مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

صحيفة بريطانية: مسلسل "معاوية" يُثير جدلًا واسعًا في الأوساط العربية بسبب الأخطاء التاريخيّة

نشر
الأمصار

أبرزت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، من خلال تقريرٍ لها، أن مسلسل "معاوية" الذي تكلف إنتاجه نحو 300 مليون دولار، والذي  يصوّر حياة أحد الحكّام الإسلاميين الأوائل، قد أثار جدلاً واسعاً في الشرق الأوسط، حيث حظر العراق إلى جانب إيران عرض المسلسل، فيما وصفه بعض رجال الدين بأنه عمل آثم.

 

‏وأفادت الصحيفة بأن مسلسل “معاوية”، الذي بلغت تكلفته نحو 100 مليون دولار، هو أغلى دراما عربية تم إنتاجها على الإطلاق، ويركز على الانقسام المثير للجدل في القرن السابع الميلادي، والذي أدى إلى انقسام المسلمين إلى طائفتين رئيسيتين، السنة والشيعة، وهو انقسام سياسي وديني لا يزال قائماً حتى اليوم.

 

‏ويقدم المسلسل، الذي يتميز بإنتاج ضخم ومشاهد معارك ملحمية، سرداً لحياة معاوية بن أبي سفيان، أحد صحابة النبي محمد، (صلى الله عليه وسلم) والذي خاض حرباً ضد الامام علي بن أبي طالب "عليه سلام الله" ابن عم النبي وصهره، الذي يحظى بمكانة مقدسة لدى عموم المسلمين وبدرجة كبيرة عند المسلمين الشيعة.

 

‏وبدأ عرض المسلسل على قناة MBC المملوكة ضمن برامجها لشهر رمضان، ويُعدّ الشهر، الذي يصوم فيه المسلمون من الفجر حتى المغرب، ذروة الموسم التلفزيوني في المنطقة، حيث تبث القنوات عشرات الأعمال التي تشاهدها ملايين العائلات بعد الإفطار.

 

‏ويشير مصطلح “الشيعة” أو “شيعة علي” إلى من يعتقدون أن قيادة الأمة الإسلامية يجب أن تبقى في نسل النبي، ويشكّل السُنة—الأغلبية العظمى من المسلمين في العالم اليوم، فيما يمثل الشيعة ما يقدر بـ 10-15٪ من المسلمين عالمياً، وتعدّ إيران والعراق والبحرين دولاً ذات أغلبية شيعية.

 

‏تم تصوير المسلسل في تونس بمشاركة طاقم تمثيلي من مختلف الدول العربية وبإخراج مصري، وقد تم تأجيل عرضه من عام 2023، حيث رأى البعض أن التأخير جاء لتجنب تصعيد التوترات بين السعودية، التي تعتبر نفسها زعيمة العالم الإسلامي السني، وجيرانها ذوي الأغلبية الشيعية.

 

‏في ذلك السياق، يقول اتش إيه هيللر، وهو زميل أقدم في المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الدفاعية والأمنية في لندن: “لا يزال المسلمون السنة والشيعة بعد أكثر من 14 قرناً، يختلفون بشأن بعض الروايات التاريخية المتعلقة بالفترة الإسلامية المبكرة، بما في ذلك معاوية بن أبي سفيان”.

 

‏وأضاف أن هذه الخلافات غالباً ما تُستخدم لتأجيج التنافسات السياسية القائمة، والتي تحولت في بعض الأحيان إلى أعمال عنف طائفية.

 

‏ويعتقد هيللر ان السعودية ربما قررت الان عرض المسلسل بعد تحسن علاقاتها مع العراق وإيران، وقال: “ربما يشعرون أن علاقتهم مع العراق وإيران أصبحت أكثر صلابة، ويمكنها تحمل التوتر الذي قد ينشأ نتيجة لذلك”.

 

‏وقد حظرت الدولتان عرض المسلسل، حيث صرحت هيئة البث في بغداد بأن العمل قد “يهدد السلم الاجتماعي”، لكن لم يحدث أي تصعيد رسمي في الخطاب ضد السعودية.

 

‏من ناحية أخرى، قال أحد علماء جامعة الأزهر في مصر إن تجسيد شخصية معاوية “غير مقبول دينياً”، بينما اعتبر عالم آخر أن مشاهدة المسلسل “إثم”، وعُرف الأزهر منذ فترة طويلة بمعارضته لتجسيد شخصيات النبي وصحابته الأوائل في الأعمال الدرامية.

 

‏وفي السعودية، فقد كان موقف المؤسسة الدينية الرسمية أقل حدة، في ظل انفتاح المملكة ضمن الإصلاحات الاجتماعية التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 

‏وأثارت إنتاجات مجموعة MBC الحكومية سابقاً جدلاً واسعاً، أبرزها مسلسل عن الخليفة عمر بن الخطاب، الذي عُرض قبل عقد من الزمن وقد أدى عرضه إلى صدور أدانة من المفتي العام للمملكة، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، لتصوير الشخصيات الإسلامية البارزة في الأعمال الدرامية.

 

‏وقال مازن حايك، المدير التنفيذي السابق في MBC، إن المجموعة يجب أن تتحمل المخاطر الإبداعية للحفاظ على جمهورها، في ظل توفر خيارات بديلة مثل منصات البث العالمية.

 

‏وأضاف حايك، الذي يعمل حالياً كمستشار إعلامي في دبي: “إذا تركت المواضيع الجريئة والمحتوى المثير للجدل للشركات الأجنبية والعالمية فقط، فسينتهي بك الأمر بمواضيع تقليدية يتم إنتاجها بنفس الطريقة من قبل الجميع”.

 

‏وتابع: “التحدي يكمن في تحقيق التوازن بين تقديم محتوى آمن للعائلة ومراعاة القيم المجتمعية، مع دفع حدود السرد الإبداعي حتى تتمكن من المنافسة مع اللاعبين العالميين. إنه خط رفيع للغاية”.

 

‏كما تعرض المسلسل لانتقادات بسبب الأخطاء التاريخية وبعض المشاهد التي اعتبرها البعض غير لائقة لشخصية إسلامية بارزة.

 

‏وتداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات ساخرة حول مشهد ولادة معاوية، حيث ظهرت والدته بملابس نوم حديثة من فيكتورياس سيكرت، بينما لُفَّ المولود ببطانية من زارا هوم. 

 

‏كما أثار مشهد آخر الجدل، حيث ظهر معاوية مكشوف الصدر ويلف جسده بمنشفة بينما تقوم زوجته بتدليك كتفيه بعد الاستحمام.