

ويشير التقرير إلى أن ما يقرب من 85% من المنشآت الصحية في الكفرة تعاني من نقص حاد في الأدوية الأساسية المخصصة لعلاج الأمراض العقلية، ما يضطر المرضى إلى قطع مسافات طويلة نحو مدن كبرى مثل بنغازي وطرابلس للحصول على العلاج المناسب.

وبحسب التقرير، فإن المأساة مرشحة للتفاقم، حيث من المتوقع أن تستقبل ليبيا موجة جديدة من النزوح خلال العام المقبل، تصل إلى 160 ألف شخص إضافي، ليصل العدد الإجمالي إلى 375 ألف نازح. هذا التدفق الكبير من شأنه أن يفرض ضغطًا هائلًا على البنية التحتية المتداعية، ويجعل من الصعب تقديم الحد الأدنى من الخدمات الصحية والإغاثية.

أزمة النزوح لا تتوقف عند حدود نقص الأدوية، بل تمتد إلى عجز حاد في الكوادر الطبية، مستشفى "عطية الكاسح"، وهو أحد المرافق الصحية القليلة التي لا تزال تعمل في المنطقة، يعاني من نقص كارثي في الكوادر، حيث يحتاج إلى 3 أطباء تخدير، و10 أطباء في قسم الطوارئ، فضلًا عن فنيين ضروريين لضمان استمرار الخدمات الصحية.

الأطباء القلائل الموجودون حاليًا يعانون من إنهاك شديد نتيجة العمل المستمر لساعات طويلة، ما يهدد بانهيار المنظومة الصحية بالكامل. وفي ظل عدم وجود دعم كافٍ من الجهات الحكومية أو المنظمات الدولية، يبقى الوضع مرشحًا لمزيد من التدهور.

يشير التقرير إلى أن النازحين يعانون من مشكلات صحية متزايدة، تشمل الالتهابات التنفسية الحادة، والأمراض الجلدية المزمنة، الناتجة عن تدهور ظروف المعيشة وسوء التغذية. هذه المشكلات الصحية تتفاقم بسبب غياب الرعاية الطبية المناسبة، ما يجعل الحاجة إلى تدخل عاجل أمرًا لا يمكن تأجيله.

في ظل هذه الأوضاع الكارثية، تجد ليبيا نفسها في قلب أزمة إنسانية مركبة، إذ لا تقتصر المعاناة على النازحين السودانيين فقط، بل تمتد لتشمل المجتمع الليبي الذي يواجه بدوره تحديات اقتصادية وأمنية جسيمة. ومع استمرار النزوح وعدم وجود حلول جذرية، يبقى السؤال المطروح: كيف يمكن لليبيا، التي تعاني من أزماتها الداخلية، أن تواجه هذا العبء الإنساني المتزايد؟