هدنة غزة.. حماس تلقي الكرة في ملعب إسرائيل بعد عرض جديد

تتواصل الجهود الدولية للتوصل إلى اتفاق المرحلة الثانية من الهدنة في قطاع غزة، في ظل تصعيد عسكري مستمر وأوضاع إنسانية متدهورة.
وقدمت حركة حماس، يوم الجمعة، عرضًا جديدًا يتضمن إطلاق سراح جندي إسرائيلي-أمريكي محتجز لديها، إلى جانب تسليم جثامين أربعة رهائن مزدوجي الجنسية، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين.
وتصر الحركة على ضرورة التوصل إلى اتفاق يشمل وقفًا دائمًا لإطلاق النار، بينما ترفض إسرائيل الالتزام بذلك، ما يعقد سير المفاوضات التي تقودها مصر وقطر والولايات المتحدة.
مفاوضات شاقة وتعقيدات متزايدة

ورغم استمرار اللقاءات بين الوسطاء وممثلي الجانبين، لم تصل المحادثات إلى اختراق حقيقي، حيث تصر إسرائيل على استعادة جميع رهائنها أولًا قبل الحديث عن وقف القتال، بينما تتمسك حماس بضرورة وقف إطلاق النار بشكل كامل ورفع الحصار عن قطاع غزة.
الموقف الإسرائيلي:
- يطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإطلاق سراح جميع الرهائن قبل الموافقة على أي تهدئة.
- يرفض الجيش الإسرائيلي وقف القتال قبل "تحقيق الأهداف العسكرية"، وأبرزها القضاء على البنية التحتية لحركة حماس.
- ضغوط داخلية من عائلات الأسرى الإسرائيليين التي تطالب الحكومة بالتوصل إلى اتفاق يعيد ذويهم المحتجزين.
الموقف الفلسطيني:
- حماس تشترط وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة كجزء من أي اتفاق.
- تطالب الحركة بإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، بمن فيهم قيادات بارزة.
- تأكيد على رفض أي حلول جزئية لا تضمن رفع الحصار ووقف العدوان على غزة.
تباين دولي وضغوط متزايدة
ويُشكل الموقف الأمريكي عاملًا رئيسيًا في المشهد، حيث تدعم إدارة الرئيس جو بايدن إسرائيل لكنها تمارس ضغوطًا متزايدة لوقف العمليات العسكرية، خاصة في ظل تصاعد الانتقادات الحقوقية والانتهاكات التي تُرتكب بحق المدنيين الفلسطينيين.
أبرز المواقف الدولية:
- مصر وقطر: تواصلان الوساطة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، مع التركيز على الجوانب الإنسانية وإدخال المساعدات.
- الولايات المتحدة: تسعى إلى تمرير صفقة تضمن استعادة الرهائن دون وقف دائم للحرب، لكنها تواجه انتقادات داخلية بسبب دعمها المستمر لإسرائيل.
- الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة: يحذران من كارثة إنسانية غير مسبوقة ويدعوان إلى وقف فوري لإطلاق النار.
- إيران وحزب الله: يدعمان موقف حماس، ويهددان بتوسيع نطاق الصراع في حال استمرار الحرب.
ميدان المعركة.. تصعيد مستمر ودمار متزايد
ورغم المفاوضات، لم يتوقف القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية مناطق واسعة في شمال وجنوب القطاع، مما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى خلال الساعات الماضية.
آخر التطورات الميدانية:
- قصف مكثف على حي الزيتون في مدينة غزة أدى إلى تدمير عشرات المنازل واستشهاد عدد من المدنيين.
- استهداف مستشفى ناصر في خان يونس أدى إلى خروج أجزاء منه عن الخدمة، في ظل انهيار القطاع الصحي.
- المقاومة الفلسطينية تواصل استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية وإطلاق صواريخ على المستوطنات المحاذية لغزة.
- استمرار التوغل البري الإسرائيلي في بعض المناطق، مع مواجهات عنيفة مع كتائب القسام وسرايا القدس.
الوضع الإنساني.. مأساة غير مسبوقة
وتُحذر المنظمات الإنسانية من كارثة تلوح في الأفق مع تفاقم الأزمة الإنسانية داخل القطاع:
- نزوح أكثر من 1.7 مليون فلسطيني منذ بداية الحرب، مع انعدام أي مناطق آمنة.
- أزمة غذاء حادة، حيث يواجه 80% من السكان نقصًا حادًا في المواد الغذائية الأساسية.
- تدمير أكثر من 60% من المنازل والبنية التحتية، ما يجعل إعادة الإعمار عملية طويلة الأمد.
- أزمة طبية خانقة، مع نفاد الأدوية والمستلزمات الجراحية، وانهيار منظومة الإسعافات الأولية.
السيناريوهات المحتملة.. ماذا بعد؟
مع استمرار تعثر المفاوضات، تبقى عدة سيناريوهات مطروحة:
- التوصل إلى هدنة مؤقتة: قد تنجح الوساطة المصرية-القطرية في فرض تهدئة قصيرة الأمد تشمل تبادل أسرى وإدخال مساعدات.
- تصعيد عسكري إسرائيلي: قد تستمر تل أبيب في هجماتها وسط ضغوط داخلية لتحقيق "نصر عسكري" قبل قبول أي هدنة.
- توسيع رقعة المواجهة: احتمالية دخول أطراف أخرى مثل حزب الله في الصراع، مما يؤدي إلى توتر إقليمي أكبر.
- فرض وقف إطلاق نار دولي: قد تضغط الأمم المتحدة وأمريكا على إسرائيل لوقف العمليات، خاصة إذا تفاقمت الأزمة الإنسانية.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال: هل ستُثمر المفاوضات عن هدنة توقف نزيف الدم في غزة، أم أن الحرب ستواصل حصد الأرواح وسط تعنت إسرائيلي وغياب إرادة دولية حقيقية لإنهاء الصراع؟