طقوس وعادات يومية.. كيف يقضي الشعب العراقي شهر رمضان رغم ارتفاع الأسعار؟

يعتبر شهر رمضان المبارك من أكثر الأشهر تأثيرًا على سلوكيات المواطنين في العراق، حيث يطرأ تغير ملحوظ على العادات اليومية، والتصرفات الاجتماعية، وحتى الأنماط الاقتصادية.

ومع اقتراب الشهر الكريم، يبدأ المجتمع العراقي بالاستعداد روحانيًا، اجتماعيًا، واقتصاديًا لاستقبال هذه الفترة المقدسة التي تحمل في طياتها طابعًا خاصًا من التغيير في الحياة اليومية للأفراد والعائلات.
ويبرز التغيير الأكبر في السلوك الاجتماعي للمواطن العراقي مع اقتراب رمضان، إذ تسود أجواء التآخي والتسامح بين الأفراد، ويزداد التواصل العائلي، حيث تعود العديد من العادات الاجتماعية القديمة مثل التجمعات العائلية والولائم الجماعية، سواء داخل المنزل أو في المساجد والمجالس الدينية، كما يحرص الكثيرون على صلة الرحم، وزيارة الأقارب والأصدقاء لتعزيز أواصر المحبة.

وتشهد المجتمعات العراقية تزايدًا في المبادرات الخيرية، حيث يندفع الناس إلى التبرع للمحتاجين وإعداد موائد الإفطار الجماعية، سواء في الجوامع أو الساحات العامة.
وتنتشر ثقافة “السلة الرمضانية”، وهي عبارة عن مساعدات غذائية توزع على الأسر المتعففة لمساعدتها في قضاء الشهر الكريم دون عناء.
ويتحول سلوك المواطن العراقي دينيًا خلال رمضان بشكل ملحوظ، إذ يزداد الإقبال على المساجد لأداء الصلوات.
كما يكثر الاستماع إلى التلاوات القرآنية والمواعظ الدينية، ويحرص الكثيرون على إحياء ليالي القدر في العشر الأواخر من رمضان بالدعاء والاعتكاف في المساجد.

كما تتضاعف الأعمال الخيرية، حيث يسعى الكثير من المواطنين إلى كسب الأجر من خلال إطعام الصائمين، والتبرع بالمال، والمشاركة في حملات المساعدات الإنسانية. ويعكس هذا الجانب الروح التضامنية العميقة في المجتمع العراقي خلال هذا الشهر الفضيل.
يتغير نمط الحياة اليومي بشكل واضح خلال رمضان، حيث تتغير مواعيد النوم والعمل بسبب الصيام، فيميل المواطن العراقي إلى السهر حتى ساعات متأخرة من الليل، خاصة مع انتشار السهرات الرمضانية التي تجمع العائلات والأصدقاء.
كما يتغير نمط تناول الطعام، حيث يركز الأفراد على وجبتي الإفطار والسحور، مع تقليل عدد الوجبات المعتادة، ومع ذلك، يعاني البعض من الإفراط في تناول الأطعمة الدسمة والمقليات بعد يوم طويل من الصيام، مما قد يؤدي إلى مشكلات صحية، لذا، تتزايد التوعية الصحية حول أهمية تناول الغذاء الصحي المتوازن خلال هذا الشهر.

ازدحام في الأسواق الشعبية بالعراق رغم ارتفاع الأسعار
مع اقتراب رمضان، يتغير السلوك الاقتصادي للمواطن العراقي، حيث يزداد الإقبال على الأسواق لشراء المواد الغذائية الأساسية مثل التمر، الطحين، السكر، والزيوت، ما يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار بعض المنتجات نتيجة زيادة الطلب.
على الرغم من ارتفاع الأسعار الكبير الذي شهدته العراق فإن الأسواق الشعبية بها تشهد ازدهارًا كبيرًا وتنتعش حركة البيع فيها بدرجة ملحوظة.
ويتفنن التجار في عرض أجود أنواع السلع بمختلف أنواعها، فنجد كل أنواع التمور والمكسرات والتوابل والحلويات الشعبية والعصائر ومستلزمات الطبخ وزينة رمضان متوفرة في كل مكان.

ينتشر المستهلكون بكثرة لتوفير كل ما يلزمهم لاستقبال شهر رمضان الكريم، فنجد الأسواق تكتظ بهم، ومن أبرز تلك الأسواق سوق المنصور، وسوق الشورجة الذي يسوده الازدحام الكبير في كل مكان فيه.
ولكل زمان رونقه الخاص وجماليته الفريدة فمهما اختلفت التحضيرات والاستعدادات لشهر رمضان المبارك بين الماضي والحاضر، فإن الشيء المشترك بينهما، هي الأجواء الجميلة التي تنتشر بين الناس ونفحات الشهر الإيمانية المباركة.
في النهاية يترك شهر رمضان أثرًا عميقًا على سلوك المواطن العراقي، سواء من الناحية الاجتماعية، الاقتصادية، الدينية، أو الصحية.
وتبرز العادات الإيجابية مثل التكافل الاجتماعي وزيادة العبادات، تظهر أيضًا بعض السلوكيات السلبية التي تحتاج إلى توجيه، مثل التبذير والازدحام في الأسواق.
ومع ذلك، يبقى رمضان شهرًا للتغيير الروحي والإنساني الذي يعزز القيم الأخلاقية ويقوي الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع العراقي.