حزب الله يرفض التخلي عن سلاحه.. فهل يتأجج الوضع في لبنان؟

شدد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، على رفضه التخلي عن سلاح الحزب، في موقف يتعارض مع التزامات الحكومة اللبنانية والتي قد أعلنتها مع تولي الرئيس العماد جوزيف عون.

وفي هذا الصدد أكد قاسم أن "رئيس الجمهورية تحدث عن حصرية السلاح، ونحن أيضاً مع حصرية السلاح بيد قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني لضبط الأمن والدفاع، ولسنا ضد أن يكونوا هم المسؤولين، ونرفض منطق الميليشيات ونرفض أن يشارك أحد الدولة في حماية أمنها، لكن نحن لا علاقة لنا بهذا الموضوع، نحن مقاومة".
كما يشكل تحدياً لما ورد في خطاب قسم رئيس الجمهورية والبيان الوزاري، اللذين أكدا على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، ما يعكس ازدواجية مواقف الحزب وتحدّيه لسلطة الدولة اللبنانية.
ويواصل حزب الله استثناء نفسه، وكأن سلاحه كيان مستقل لا يخضع لأي سلطة رسمية أو التزامات قانونية، هذا الواقع يزيد من تفاقم الأزمة السياسية والأمنية في لبنان، ويثير تساؤلات حول قدرة الدولة على فرض سيادتها.
رفض حزب الله تسليم سلاحه
ويشكّل رفض حزب الله تسليم سلاحه كما قال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوّات اللبنانيّة"، شارل جبور "العقبة الأساسية أمام بناء الدولة في لبنان".
وقال جبور، في حديث له ، على أن "حزب الله ليس إلا ذراعاً إيرانية تنفذ أجندة طهران، ولا علاقة له بلبنان. ولن يتخلى عن مشروعه المسلح إلا بأمر إيراني أو بانهيار المشروع من مرجعيته في طهران".
وأشار إلى أن إعلان قاسم، استمرار ما يسمى بـ"المقاومة"، مرفوض بالكامل، مؤكداً أن "هذا النهج قاد لبنان إلى الحروب والدمار وأغرقه في الفوضى، بينما يصرّ الحزب على اتباع السياسات ذاتها، التي كلّفت اللبنانيين آلاف الضحايا وتسببت في دمار واسع".
واعتبر جبور أن "حزب الله، بالتواطؤ مع النظام السوري السابق، عطّل قيام دولة فعلية في لبنان على مدى 35 عاماً".
وأوضح أن الحزب لا يزال مصرّاً على عرقلة أي مشروع لبناء دولة حقيقية، كما اعتبر أن استمرار امتلاكه للسلاح "يؤدي إلى عزلة لبنان دولياً".
وقال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في "القوّات اللبنانيّة" إن "المجتمع الدولي لن يقدّم مساعدات مالية للبنان في ظل هيمنة حزب الله، لأن أي دعم سيتم استخدامه لتعزيز الوضع القائم الذي يفرضه الحزب".
وأكد أن "هذا الواقع يحرم اللبنانيين من فرص إعادة الإعمار والمساعدات الخارجية، مما يبقي البلاد في حالة انهيار مستمرة بسبب السلاح غير الشرعي".

إعادة الإعمار والتعافي في لبنان
وفي هذا السياق كشف البنك الدولي في تقرير حديث أن تكلفة إعادة الإعمار والتعافي في لبنان عقب الحرب بين إسرائيل وحزب الله، التي امتدت على مدار 14 شهراً، تقدر بنحو 11 مليار دولار.
وأسفرت الحرب عن مقتل أكثر من أربعة آلاف شخص، وإصابة الآلاف، ونزوح مئات الآلاف، فضلاً عن الدمار الواسع الذي لحق بالبنى التحتية.
الموقف الحكومي من نزع سلاح حزب الله
أما يخص الموقف الحكومي من مسألة نزع سلاح حزب الله، صرّح نائب رئيس مجلس الوزراء، طارق متريلإحدى المنصات، يوم الاثنين، بأن "الحكومة لم تحدد بعد متى وكيف سيتم نزع سلاح حزب الله، وأن الشرط الأساسي لفرض سيطرة الدولة هو تمكين الأجهزة العسكرية وتعزيز قدراتها".
كما أكد أنه "عند الخوض في نقاش استراتيجية الأمن القومي، يتم البحث في مسألة السلاح ومستقبله. لكن من المستحيل أن يكون لدينا جدول زمني محدد أو ادعاء بإمكانية نزع سلاح حزب الله بالقوة".
كلام متري دفع الدائرة الإعلامية في "القوات اللبنانية" إلى اصدار بيان، الثلاثاء، عبّرت خلاله عن استغربها الشديد لما ورد على لسانه.
واعتبرت أن متري "ألحق ضرراً فادحاً بصورة الحكومة الحالية ووضع عصيًاً في دواليب العهد الجديد، وما قاله هو عود على بدء، وينذر بإبقاء القديم على قدمه ويضرب محاولة الإنقاذ التي بدأت مع انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية".
وأوضح تصريحه، حيث نقلت عنه "الوكالة الوطنية للإعلام" قوله "في أكثر من مقابلة صحفية، أكدت موقف الحكومة الواضح في بيانها الوزاري، المستند إلى خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية، والذي يؤكد حق الدولة في احتكار حمل السلاح وامتلاك قرار الحرب والسلم، بالإضافة إلى التزامها بتطبيق القرارات الدولية دون انتقاء أو اجتزاء. فالموقف الحكومي ليس مجرد إعلان نوايا، بل هو التزام واضح".

وأضاف "، أؤكد أنه من البديهي أن يعمل مجلس الوزراء على وضع جدول زمني وخطوات ملموسة لتحقيق هذا الهدف".
وأضاف أن ذلك "يذكّر بمراحل سابقة شارك فيها بحوارات وطنية للبحث في قضايا استراتيجية من بينها النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية، لكنها كانت كلّها شعارات لم يلتزم بها حزب الله وكان يماطل ثم نفّذ الأجندة الإيرانية".
بو مجاهد : “المرحلة باتت مناسبة للسلطات اللبنانية لفرض شروطها”
وما تغيّر حالياً بحسب بو مجاهد أنّ "المرحلة باتت مناسبة للسلطات اللبنانية لفرض شروطها بخاصة إذا اتخذت قرارات جذرية للبتّ في حصر السلاح بطريقة مباشرة، ذلك أنّ المتغيرات الإقليمية والدولية مساعدة على اتخاذ قرارات حازمة بعدما تراجعت قوة حزب الله السياسية والعسكرية".
وثمة تبعات لرفض الحزب التخلي عن سلاحه أو تغاضي الدولة اللبنانية عن هذا الهدف، وهي كما شدد بو مجاهد "تبعات ستترك تأثيرات على الواقع السياسي اللبناني لأن عدم حصر السلاح سيفاقم حجم الحساسيات الداخلية بين المكونات اللبنانية ويعرقل التطورات الجيدة بين لبنان والمجتمعين العربي والدولي..".

و"خاصة أن حصر السلاح بات مطلباً عربياً ودوليّاً أكثر إلحاحاً وشرطاً لإعادة الإعمار والنقطة الأولى الأكثر أهمية لإعادة أوج الانسجام بين لبنان وعدد من الدول الصديقة التي لطالما حضّت على أهمية استرجاع الدولة اللبنانية للقرارات الاستراتيجية"، وفق بو مجاهد.
وفيما يتعلق بمستقبل العلاقة بين السلطات اللبنانية وحزب الله، رأى عدد من المحللين أن "الوضع سيبقى على حاله طالما أن الحزب مستمر في مصادرة قرار الدولة ومنعها من احتكار السلاح وبسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية".

واعتبروا أن "أي تغيير في المعادلة لن يكون ممكناً إلا في حال سقوط النظام الإيراني أو تراجع طهران عن دورها الإقليمي تحت وطأة الضغوط الدولية".
كما أن محاولة حزب الله الإبقاء على ما لا لديه من سلاح، "لن تكون لها ارتدادات على مستوى مواجهة اضافية مع إسرائيل"، كما يرى بو مجاهد.