مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

عجز الموازنة الأميركية يسجل مستويات قياسية وسط تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة

نشر
الأمصار

تواجه الولايات المتحدة تحديات مالية متفاقمة مع استمرار اتساع عجز الموازنة الفيدرالية، حيث بلغ العجز مستوى قياسياً عند 840 مليار دولار خلال الثلث الأول من السنة المالية الحالية.

 

 هذا التدهور يأتي مدفوعًا بارتفاع الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية، الضمان الاجتماعي، الدفاع، ومدفوعات الفوائد على الديون، في ظل تباطؤ نمو الإيرادات.  

أرقام العجز القياسي


- إجمالي الإنفاق: 6.75 تريليون دولار  
- إجمالي الإيرادات: 4.92 تريليون دولار  
- العجز: 1.83 تريليون دولار  
- نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي: 6.4%  

أسباب تفاقم العجز


ارتفاع تكاليف الفائدة:أحد أكبر عوامل الضغط على الميزانية هو ارتفاع مدفوعات الفوائد على الديون، حيث بلغت 392 مليار دولار في أربعة أشهر فقط، نتيجة رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في السنوات الأخيرة.  

الإنفاق الحكومي المتزايد: يشمل ذلك برامج الضمان الاجتماعي، الرعاية الصحية، ودعم المحاربين القدامى، إضافة إلى الميزانية الدفاعية المتزايدة، مما يجعل تقليص العجز أكثر تعقيدًا سياسيًا.  
 

تراجع نمو الإيرادات:على الرغم من استقرار سوق العمل وتحسن النمو الاقتصادي، لم ترتفع الإيرادات الحكومية بشكل كافٍ، بسبب تأثير تأجيل الضرائب في 2023 وانخفاض العوائد الضريبية على الشركات.  

التحديات التي تواجه الاقتصاد الأميركي

 
الديون المتراكمة: تتجاوز ديون الحكومة الفيدرالية 34 تريليون دولار، مما يزيد من الضغوط على الميزانية، خاصة مع استمرار رفع أسعار الفائدة.  
 

الخلافات السياسية حول خفض الإنفاق: يطالب الجمهوريون في الكونغرس بإجراء تخفيضات جذرية في الإنفاق الحكومي، في حين يسعى الرئيس ترمب لإقرار حزمة تخفيضات ضريبية، مما يعمق الجدل حول كيفية معالجة الأزمة المالية.  
 

التوترات الجيوسياسية وتأثيراتها الاقتصادية: النزاعات التجارية مع الصين، تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، والأزمة الروسية-الأوكرانية كلها عوامل تضع مزيدًا من الضغوط على الاقتصاد الأميركي.  
 

الركود المحتمل: يحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار العجز الكبير قد يدفع الولايات المتحدة إلى ركود اقتصادي إذا اضطرت الحكومة إلى تقليص إنفاقها بشكل حاد أو زيادة الضرائب لتعويض الفجوة المالية.  

الآفاق المستقبلية  


تستهدف وزارة الخزانة الأميركية تقليص العجز إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ6.4% حاليًا، إلا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب اتخاذ قرارات صعبة، تشمل إما زيادة الضرائب أو تخفيضات كبيرة في الإنفاق، وهو أمر غير مضمون في ظل الانقسامات السياسية الحادة.  

في ظل هذه التحديات، يبقى السؤال الأبرز: هل تستطيع الولايات المتحدة كبح جماح عجزها المالي قبل أن يتحول إلى أزمة اقتصادية أوسع؟

أسباب تفاقم العجز في الموازنة

1- ارتفاع الإنفاق الحكومي بشكل غير مسبوق
تضخم الإنفاق الحكومي خلال السنوات الأخيرة نتيجة سياسات الدعم الاقتصادي لمواجهة الأزمات، حيث خصصت الحكومة الفيدرالية مليارات الدولارات لبرامج الرعاية الاجتماعية، ودعم الأسر منخفضة الدخل، والإنفاق العسكري المتزايد. وتشمل أبرز المجالات التي استنزفت الميزانية:

الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية: يمثلان أكثر من 50% من إجمالي الإنفاق الحكومي، مع ارتفاع عدد المستفيدين وزيادة التكاليف الطبية.
الإنفاق العسكري: يشهد الجيش الأميركي ميزانية متنامية بسبب التحديثات الدفاعية وزيادة الإنفاق على العمليات الخارجية.
مدفوعات الفوائد على الديون: نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، ارتفعت تكلفة خدمة الدين إلى 392 مليار دولار خلال 4 أشهر فقط.

2- انخفاض نمو الإيرادات الحكومية
على الرغم من تحسن الاقتصاد الأميركي، فإن الإيرادات الضريبية لم ترتفع بالوتيرة الكافية لتعويض العجز. ومن بين أسباب ذلك:

التخفيضات الضريبية التي أقرها الكونغرس، والتي قللت من عائدات الضرائب على الشركات والأفراد.
تباطؤ بعض القطاعات الاقتصادية، مما أدى إلى تراجع الإيرادات الضريبية المتوقعة.
تأجيل بعض المدفوعات الضريبية في 2023، مما أدى إلى فجوة مؤقتة في الإيرادات.

3- تداعيات سياسات الفيدرالي الأميركي
أدى رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة تكاليف الاقتراض الحكومي، ما ضاعف أعباء الديون ودفع الحكومة إلى إنفاق المزيد لسداد الفوائد.

4- الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية
تسببت جائحة كورونا، والحرب في أوكرانيا، والتوترات التجارية مع الصين في اضطرابات اقتصادية أدت إلى زيادة الإنفاق الحكومي لتعويض آثار الأزمات، سواء من خلال دعم المواطنين أو زيادة الإنفاق العسكري.

الحلول المطروحة لتقليص العجز

1- ضبط الإنفاق الحكومي

إعادة هيكلة برامج الضمان الاجتماعي لتقليل الإنفاق الزائد.
تقليل الإنفاق العسكري مع تحسين كفاءة إدارة الدفاع.
مراجعة البرامج الاجتماعية لضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجًا.

2- زيادة الإيرادات الحكومية

مراجعة التخفيضات الضريبية وزيادة الضرائب على الشركات الكبرى وأصحاب الدخل المرتفع.
توسيع القاعدة الضريبية من خلال تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الاستثمار في قطاعات إنتاجية.

3- إصلاح نظام الديون

إصدار سندات حكومية طويلة الأجل بأسعار فائدة منخفضة لتقليل تكاليف خدمة الدين.
الحد من الاعتماد على الاقتراض المفرط لتمويل النفقات الحكومية.

4- تحفيز النمو الاقتصادي

دعم الابتكار والتكنولوجيا لزيادة الإنتاجية وخلق فرص عمل جديدة.
تقديم حوافز استثمارية لجذب الشركات الأجنبية وتعزيز الصادرات الأميركية.
تحسين البنية التحتية لزيادة كفاءة الاقتصاد وتقليل تكاليف التشغيل.
هل تنجح هذه الحلول؟

يبقى نجاح أي خطة لتقليل العجز مرهونًا بالتوافق السياسي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، حيث يضغط الجمهوريون لخفض الإنفاق، بينما يفضل الديمقراطيون زيادة الضرائب على الأثرياء.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة، قد تكون هذه القضية محورًا رئيسيًا في الجدل السياسي والاقتصادي داخل الولايات المتحدة.