مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

تزعمها ماهر الأسد.. ما هي الفرقة الرابعة التي دمرت الاقتصاد السوري؟

نشر
الأمصار

الفرقة الرابعة هي فرقة من فرق الجيش السوري تأسست على يد رفعت الأسد، وقد تمتعت هذه الفرقة بتدريبات خاصة وبدعم خاص لجعلها أقوى وأخطر فرق الجيش السوري وصرف عليها الكثير من الأموال لتكون حامية لسوريا.

تحقيق: وثائق مسربة تكشف كيف نهبت "الفرقة الرابعة" الاقتصاد السوري

خلفية تاريخية

وفي عام 1982 حاصرت هذه الفرقة بقيادة قائدها رفعت الأسد وهاجمت مدينة حماة بحجة محاربة الإرهاب المتمثل بجماعة الاخوان المسلمين وتنظيم الطليعة الإسلامي .

 وقد أسفرت هذه الحملة إلى مقتل عدد كبير من المدنيين، قدرت أعدادهم بالآلاف وتدمير معظم أحياء المدينة السكنية وأدت هذه الحملة إلى إنهاء الوجود المعارض للنظام السوري، وفي عام 1984 حاول رفعت الانقلاب على أخيه الرئيس السوري حافظ الأسد، مستعينًا بسرايا الدفاع التي كان يقودها، لكنه لم ينجح ونُفي على إثرها إلى فرنسا، وسُلِمت قيادة هذه السرايا لضباط آخرين، وتغير اسمها ودُمجت بالفرقة الرابعة بقيادة اللواء ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد.

كان للفرقة قاعدة عسكرية في جنوب دمشق تمتد على مساحة 91 كيلومترًا مربعًا تقريبًا (35 ميلًا مربعًا)، بما في ذلك العديد من المخابئ الجبلية. كان المدخل الرئيسي للقاعدة يقع بالقرب من قرية الحرجلة.

امبراطورية ماهر الأسد

ومن خلال مقارّها في تلال وعرة مشرفة على دمشق، استنزفت الفرقة الرابعة، امبراطورية ماهر الأسد شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد، الاقتصاد السوري، فنهبت مقدراته واستنفدتها حتى آخر قطرة.

ووفق تقرير نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، بعد إطاحة حكم الأسد، تعرض الكثير من مقار تلك الوحدة العسكرية سيئة السمعة التي أثارت الرعب في سوريا، للنهب. لكن مستندات متناثرة داخلها تروي تفاصيل عن حياة ترف وثروات تمتع بها «سيدي المعلم»، أي ماهر الأسد، مع المحظيين من معاونيه، فيما كان بعض جنوده يكافحون لتأمين قوت عائلاتهم إلى حدّ التسوّل.

الفرقة الرابعة في الجيش السوري | أخبار | الجزيرة نت

الاتجار بالمخدرات 

وتكشف مجموعة وثائق عثر عليها  المواقع المهجورة الآن، النقاب عن امبراطورية اقتصادية واسعة بناها ماهر الأسد وشبكته من المنتفعين، لم تترك مجالاً لم تتدخل فيه، من صنع الكبتاغون والاتجار به وصولاً إلى فرض إتاوات على المعابر الحدودية والحواجز.

ولطالما اتهمت حكومات غربية ماهر الأسد وأعوانه بتحويل سوريا إلى «دولة مخدرات» أغرقت الشرق الأوسط بأقراص الكبتاغون، وهي مادة منشطة غير قانونية كانت تهرّب خصوصاً الى الخليج.

لكن بعيداً من التجارة التي تقدّر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار، تُظهر المستندات التي تفحصتها الوكالة كيف تغلغلت الفرقة الرابعة في الكثير من مفاصل البلد، مما جعلها أشبه بـ«مافيا» محظية داخل دولة مارقة.

استولت الفرقة الرابعة على منازل ومزارع، وصادرت بضائع شتى من مواد غذائية وسيارات وأجهزة إلكترونية لبيعها. ونهبت النحاس والمعادن من مناطق دمرتها سنوات الحرب الطويلة.

وفرضت كذلك إتاوات عند الحواجز ونقاط التفتيش، وجنت أموالاً من مرافقة صهاريج نفط وحماية مسارها، حتى تلك الآتية من مناطق سيطر عليها الإرهابيون. واحتكرت أيضاً تجارة التبغ والمعادن.

فنانة سورية على علاقة مع ماهر الأسد؟ (فيديو) - الجريدة ـ لبنان

المقر الخاص لماهر الأسد

وفي صلب هذه الشبكة الفاسدة، تربَّع المقر الخاص لماهر الأسد فوق متاهة أنفاق محفورة في قلب جبل يعلو دمشق، يتسع بعضها لمرور شاحنة.

وفي هذا الصدد قاد حارس ملثم تابع للسلطة السورية الجديدة فريق إحدى الفضائيات عبر الأنفاق، كما لو أنه دليل سياحي، مشيراً إلى حمام هنا وغرفة نوم هناك، وما بدا أشبه بمسارات خروج في حالات الطوارئ.

بعد النزول عبر سلم شديد الانحدار مؤلف من 160 درجة، توجد غرف موصدة ببوابات مصفحة.

ويقول الحارس إنه أحصى تسع خزنات داخل إحدى الغرف.

ويوضح كيف أن الخزنات تعرضت «للكسر» والنهب على أيدي أشخاص اقتحموا المكان في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، بعد ساعات قليلة على إطاحة فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» بحكم عائلة الأسد التي قادت سوريا بقبضة حديد لأكثر من خمسة عقود.

مغادرة بشار الأسد إلى روسيا

وبحسب مصدر رفيع المستوى، لم يعلم ماهر الأسد (58 عاماً) حينها بعزم شقيقه الفرار إلى روسيا. وهرب بشكل منفصل في مروحية أقلته إلى العراق ومنها الى روسيا، عبر إيران على الأرجح.

في المجمع تحت الأرض، تبدو جلية الفوضى: خزنات مفتوحة وصناديق ساعات رولكس وكارتييه فارغة مرمية في كل ناحية. ولا يتضح ما إذا كانت الخزنات قد أُفرغت من الأموال قبل نهبها أم لا.

ويشير الحارس إلى مكتب، يقول إنه «المكتب الأساسي» لماهر الأسد، مؤلف من «طابقين فوق الأرض وتحته أنفاق تضم غرفاً مغلقة لا يمكن فتحها».

إلى جانب خزنة مهجورة داخل ممر، يمكن رؤية جهاز تغليف حراري جرى استخدامه على الأرجح لتغليف الأوراق النقدية.

فرقة ماهر الأسد الرابعة تفرض ضرائب على المهربين على طول الحدود العراقية -  أخبار الآن

احتفاظ ماهر الأسد  بمبالغ كبيرة

في أحد المستندات التي تفنّد بالتفصيل النفقات كافة، وعثر عليها بين مئات الأوراق المبعثرة داخل مكتب أمن تابع للفرقة الرابعة، يظهر أنه كان هناك حتى الرابع من يونيو (حزيران) سيولة نقدية قدرها ثمانون مليون دولار، وثمانية ملايين يورو، و41 مليار ليرة سورية.

وتوثّق مئات المستندات احتفاظ ماهر الأسد ومكتب الأمن بمبالغ شبيهة في الفترة الممتدة بين العامين 2021 و2024.

ويقول الباحث لدى معهد «كارنيغي» لخضر خضور : «هذا ليس إلا عينة صغيرة من الثروة التي جمعها ماهر وأعوانه عبر صفقاتهم التجارية المشبوهة».

ويقدّر أن تكون ثروتهم الحقيقية مخفية «في الخارج، على الأرجح في دول عربية وأفريقية».

ويضيف: «كانت الفرقة الرابعة بمثابة آلة لطباعة المال» في سوريا حيث يعيش أكثر من تسعين في المائة من السكان، وفق الأمم المتحدة، بدولارَين أو أكثر بقليل في اليوم الواحد.

 العقوبات الغربية

ولم تنجح العقوبات الغربية في كبح جماح ماهر الأسد ورجاله أو الحدّ من نفوذهم طيلة سنوات النزاع.

ويقول العميد السابق في الفرقة الرابعة عمر شعبان الذي عقد تسوية مع الإدارة السورية الجديدة: «كانت الفرقة الرابعة دولة مستقلة، تمتلك (...) كل شيء».

وفي حين كان التعامل بالدولار الأميركي محظوراً في سوريا، أصبح العديد «من ضباط الأمن أصحاب ثروات، لديهم خزنات وأموال (...) بالدولار حصراً»، على حد قوله.

وأقام أعوان ماهر المقربون في قصور فاخرة واعتادوا على شحن سيارات فارهة من الخارج، بينما كان البلد خارج أسوار قصورهم غارقاً في دوامة من الفقر والبؤس والخوف.

بعد أسابيع من إطاحة حكم الأسد، كان سوريون ما زالوا يأتون إلى فيلا ماهر الأسد المشيَّدة على تلة في منطقة يعفور الراقية، ويفتشون في الغرف القريبة من اسطبلات اعتادت ابنته الفائزة بجوائز عدة، ركوب الخيل فيها.

بعبع النظام.. ماهر الأسد اليد الحديدية لـ بشار في سوريا - تليجراف مصر

ماهر الأسد شخصية غامضة

لطالما كان ماهر الأسد شخصية غامضة تثير الخوف في سوريا. ويُنظر إليه على أنه الرجل الذي تولّى تنفيذ «الأعمال القذرة للنظام».

ومع أن صوره عُلّقت داخل كل مقر للفرقة الرابعة، لكنه نادراً ما كان يظهر في الأماكن العامة.

ورغم اتهامه من منظمات حقوقية بإصدار أوامر لقتل متظاهرين عزل في سوريا منذ عام 2011، وربط اسمه باغتيالات، لكنه بقي بمثابة «الرجل الخفي»، وفق ما يقول مصدر مقرب من عائلة الأسد للوكالة.

وطارد جشع الفرقة الرابعة عائلات على مدى عقود، كما تُظهر رسالة كتبها عدنان الديب، وهو مشرف على مقبرة في مدينة حمص (وسط).

عند حاجز مهجور للفرقة الرابعة قرب دمشق، وبين مئات المستندات المتسخة والمرمية أرضاً، عثر فريق الوكالة على رسالة من الديب يطلب فيها من الفرقة الرابعة استعادة مزرعته.

ويروي الديب كيف أن الفرقة الرابعة صادرت فيلا تملكها عائلته وقصوراً أخرى مجاورة قبل عشرة أعوام في قرية كفرعايا قرب حمص.

ورغم عدم السماح له بالاقتراب من ممتلكاته، كان على الديب دفع الضرائب المتوجبة على العقار الذي حولته الفرقة الرابعة بحسب قوله، إلى مكاتب، بينها أحد فروع مكتب الأمن، ومستودعات للمواد المصادرة، وغرفة أشبه بسجن.